Beirut weather 27.41 ° C
تاريخ النشر October 9, 2024
A A A
عضّ أصابع في الميدان.. من يصرخ أولا؟!
الكاتب: غسان ريفي

“كتب  غسان ريفي في “سفير الشمال

أسبوع كامل مرّ على إعلان إسرائيل بدء الغزو البري للبنان، بهدف تحقيق هدف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بإعادة المستوطنين الى منطقة شمال فلسطين المحتلة بأمان.

لم يحقق العدو أي خرق في هذه العملية البرية، باستثناء أنه خسر نحو عشرين قتيلا وجريحا من الجنود الصهاينة مقابل أخذ صورة واحدة على حدود القرى الجنوبية قبالة بلدتيّ يارون ومارون الراس، وإستخدم أمس مركز قوات اليونيفل للتسلل منه الى حديقة مارون الراس التي أنشئت على أنقاض الدبابات والآليات الاسرائيلية التي دمرت في العام ٢٠٠٦ والملاصقة للشريط الحدودي، لرفع علم إسرائيل والايحاء للمجتمع الصهيوني أنه يحقق تقدما في عمليته البرية.

الحقيقة الواحدة في هذه العملية البرية هي أن المقاومة تتسلم زمام المبادرة وتتحكم بالميدان وتعتمد تكتيكات عسكرية في المواجهة النارية وفي الاستدراج وفي الالتفاف حول جنود العدو، ما أدى خلال الاسبوع الأول الى إخراج نحو ٢٠٠ ضابطا وجنديا إسرائيليا من الخدمة قتلى وجرحى وفارين.

وبالتزامن، بدأت المقاومة الاسلامية بتصعيد ضرباتها وتكثيفها بإتجاه المستوطنات الاسرائيلية وبإصابة الأهداف التي وضعتها بعد فشل الدفاعات الجوية الاسرائيلية في التصدي لها والتي لم تعد قادرة على مواجهة كمّ الصليات الصاروخية التي تطلقها المقاومة على مدار الساعة.

كل ذلك، أدى الى إغراق تل أبيب والمستوطنات المحيطة بها بأعداد إضافية من النازحين ما يضاعف من العبء الاسرائيلي الذي تجسد أمس بهجوم ساحق للمعارضة على نتنياهو الذي لم يعد يمتلك جوابا مقنعا لاستمرار هذه الحرب في غزة ولبنان في ظل عدم قدرته على تحقيق أي هدف من الأهداف التي أعلنها وفشل الجيش في تحقيق أي إنجاز في عملية الغزو البري للبنان.

هذا هو واقع الميدان الحقيقي، وما دون ذلك، هو مجرد إعتداءات إسرائيلية تتمثل بالتدمير الممنهج لجنوب لبنان وبقاعه وضاحية بيروت وقتل المدنيين بدم بارد وأمام مرأى المجتمع الدولي، واللجوء الى عمليات الاغتيال بالاعتماد على الوسائل التكنولوجية للحلفاء، ومحاولات حثيثة لنشر الاحباط وفرض الشروط بمنطق المنتصر في الحرب فيما الأمور ما تزال في بدايتها، والانتصار الذي يعد به نتنياهو سواء في غزة او في لبنان ما يزال بعيد المنال ولا وجود له في قاموس المقاومة.

تشير المعلومات الى أن الاتصالات الدبلوماسية ما تزال متوقفة، وأن كل الجهود المبذولة من الدولة اللبنانية والاتصالات التي تجريها لم تنجح في تحريك أي ساكن دولي أو عربي حتى الآن، باستثناء بيانات التضامن وإرسال المساعدات، ما يؤكد أن الجميع ينتظر أن يؤسس الميدان للحراك الدبلوماسي وان يطلب المفاوضات من يخسر في لعبة عضّ الأصابع ويصرخ أولا.

لا شك في أن نتنياهو ظن أنه باغتيال قيادات حزب الله وعلى رأسها الأمين العام الشهيد السيد حسن نصرالله وإرتكاب مجزرتيّ البايجر والاجهزة اللاسلكية وتدمير الضاحية ودفع أهلها الى النزوح سيصيب مقتلا من المقاومة وصولا الى إنهاء حزب الله، وهو فعلا بدأ التعاطي الفوقي بناء على هذا المعطى، وصولا الى فرض الشروط بما في ذلك سحب سلاح الحزب وتغيير وجه منطقة الشرق الأوسط.

حسابات نتنياهو لم تتطابق مع تطورات الميدان الذي أثبت أن المقاومة وبزمن قياسي تجاوزت الضربات الموجعة وعملت على تنظيم صفوفها، ولعل حركة المقاومين في التصدي والمواجهة ومنع الصهاينة من التقدم جنوبا، وإستهداف المستوطنات بصليات الصواريخ على مدار الساعة هي أكبر دليل على أن نتنياهو كان يراهن على سراب يحسبه الظمآن ماءً.

لذلك، فإن محاولات إسرائيل التفاوض تحت النار لن تجدي نفعا، والمقاومة تتطلع الى هدنة أو وقف لاطلاق النار لكن ضمن الثوابت والمسلمات والتعديلات التي كانت وافقت عليها سابقا في الاتفاق الأميركي الفرنسي الذي غدر به نتنياهو وإنقلب عليه.

ولا شك في أن نتائج الميدان هي الكفيلة بتحريك الاتصالات الدبلوماسية مجددا والتي سيكون مدخلها وقف إطلاق النار الذي يشكل أولوية ومن ثم يصار الى النقاش في الترتيبات الحدودية وتطبيق القرار ١٧٠١ وفي الملفات الداخلية ولا سيما الملف الرئاسي.