Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر October 31, 2017
A A A
«عصبة الانصار» بعد القرار الاتهامي
الكاتب: محمود زيات - الديار

«عصبة الانصار» بعد القرار الاتهامي.. هل تبقى شريكة في معالجة الافخاخ في عين الحلوة
*

احدث القرار الظني الذي اصدره المحقق العدلي في جريمة اغتيال القضاة الاربعة في صيدا، في حزيران العام 1999، والذي اتهم مسؤول «عصبة الانصار الاسلامية» الشيخ احمد عبد الكريم السعدي الملقب «ابو محجن» ومجموعة من مناصريه، ارباكا ما زال متسترا، من دون ان يترك ارتدادات تؤثر على التعاطي اللبناني والفلسطيني مع ملف الوضع الامني في مخيم عين الحلوة، وسط اجماع لبناني ـ فلسطيني على متابعة ملف المطلوبين اللبنانيين والفلسطينيين للقضاء اللبناني، على خلفية تورطهم في عمليات ارهابية في الداخل اللبناني، كواحد من اكثر الملفات الامنية تعقيدا وحساسية لدى الجهات العسكرية والامنية اللبنانية.

فاتهام السعدي المتواري عن الانظار منذ ثمانية عشر عاما، وفق ما تقرأ اوساط قيادية فلسطينية، جاء بالتزامن مع مناخ من التعاون يجري بين الجيش اللبناني والاجهزة الامنية الاخرى والقيادات الفلسطينية، ومن بينها قيادات عصبة الانصار الاسلامية، على خط اخراج بعض احياء مخيم عين الحلوة من دائرة الارهاب لوجود مربعات امنية للجماعات الاسلامية المتطرفة التي تأوي ارهابيين مطلوبين، ومن بينهم شادي المولوي الذي «غادر» المخيم قبل ايام، اذا صحت المعلومات الصحافية و»الترجيحات الامنية»!، وبالفعل، فقد ترك القرار الظني تداعيات بدت «خجولة»، بيقت اضرارها على الواقع الفلسطيني في المخيم محدودة، جراء التعاطي المرن لـ «عصبة الانصار الاسلامية» مع القرار الاتهامي، حيث رفض قياديو العصبة التعليق على القرار وابتعدوا عن «الحماسة الاعلامية» التي غزت هواتفهم، لكنهم ابقوا على قنوات الاتصال والمتابعة الخاصة بملف المخيم مفتوحة، بالمقابل، اعطى مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم اشارة قرأتها العصبة بايجابية، حين لفت الى ان اتصالات سيجريها مع «عصبة الانصار» لمعالجة الملفات الامنية في عين الحلوة، في ضوء الحديث عن مغادرة المولوي وصدور القرار الاتهامي الذي طال المسؤول الاول للعصبة وقياديين منها، ما يعني ان الخطوط بين الجهات الامنية اللبنانية وعصبة الانصار لن تنقطع بفعل صدور القرار الاتهامي، وان كان سيضيِّق من هامش الحركة على قياديي العصبة ويفرض تعديلات في الحركة وشكل الاتصالات.

