Beirut weather 25.77 ° C
تاريخ النشر September 11, 2023
A A A
عجقة موفدين.. هل دقّت ساعة الحسم؟
الكاتب: حبيب البستاني - اللواء

فجأة وبدون سابق إنذار، وفي الوقت الذي أعتقد فيه الكثيرون أن لبنان متروك لقدره، وأن لا أحد في هذا العالم الكبير ومشاكله المتفاقمة عنده النيّة والوقت للاهتمام بشؤون هذا البلد الصغير وانتخاباته الرئاسية والذي ما ان يخرج من أزمة حتى يغرق في أزمة أخرى، فجأة تتجه البوصلة مجدداً نحو بلد الأرز وكأن أسطورة طائر الفينيق عادت حيّة وكأننا نعيش يومياً الانبعاث من الرماد. نعم كلهم هنا أو أقلّه هم على الطريق، فبعد زيارة كبير المستشارين لدى الإدارة الأميركية أموس هوكشتاين الذي رعى توقيع الترسيم البحري وبدء التنقيب عن الغاز مع فخامة الرئيس العماد ميشال عون، الذي تزامن قدومه مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي ويا للصدفة، حمل البشرى من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي كان قد التقاه عشية زيارته. واليوم ينتظر لبنان قدوم الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الذي من المتوقّع أن يزورنا في الحادي عشر من أيلول وذلك بُعيد اجتماع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي وذلك على هامش لقاء الدول العشرين في نيودلهي. بالإضافة إلى مجيء الموفد القطري.
في الحركة بركة
كل هذا الحراك الدبلوماسي الإقليمي والدولي هو في سبيل هدف واحد وهو تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية، ولكن السؤال المشروع هل أن كثرة الطباخين لا «يشوشط الطبخة»؟ وهل جميع الموفدين ملتزمون بأجندة واحدة أم أن كل دولة لها أجندتها الخاصة إن لم نقل مرشحها الخاص بها؟
لقد أعتقد البعض أن لودريان لم يعد يلقى الدعم من الخماسية لا من السعودية ولا قطر ومن ورائهما الولايات المتحدة، وهذه التحليلات هي بحت محلية وتنم عن تمنّي البعض بفشل المبادرات وبالتالي فهم يبشّرون ليل نهار أن الحل بعيد وأن ساعة الحسم لم تحن بعد. ولكن وكما يقال بالعربي الدارج «المياه تُكذّب الغطاس» وها هو الرئيس الفرنسي يعلن صراحة دعمه للودريان ووقوف فرنسا خلف مبادرته وهكذا فالمبادرة قائمة وليست بحاجة لكثير من الدعم من هنا أو هناك. ويعلق أكثر من مصدر على الحماس الفرنسي المفاجئ قائلاً بأن التطورات الأفريقية والانقلابات المتتالية في الدول التي تدين بالولاء لفرنسا دفع بماكرون إلى الاتجاه صوب لبنان، البلد الذي تجمعه بفرنسا علاقات تاريخية والتي لا يمكن للأم الحنون أن تتخلّى عنه تحت أي مصوغ.
الحاجة أم الاختراع والجيو بوليتيك تتحكّم بالسياسة
كما كانت الحاجة كبيرة إلى الطاقة بعد الحرب الأوكرانية ونشوء أزمات في قطاعات الكهرباء والطاقة نجمت عن توقف إمداد أوروبا بالغاز الروسي، بدت أوروبا أكثر من أي يوم مضى بحاجة إلى مصادر بديلة للطاقة على المدى القريب والبعيد في آن معاً. من هنا جاءت الحماسة الأميركية للترسيم البحري جنوباً تهيئة للبدء بالتنقيب عن الغاز واستخراجه في القريب العاجل. وقد كان لبنان الرسمي برئاسة العماد عون جاهزاً للتوقيع وذلك بعد إنجاز مراسيم النفط، وذلك بالرغم من معارضة أكثر من فريق داخلي كان وبسبب النكد السياسي يعلن عن عدم جدوى موضوع الغاز وأن لا وجود له في المياه الإقليمية اللبنانية.
واليوم كما الأمس فلبنان أصبح حاجة وأصبح انتخاب الرئيس أولوية عند الجميع لا سيما الفريق الفرنسي.
أبقاش بدّها
هكذا يتقاطر الموفدون وممثلو الدول المؤثرة إلى لبنان، وما دعوة رئيس المجلس المستجدة لجلسات متتالية لانتخاب الرئيس مغلفة بالدعوة إلى الحوار، إلّا الترجمة لهذا الجو الدولي المستجد. فالموفدون قادمون للمشاركة في صناعة الرئيس، فلا أحد يريد عزل نفسه عن المشاركة بالعرس، وإلّا فإنه سيخرج منه صفر اليدين وهذا ما لا يريده أحداً. فهل دقّت ساعة الحسم؟
* كاتب سياسي