Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر August 6, 2019
A A A
عريجي محاضراً بدعوة من جمعية بيار فرشخ: لا تزال مجتمعاتنا تعاني تداعيات الحرب
الكاتب: موقع المرده
<
>

اكد عضو المكتب السياسي في المرده الوزير السابق روني عريجي اننا لا نزال نعاني تداعيات الحرب وجميعنا فشلنا في معالجات ما بعج الحرب وتمنعنا بالفعل وبعدم الفعل لغاية اليوم عن اعادة بناء الوطن والانسان.
كلام الوزير عريجي جاء خلال لقاء نظمته جمعية بيار فرشخ ضمن نشاطاتها لصيف 2019 برعاية بلدية زغرتا اهدن وبحضور رئيسها السيد انطونيو فرنجيه الى اعضاء الجمعية ومهتمين.
اللقاء الذي انعقد في دير مار سركيس وباخوس في اهدن وحمل عنوان “تشييد مجتمعات ما بعد الحرب” ادار خلاله الحوار مع الحاضرين مسؤول اللجنة الثقافية في بلدية زغرتا الدكتور جورج دحدح، وتحدث خلاله الى الوزير عريجي كل من نائب مدير المعهد الثقافي الفرنسي في لبنان لوتشيانو ريسبولي، الرئيس السابق لمركز التربوي للبحوث والانماء البروفيسور نمر فريحة والكاتب والروائي جبور الدويهي.
في بداية اللقاء تحدثت مديرة جمعية بيار فرشخ السيدة بوليت فرشخ فلفتت الى ان لقاء اليوم يتزامن مع عيد مولد شقيقها الشهيد بيار فرشخ الذي قضى خلال الحرب اللبنانية شاكرة المنتدين والحضور.
من جهته الوزير عريجي شكر جمعية بيار فرشخ لتحويلها، جريمة وحشية وقعت أثناء الحرب الأهلية وخطفت من هذه الحياة الفنان بيار فرشخ، إلى فعل وطني إنساني إيجابي.

وقال اننا لا نزال نعاني تداعيات الحرب في انتشار السلاح وتفلّت الغرائز واستسهال الجريمة وعدم المساءلة وقيام شريعة الغاب والرشوة والعشائرية الهوجاء وتغييب سلطان القانون…….وجعل هذا الأخير وجهة نظر تستعمل من قبل الأحزاب والجماعات الطائفية دعما لسياساتها الضيقة والأنية على حساب المصلحة الوطنية العليا، والشخصانية البحتة في ممارسة السلطة، والأخطر من ذلك استحضار الغرائز الطائفية في كل مناسبة سياسية كانت أم فنية.

وتابع: فشلنا جميعاً في معالجات ما بعد الحرب، وتمنعنا بالفعل وبعدم الفعل لغاية اليوم عن إعادة بناء الوطن والإنسان.

هذا التوصيف للواقع يقود إلى أسئلة العقل حول وسائل الإصلاح بين الثقافة والتربية في البيت والمدرسة والجامعة ودور الإعلام والمؤسسات والجمعيات في المجتمع الأهلي وفي خطورة انكفاء أجهزة الدولة عن الاضطلاع بدورها على الصعد كافة….
إضافة الى ضرورة أخذ بعين الاعتبار دور وسائل التواصل الاجتماعي المستجد منذ سنوات والذي بات عاملاً أساسياً لا يمكن تجهاله في كل مقاربة سياسية، اجتماعية وثقافية.

من هنا أهمية طرح مسألة مساهمة الثقافة في بناء المجتمعات التي تعرضت لمحن كبيرة في مسيرتها قوضت وهزت أسسها ومبادئها.

واضاف: شكّلت الثقافة والوعي وحرية الرأي والفكر، جزءاً هاماً من نسيج مجتمعنا اللبناني، وتحوّلت مشروعاً حضارياً حوّله مفكرونا دوراً ونهجاً….. وسم لبنان بطابع خاص جعلت منه الوطن الرمز الداعي إلى التسامح والحوار وقبول الآخر، وقد عبّرت الاونيسكو عملياً عن هذا الدور يوم استَحدِثَ المركز الدولي لعلوم الإنسان في جبيل سنة 1970، عَبْر بيان أممي اعتبر لبنان، بوصفه الجيوسياسي جسر التقاء حضارات الشرق بالغرب.
إنما هذه التجربة الثقافية لم تكن كافية لحمايته من الإنزلاق الى هاوية الحرب والعنف المدمر للبشر والحجر.