«امراء الجماعات» خرجوا من «عصبة الانصار» احتجاجا على انفتاحها
يوم الجمعة الماضي، لم يحضر قياديو «عصبة الانصار» الى بيروت، للمشاركة في اللقاء الذين جمع مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم بالقيادات السياسية الفلسطينية، بعد ان درجت العادة ان يشارك شقيق الشيخ ابو محجن الشيخ ابو طارق السعدي والناطق الاعلامي الشيخ ابو شريف عقل، لكن «ملائكتها» الممثلة بامير الحركة الاسلامية المجاهدة كانت حاضرة، وتلفت الاوساط المتابعة، ان قياديي عصبة الانصار، وان اشعرهم القرار الاتهامي بالحرج والارباك، الا انهم ابدوا مرونة في التعاطي مع الموضوع، سيما وان جميع الابواب السياسية والامنية والعسكرية الفلسطينية واللبنانية كانت مفتوحة حتى الامس القريب لقياديي العصبة التي تتميز عن تركيبتها وتكوينها عن غيرها من التنظيمات الاسلامية، انها من ضمن النسيج الاجتماعي للمخيم، وقياديوها، كما سكان المخيم، من لاجئي العام 1948، من عائلات فلسطينية لها وزنها في خارطة التركيب العائلي والعشائري والمناطقي الذي يقوم عليه مخيم عين الحلوة، وان الانفتاح الذي ابدته خلال العقد الاخير تجاه الفصائل الفلسطينية والاجهزة الامنية اللبنانية في ما خص الوضع في عين الحلوة، دفع بعشرات الاسلاميين المتطرفين الى الخروج من صفوفها، وشكلوا جماعات اسلامية متطرفة، تتناغم مع اجندات تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة»، وفق ما اكدت التحقيقات عن الموقوفين منهم، واحدهم الارهابي عماد ياسين الذي يحاكم لدى القضاء اللبناني الذي ارتسمت علامة استفهام عما اذا كان هو من ذكر اسم «ابو محجن» واتهمه بانه «اعطى الامر باغتيال القضاة الاربعة لضرب هيبة الدولة» وفق ما تم تناقله، بالتزامن مع صدور القرار الاتهامي… ثمة من كان اطلق همسا امنيا، عن دور ما لـ «عصبة الانصار الاسلامية»، في عملية الكومندوس التي نفذتها وحدة من مخابرات الجيش اللبناني في حي الطوارىء داخل المخيم، وادت الى سوق ياسين الى العدالة.

السقف الذي يحكم العلاقة مع القيادات الفلسطينية:

ممنوع تحويل عين الحلوة الى بؤرة تستهدف الفلسطينيين واللبنانيين
اللواء ابراهيم الذي يُمسك مع الجيش اللبناني بدفتي الملف الامني في مخيم عين الحلوة، نجح في فتح قنوات وخطوط اتصال وتعاون وتنسيق مع مختلف القوى والفصائل والتيارات الفلسطينية داخل المخيم، وعزز القنوات القائمة مع قياديي «عصبة الانصار الاسلامية» التي قامت بخطوات تتعلق بتسوية ومعالجة ملفات امنية حساسة، ليس آخرها عملية تسليم الارهابي خالد مسعد المعروف بـ «خالد السيد» المرتبط بشبكة تفجيرات رمضان التي لم تنفذ، جراء اكتشاف الشبكة من قبل الامن العام اللبناني واعتقال عناصرها الفلسطينيين والسوريين ومن جنسيات اخرى، وقد لاقت خطوة تسليم «مسعد» التي نفذتها العصبة بالشراكة مع حركة «حماس»، اصداء ايجابية لدى الجهات الامنية اللبنانية التي قابلتها بخطوات انفراجية تتعلق بحركة الدخول والخروج عند مداخل المخيم، ومعالجة مرنة لاعتراضات ظهرت داخل المخيم على مسار الجدار الاسمنتي الذي يقيمه الجيش عند اطراف المخيم، فيما ساهمت عصبة الانصار في ردع الجماعات الاسلامية المتطرفة المتمركزة في حي الطواىء المتاخم لمراكز عسكرية للجيش اللبناني، حين سعت الى فتح اشتباكات من خلال استهداف الجيش، كمحاولة لارباكه والتخفيف من وطأة عملية «فجر الجرود» التي نفذها الجيش ضد التنظيمات الارهابية في جرود رأس بعلبك والقاع. يومها اشاد اللواء ابراهيم بـ «العقلاء من القوى الفلسطينية الذين تنبهوا لهذا الأمر، وتعاملوا مع الرسالة الواضحة التي أبلغناهم إياها بروح من المسؤولية… ليس مسموحا لا الآن ولا لاحقا، بأن يتحول المخيم إلى بؤرة تستهدف الفلسطينيين واللبنانيين على حد سواء»..راسما السقف الذي يحكم العلاقة بين الجهات الامنية اللبنانية والقيادات الفلسطينية في لبنان.

