Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر February 17, 2018
A A A
عفرين إلى الحل الدمشقي وأميركا تُراقِب بانزعاج
الكاتب: ايليا ج مغناير - الراي

دخلتْ المفاوضات بين الدولة السورية والإدارة المركزية في مدينة عفرين السورية – الكردية مراحلها الأخيرة ليبقى بندٌ واحد معلّقا ومن المفروض ان يُحل قريباً لمنْع تدمير الكانتون تحت ضربات الجيش التركي وحلفائه. فهل يقبل الأكراد بالانصياع الكلي لطلبات دمشق قبل فوات الأوان أم يفضّلون الخسارة الشاملة؟

في 20 كانون الثاني الماضي أطلقتْ تركيا العنان لعملية «غصن الزيتون» لاحتلال مدينة عفرين السورية – الكردية تحت عنوان «إزالة الخطر على أمنها القومي». ولم تستطع أنقرة إطلاق عمليتها إلا بعد انسحاب القوات الروسية من المدينة عقب فشل المفاوضات بين القيادة السورية في دمشق ومركز حميميم والادارة الكردية في عفرين التي رفضت تسليم المدينة والسلاح والادارة المالية وقبلت حينها بأن يدخل الجيش السوري ليتسلم فقط النقاط الحدودية مع تركيا وإعادة تفعيل مراكز الشرطة داخل المدينة.

وبعد مرور نحو 27 يوماً على بدء المعركة، استطاعت القوات التركية المدعومة من أحزاب وتنظيمات سورية مختلفة وأخرى تركمستانية جهادية تدمير عدد من القرى الثلاثمائة المنتشرة في الكانتون الكردي وأحرزت بعض التقدم على الجبهات الشمالية والغربية والشرقية لعفرين التي لا تزال تقاوم.

إلا أن المفاوضات التي تجري هذا الأسبوع بين الجيش السوري والاكراد بضمانة القوة العظمى الروسية أوصلت إلى حلحلة كل الأمور تقريباً ما عدا نقطة واحدة لا يزال أكراد عفرين يتشاورون من اجلها. وأبرز النقاط التي وافقت عليها الإدارة المركزية الكردية هي:

– تسليم الادارة المركزية إلى الدولة السورية.
– تسليم جميع المراكز العسكرية داخل وخارج المدينة إلى الجيش السوري شرط أن لا يبقى أي مظهر مسلح في المدينة.
– تسليم كل الآليات والأسلحة الثقيلة إلى الجيش السوري ومعهم كل المخازن المكدسة في المدينة ومحيطها وقراها.

إلا أن الإدارة الكردية لا تزال تفاوض من أجل نقطة مهمة: «انه على أكراد عفرين ان يسلّموا كل السلاح الخفيف والسلاح الفردي على ان لا يبقى أي سلاح بيد الشعب لان السلطة تعود للجيش السوري. وبالتالي فان عفرين وشبابها المطلوبين للخدمة العسكرية يصبحون تحت واقع الالتحاق بالجيش السوري من أجل القيام بواجبهم الوطني».

* القيادة السورية تتوقع قبول الأكراد بسيطرة الدولة على الكانتون تماماً كما كان الوضع في 2011

وتتوقع القيادة في دمشق ان يقبل أكراد عفرين بالشروط السورية التي تقضي بسيطرة الدولة وأجهزتها على الكانتون تماماً كما كان الوضع عليه العام 2011. اما الخيار الآخر امام عفرين –في حال الرفض– فيتمثل بالبقاء تحت رحمة القصف التركي وتقدُّم القوات الموالية لأنقرة في المنطقة وخسارة بلدة تلو بلدة وتدمير المنازل والممتلكات.

ولذلك فإن دمشق على ثقة بأن الأمور ستتحلحل في الأيام المقبلة مع تدخل روسيا لوقف تركيا عن عملية «غصن الزيتون» ووضع حد نهائي لها عندما تنتهي الأمور التنسيقية بينهما.

أما الولايات المتحدة فهي تدعم تركيا في حربها هذه لسبب مهم وأساسي: على تركيا أن تبقى في سورية وتحتل جزءاً من أراضيها كي لا تبقى أميركا وحدها في الميدان تحتل جزءاً كبيراً من الأراضي السورية في الشمال – الشرقي (نحو 24 في المئة من الأراضي) ومَصادر كبيرة من الطاقة.

وبالتالي إذا خرجتْ تركيا فإن أميركا لا تملك أي خيار آخر إلا الإعلان عن احتلالها رسمياً للأراضي السورية، في حين أن وجود أكثر من دولة تحتل جزءاً من سورية يصبّ في مصلحة إطالة أمد تواجد أميركا على الأراضي السورية تحت حجة مكافحة الإرهاب وقتال قوات «الدولة الاسلامية» (داعش) التي تتمركز داخل المنطقة التي تسيطر عليها القوات الأميركية.

وبإنتظار إعلان أكراد عفرين الموافقة على اللمسات الأخيرة للاتفاق، تبقى سورية مكان تجاذب بين الدول الموجودة على أرضها والتي أصبحت تقاتل بجنودها وقوات رديفه لها، دون التردد بطلب حصة سياسية أو عسكرية أو جغرافية من بلاد الشام. إلا ان دمشق التي تصبح كل يوم أقوى من قبل، ما زال باستطاعتها قول كلمتها وهي لن تتخلى عن الأرض، كل الأرض. وبتسليم عفرين إلى «سلطة الدولة السورية» يصبح أكراد الحسكة وحدهم تحت سلطة أميركا، وبالتالي فإن من المتوقع ألا يطول الأمد قبل ان تفهم واشنطن انها لم تعد تملك الأرض وان وجودها سيتعرض للاهتزاز لأن الحسكة لن يطول بها الأمر لتتحوّل أرضاً معادية (لأميركا) ترى من مصلحتها العودة إلى كنف «سلطة الدولة».