أنا شخصيا اعتقد أن ضعف الثقافة يولّد العنف. جرائم التاريخ والمجازر سبّبها الجهل والأنانية والطمع والمال والنفوذ، وكل الحروب، بأسبابها والنتائج توصل إلى هذه النتيجة.

وحدها المعرفة والعلوم والثقافة تبني مجتمعات إنسانية ودولاً حرّة تحمي بقوة القوانين المدنيةحرية الآخر، ومن هذا المنطلق علينا أن نطور تجربتنا الثقافية على كل الصعد عبر خلق المناخات المناسبة لنمو الثقافة وإيجاد البنى التحتية لتطورها، ومن هنا ضرورة مدّ وزارة الثقافة بالإمكانيات اللازمة لتضطلع بدورها الوطني والبنيوي في جعل الثقافة إحدى وسائل بناء الإنسان المتنور، المنفتح الواع لحقوقه ولواجباته.وهنا استذكر قول الزعيم التاريخي تشيرشل الذي عندما طلب منه في عز الحرب تخفيض مساهمات الدولة في القطاع الثقافي، فرفض مجيباً : وفي هذه الحالة لماذا نقاتل وعمن ندافع ؟
فما أبعدنا في لبنان عن هذا التوجه، حيث تهدر الملايين بينما تشكل ميزانية وزارة الثقافة ما يعادل ٠،١ من الميزانية العامة.ونتساءل لماذا لم نخرج من النفق ؟

ورأى ان “من الحلول العملية والتي اعتقد انها أساسية في بناء مجتمعات بعد الحرب تكمن في تنقية الذاكرة Devoir de memoir
هي مهمة صعبة ودقيقة، تقضي بمعالجة بعض ذيول الحرب التي لا تزال عالقة ومنها كشف مصير الأشخاص الذين فقدوا بهدف تنقية الذاكرة والمسامحة وليس بهدف الانتقام أو نبش القبور. ومن هذا المنطلق أيضا، يقتضي استذكار الحرب ضمن إطار وطني جامع وموضوعي وعلمي (بعيداً عن الفولكلور) يهدف الى توعية الأجيال على مآسيها ونتائجها، علهم يتعظون ويعالجون الاسباب التي أدت اليها وتجنب تكرار هذه التجربة المريرة.

وقال: إذا كانت الثقافة هي المصالحة الإنسانية الكبرى، اللاغية للكراهية والعنف، فالمشروع الثقافي يحتّم تضامناً واعياً وفهماً مشتركاً بين القادة والقاعدة، وتواطئاً إيجابياً بين السلطة والناس لبناء كيان يليق بالإنسان اللبناني.

ولكن لا ثقافة من دون حرية: حرية الرأي والفكر والقول. والقلق اليوم على هذه الحرية من محاولات استحداث رقابات خاصة ومحاكمات شعبية من شأنها تدمير وتقويض هذه السمة الأساسية التي ميزت لبنان طوال قرون وجعلته على ما هو عليه. هنالك محاكم مدنية ارتضيناها في دستورنا لقول الحق وفصل النزاعات، فيلتجئ اليها المتضررون ويحترم قراراتها الجميع.

في الخلاصة، ورد في ديباجة ميثاق منظمة الاونيسكو:
“لما كانت الحروب تولد في عقول البشر، ففي عقولهم يحب أن تُبنى حصون الإنسانية والسلام”.
وقناعتي راسخة بأن للثقافة دوراً محورياً للمساهمة في هذه المهمة الرسالة.

من جهته لفت الدويهي أن كل أعماله تقريبًا تتناول، بطريقة أو بأخرى ، موضوع العنف.
اما ريسبولي فأسف كون الدولة اللبنانية لم ترافق أو تدعم حتى الآن الصناعات الثقافية والإبداعية، مؤكدا ان الثقافة هي الوسيلة الوحيدة المتاحة للجميع لمحاربة الخوف من الآخرين، ضد النزاعات، وكذلك ضد اللامبالاة. وقال: “سيكون من الأنسب التحدث عن الثقافات في صيغة الجمع لأن بلدي يناضل من أجل التنوع وحرية التعبير واحترام القانون”.

اما فريحة فاعتبر ان “المهمة الأولى التي ينبغي أن تقوم بها الدولة بعد الحرب الأهلية هي التشكيك في برامجها المدرسية لانه إذا كانت هذه البرامج مناسبة بما يكفي، فلن تنشب حرب”.