Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر August 25, 2019
A A A
عجز لبنان المالي مسؤولية من؟
الكاتب: العالم

ما لم يكن متوقعاً حصل. أن تقوم وكالة «فيتش» بخفض التصنيف السيادي للبنان بدلاً من وكالة «ستاندر أند بورز» التي استحوذت على كامل انتباه المعنيين، فأغفلوا «فيتش». أما اعتبارات هذه الأخيرة في خفض التصنيف فهي تكمن في الاحتياطات الصافية بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان والتي تكشف عن عجز بقيمة 32 مليار دولار. مفاعيل هذا القرار ليست كارثية، لكنها مؤشّر على أن الأزمة تشتدّ وليس مؤشرا على الانهيار.
قرّرت وكالة “فيتش” أن تخفض تصنيف لبنان من درجة (B-) إلى(CCC) . ما يعني أن قدرة لبنان على سداد ديونه ضعيفة مع احتمال التخلّف عن السداد. وفي الوقت نفسه، أصدرت وكالة “ستاندر أند بورز” تصنيفها للبنان، مؤكدة أنه لا يزال عند مستوى (B-. تبريرات “ستاندر أند بورز” للإبقاء على التصنيف عند مستوياته السابقة، مناقضة تماماً لحسابات “فيتش”. ما يعني أن خفض التصنيف من قبل “فيتش” يضع لبنان ضمن درجة (احتمال التعثّر) من قبل وكالتين، إذ إن “موديز” سبق أن خفضت تصنيف لبنان في مطلع السنة الجارية إلى هذا المستوى.
وزارة المال اللبنانية أصدرت بياناً قالت فيه “إن تصنيفَي “فيتش” و”ستاندر أند بورز” يذكّران بأهمية خفض العجز وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي بدأنا بها، وسنزيد وتيرتها في موازنة 2020 وما بعد… وأن لبنان لديه القدرة على تجاوز الصعاب”.
وفي هذا المجال أكد رئيس الجمهورية ميشال عون أن الوضع الاقتصادي الصعب سيخرج لبنان منه من خلال قرارات لا بد منها لاستعادة النهوض، والأزمة الاقتصادية الراهنة هي نتيجة تراكم سنوات وليست وليدة سنة أو سنتين، ويعمل على الخروج منها بالتعاون مع الجميع، وستكون هناك رؤية اقتصادية تعزز قطاعات الانتاج.
خفض التصنيف هذا، سيظهر لدى المصارف اللبنانية التي ستضطر إلى أن ترفع الأموال الخاصة الأساسية (رساميلها) إلى مستويات تتلاءم ودرجة المخاطر المرتفعة التي ينطوي عليها التصنيف الجديد. وبشكل مباشر أيضاً، فإن خفض التصنيف يعني أن كلفة اقتراض الحكومة من السوق ستكون بفائدة أعلى. كلما انخفض التصنيف ارتفعت كلفة الفائدة المدفوعة لتغطية درجة المخاطر المرتفعة واحتمال التعثّر.
خبراء اقتصاديون يرون في خفض التصنيف الائتماني الذي يجري تحديده للبنان لعبة دولية على اقتصاد هذا البلد، وأن الكلام عن الإفلاس هو ابتزاز وتهديد تقوم به جهات معروفة، منها وكالة إعلامية كبرى دولية، ومنها أربعة مواقع مالية ضخمة في العالم، واحدة في لندن وثلاثة في نيويورك.
بيد أن خبراء اقتصاديين آخرين، لا يرون أن هذا التصنيف يشكّل كارثة كبيرة على الاقتصاد اللبناني، بل إن المصيبة الكبرى في الوزراء الذين طالبوا بموازنات عالية وحصلوا عليها. فماذا نفعل في بلد يحب فيه الوزراء الصرف من دون حسابات في وزاراتهم وينفذون أكثرية المشاريع بالتراضي.
وفي رأيهم أن الذين حكموا لبنان في الماضي من سنة 1991 حتى اليوم هم المسؤولون عن استدانة لبنان 86 مليار دولار ومسؤولون عن الوضع الاقتصادي الصعب سواء، وأن المعارضين حالياً بشدة هم مسؤولون عن إيصال البلاد إلى هذه الحالة ورفع ميزانية عدة وزارات هامة، كما أن عجز الكهرباء منذ عام 2005 حتى 2019 رفع الدين العام بشكل كبير ورهيب. كذلك استغلال الجهات السياسية والأحزاب المطالب الشعبية بتنفيذ سلسلة الرتب والرواتب فوراً أدت إلى زيادة العجز.