Beirut weather 16.41 ° C
تاريخ النشر June 30, 2016
A A A
عكار: شركات تعبئة الغاز قنابل موقوتة
الكاتب: نجلة حمود - السفير

لم يأت خبر انفجار محطة لتعبئة الغاز في بلدة برقايل في عكار مفاجئاً، بل يمكن القول إنه نتيجة طبيعية لحال الفوضى القائمة في المحافظة، والناتجة عن وجود شركات تعمل بطرق غير شرعية وأخرى غير مرخصة. هذا فضلاً عن عمل صهاريج الغاز غير الشرعية التي تعجّ بها مختلف البلدات، والتي تعمد إلى توزيع الغاز على المنازل ضمن الأحياء السكنية من دون مراعاة أدنى شروط السلامة العامة، ما من شأنه أن يهدّد بكارثة إنسانية في حال حصول أي خطأ.

وبات واضحاً أن موضوع شركات تعبئة الغاز غير الشرعية لا يجد طريقه إلى الحل والتنظيم في المحافظة، فبالرغم من التقارير الصحافية التي تحدثت مراراً عن حجم الكارثة التي تهدّد عكار، يُعَدّ ما جرى في بلدة برقايل التي نجت بأعجوبة من كارثة قبل أيام مثالاً لما يمكن أن يحدث في عدد كبير من البلدات، إلا أن أي جهة رسمية لم تتحرّك.

ولعل المشكلة الأساس والفضيحة تكمن في وجود شركات للغاز تقع تحت خط توتر نهر البارد الذي يُغذّي كامل المنطقة، وتشكل خطراً ليس فقط على الأحياء السكنية المحيطة وإنما على منطقة ساحل القيطع عموماً، إذ يمر خط التوتر تماماً فوق الشركة. وما يثير الاستغراب أن أعين الأجهزة الأمنية لم تلحظ وجود الشركة ولا وجود التوتر، بالرغم من أن الشركة الواقعة في منطقة جديدة القيطع تتوسط منذ أعوام مثلث بلدات: جديدة القيطع، بيت الحوش، عيون الغزلان.

وما يثير الاستغراب التقارير التي رفعت الى محافظ عكار عماد لبكي وأكدت أنه، من خلال الكشف الميداني الذي أجرته الصحة، وجود خطين للتوتر العالي يمران شرق وغرب الشركة من دون أن تحدد إن كان وجود هذه الخطوط يتعارض مع وجود الشركة، لأنه ليس من اختصاصها!
أما وثيقة الاحالة التي رفعتها القوى الأمنية فتعتمد بشكل أساس على احتمال التأويل والمواربة، من خلال الإيحاء بأن خطوط التوتر لا تمرّ مباشرة فوق الشركة الحاصلة على ترخيص من قبل وزارة الصناعة في العام 2009 تحت رقم 2360 بل تمر بالقرب منها، وكأن ذلك يعطيها الشرعية وينفي الخطر القائم.

107c094d-2e90-42dd-a92f-dd626f144e2c

ويبقى السؤال الأبرز هل تعلم وزارة الصناعة بوضع الشركة القائمة؟ وهل تتحمّل مسؤولية أي كارثة قد تحصل؟ وهل الشركة المذكورة تلتزم بمضمون الترخيص الحاصلة عليه؟ وهل الوزارة التي أعطت الترخيص للشركة تقوم بمراقبة تطبيق مضمون الترخيص؟

ولماذا لا تبادر وزارتا الطاقة والصناعة الى عقد اجتماع مشترك من أجل أخذ القرار لمعالجة أوضاع مراكز ومعامل تعبئة الغاز، وتحديد الصلاحيات، وبالتالي إجبار كل المعامل والمراكز على تسوية أوضاعها بما يتلاءم وشروط السلامة العامة؟

ولماذا لا يبادر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الى الإيعاز للقوى الأمنية ملاحقة الصهاريج لا سيما بين طرابلس وعكار، التي تعمل على تعبئة الغاز في الأحياء السكنية؟ وبالتالي توقيفها وحجزها؟ ومَن يغطي الفساد الحاصل؟ مع الاشارة الى أن عدد المراكز المستوفية للشروط لا يتعدى الخمسة.

وفي هذا السياق حذّر رئيس «نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز ومسلتزماته» في لبنان فريد زينون من مغبّة الاستمرار في الفوضى، نظراً لتداعياتها الخطيرة، لافتاً الى «وجود 140 مركز تعبئة غاز، بحسب إحصاءات وزارة الصناعة تحتاج الى إعادة تأهيل وتجهيز، علماً أن هذه المراكز لا تستطيع الحصول على تراخيص نتيجة تضارب الصلاحيات بين وزارة الصناعة ووزارة الطاقة والمياه».

وأوضح زينون «أن وفداً من النقابة جال على عدد من المعنيين وحذّرهم من مغبّة مراكز تعبئة الغاز في الشوارع، أكانت تلك الموجودة في محطات الوقود أو المتنقّلة بين الأحياء، لأن هذه المراكز تهدّد السلامة العامة، لافتاً الانتباه إلى «أن الصهاريج التي تجوب الأحياء هي من سعة 10 أطنان، وبالتالي فإن انفجار صهريج لسبب ما، يؤدي الى تدمير حي بكامله».
***

ce3724be-771a-4ddb-aacb-5b6f2fbcd8fe

الأضرار التي خلفها انفجار المحطة في بلدة برقايل.