لم يجزم احد من قادة الاجهزة الامنية اللبنانية، ان لبنان بات خارج دائرة الارهاب، امام مخيمات فلسطينية مقفلة ومع خارطة الانتشار العشوائي لتجمعات النازحين السوريين، وسط مخاوف متزايدة من تحول بعض هذه التجمعات الى بؤر لارهابيين، كما حصل في تجمعات عرسال، فالخوف يبقى من الخلايا النائمة… وربما المستيقظة، والوضع في مخيم عين الحلوة ما زال يشكل احد المخاوف الامنية من قدرة المجموعات الارهابية التي ما تزال موجودة، على القيام بعمليات تستهدف الامن اللبناني، وبالتالي، فان ضغوطا جدية تُمارسها الجهات اللبنانية لتفعيل قدرة القوى الفلسطينية واجهزتها الامنية من معالجة ملف المطلوبين، بالطريقة التي تضمن امن المخيم والجوار، وتصفية اي وجود لمثل هذه المجموعات، ترى الاوساط، ان حضور عصبة الانصار في الوصول الى تحقيق هذه المهمة، سيزيل الكثير من العقبات والصعوبات التي قد تعترضها، والمراهنة على دور اساسي للعصبة في اخراج المخيم من التوتير الامني وحل عقدة المطلوبين، تعززه التجارب السابقة التي حصدت الكثير من الانجازات الامنية داخل المخيم..فكيف مع ملف شائك كملف المطلوبين المتورطين في عمليات ارهابية موصوفة؟.

«عصبة الانصار» ..هل تبقى شريكة في معالجة ملف المطلوبين؟
يُقِرُّ كثيرون من قادة القوى والفصائل الفلسطينية في مخيم عين الحلوة، بان الهدوء الامني الذي يشهده المخيم، منذ انتهاء جولة عنيفة من الاشتباكات سجلت بين حركة «فتح» والقوة الامنية الفلسطينية من جهة وبين الجماعات الاسلامية المتشددة التي عرفت في السابق باسماء متعددة، منها «جند الشام» و«فتح الاسلام» و«الشباب المسلم»، جاء بعد ان لوَّحت «عصبة الانصار الاسلامية» وشريكتها «الحركة الاسلامية المجاهدة» واميرها الشيخ جمال خطاب، بموقف حاسم تجاه ما يجري من توترات امنية في المخيم، وحذرت مسؤولي الجماعات، وبعضها يتبنى «الفكر الداعشي»، من تداعيات اي عمل امني قد تقوم بها داخل المخيم وخارجه، انسجاما مع سلوك العصبة مسار التنسيق والتعاون مع الاجهزة الامنية اللبنانية في اطار جامع مع كافة الفصائل الفلسطينية. تلا هذه الاجواء حماسة من بعض المتورطين مع الجماعات الاسلامية المتطرفة، لتسليم نفسه الى الجيش اللبناني، طالما ان ملفه ما زال «متواضعا» من الناحية الامنية، اضافة الى التزام بعض الرموز المطلوبة بالانكفاء عن الشارع وسط احتجاب تام عن الاعلام، وتُوِّجت هذه الخطوات بمعلومات تم تداولها على المستويين الامني والشعبي، عن مغادرة اكثر من سبعة مطلوبين لبنانيين المخيم، من بينهم شادي المولوي، الامر الذي احدث انفراجا اعطى زخما للمضي في ملف بقية المطلوبين.

وعلى الرغم من حساسية القرار الاتهامي وحجمه، تلفت الاوساط القيادية الفلسطينية الى ان لا تأثيرات دراماتيكية على القرار الاتهامي، وان عصبة الانصار التي ابتعدت عن طريق الاثارة والتشويق الاعلامي، ملتزمة الصمت وماضية في دورها الى جانب الفصائل الاخرى، وبالتعاون مع الجهات الامنية اللبنانية، لمعالجة ملف المطلوبين وصولا الى بيئة امنية سليمة في عين الحلوة.