Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر January 3, 2025
A A A
عام النهوض… وعودة الودائع! ولا تلاعب بسعر الصرف
الكاتب: ليندا مشلب - لبنان الكبير

“ما رح تكون أسوأ من يللي مرقت” هي الجملة التي تقاطعت عليها أجوبة معظم اللبنانيين في استقبال العام الجديد.

٢٠٢٥ عام الانعطافات والاستحقاقات الكبرى على كل الصعد وإذا سلمنا منطقياً أن مصير لبنان السياسي والأمني معلق على الشهر الأول منه، فإن الوضع الاقتصادي والنقدي لا يقل أهمية في هذه المرحلة الانتقالية من تبدل الوصايات.

وعلى قاعدة مصائب قوم عند قوم فوائد، يتوقع لهذا العام أن يكون عام النهوض والانتعاش الاقتصادي لعدة أسباب، عمادها الاستقرار في مصرف لبنان الذي وقف على سيبة رباعية من أربعة ركائز تختصر بالآتي:

أولاً: انتظام العلاقة ‏بينه وبين الدولة بحيث أوقف المركزي تمويلها نهائياً وتم الالتزام بهذا القرار، والأهم هو التعاون مع الحكومة لتأمين مصادر تمويل سليمة لها وضبط وضعها النقدي، فلأول مرة منذ 50 عاماً سجلت الموازنة فائضاً، وهذا يؤكد أن هناك إمكانية للتعاون بينهما وبناء ثقة من جديد، وقد أدى هذا الأمر إلى تكوين فائض لدى المصرف المركزي بحدود الملياري دولار كمبلغ صافٍ زيادة على كل ما تم دفعه من رواتب ومصاريف الدولة بصورة كاملة على مدى سنة، اضافة إلى ما تم صرفه على تنفيذ التعاميم.

‏النقطة الثانية هي الاستقرار النقدي الذي توصل مصرف لبنان اليه بعد إلغاء “صيرفة” ووقف شراء الدولار من السوق، وإعطاء القطاع الخاص فرصة الافادة من الدولار الموجود في السوق لدعم نفسه، ما أدى إلى استقرار نقدي من خلال ضبط الكتلة النقدية على الرغم من كل الظروف السيئة، فقد استفاد المصرف من التجربة الماضية، وتمكن من اعتماد سياسة عدم تمويل الدولة التي تؤدي حتماً إلى زيادة الاحتياطات، وهذه الزيادة لا تصرف إلا بمكانها الصحيح أي لمصلحة المودعين، وضبط سعر الصرف يحصل من خلال ضبط الكتلة النقدية وليس كما كان في السابق من خلال التدخل في سوق القطع.

النقطة الثالثة: تتعلق بإصلاحات القطاع المصرفي حيث تم توحيد سعر الصرف بالتعميم 167 واليوم أصبحت ميزانيات المصارف موحدة ولم تعد هناك ميزانيات مختلفة على سعر صرف مختلف كما كان في السابق (بين ١٥ ألفاً و٣٨ ألفاً و٨٩ ألف ليرة ) وبالتالي أصبح من السهل عندما يتم وضع خطة إصلاحية الاستناد إليها لمعرفة وضعية كل مصرف، أما اللولار فلا يزال عالقاً عند الحكومة بانتظار قرار يسمح برفعه عن حدود الـ ١٥ألف ليرة لدى المصارف، ولا علاقة لمصرف لبنان بهذا الأمر علماً أن الحاكم بالإنابة الدكتور وسيم منصوري يطلب منذ عام ونصف العام اتخاذ قرار بهذا الشأن ضمن خطة شاملة للحكومة.

النقطة الرابعة تتعلق بالمصرف المركزي حيث تم إجراء تحسينات كبيرة جداً، إذ تغيرت آليات المحاسبة وتم إلغاء الاصدار seigniorage، كذلك تم إلغاء الأصول الأخرى assets التي تعرض لبنان لانتقادات كبيرة بسببها واتهامه بإخفاء الخسائر وتم وضع آليات محاسبة وفق المعايير الدولية.

‏النقطة الخامسة تتعلق بعلاقات المصرف المركزي الخارجية التي تغيرت تماماً، بحيث عاد إلى خريطة العلاقات الخارجية وخصوصاً الأميركية والبريطانية والفرنسية والعربية، وبما خص مجموعة العمل المالي FATF، فقد ساهمت الاجتماعات التي عقدها منصوري في الخارج في التخفيف من مخاطر لبنان، والمقدمة التي أوردتها المجموعة في تقريرها هي مقدمة غير مسبوقة تقصدت فيها تحييد القطاع المصرفي ومصرف لبنان وقالت بوضوح إن مصرف لبنان أتمّ كل الاجراءات التي يجب أن يقوم بها والعشرة items المطلوبة، تعثرت من الدولة اللبنانية التي تخلفت عن اجرائها والقيام بواجباتها، اما المركزي فقام بكل واجباته ولم يتم احتساب الـcash economy من هذه المطلوبات، يعني أن مصرف لبنان تمكن من ضبط السوق تجاه تبييض الأموال ومكافحة الارهاب.

وعلم موقع “لبنان الكبير” أن العمل جارٍ بقوة لتنفيذ ما هو مطلوب من لبنان لرفعه عن اللائحة الرمادية، وبحسب مصدر حكومي رفيع فإن مخاطر الوضع النقدي قطعت والاستقرار الذي حافظ عليه لبنان خلال فترة الشهرين من العدوان الشرس خير دليل على القدرة على ضبط الأمور.

وحول تمديد العمل بتعاميم المصرف المركزي، أكد المصدر أنه لم يتخذ قرار بعد حول تجديد التعميمين ١٦٦ و١٥٨، لشهر شباط، ولا برفع قيمة السحوبات، والأمر يدرس بشكل موضعي أي كل شهر بشهره، بحسب القدرات المالية نظراً الى حساسية الوضع المالي والنقدي، هناك ٤٥٠ ألف مستفيد من هذه التعاميم، فإذا رفعت قيمة السحوبات إلى ١٠٠٠ دولار يعني المصرف بحاجة إلى ٤٥٠ مليون دولار شهرياً أي ٥ مليارات ونصف المليار سنوياً، وهذا المبلغ ليس واقعياً ويفوق قدرة المركزي، والسياسة النقدية لا تفترض توزيع احتياط العملة الأجنبية إنما تكبير حجم الاقتصاد ومن خلال الأرباح يتم توزيع الفائض وليس رأس المال.

‏وأكد المصدر أن وضع المصرف المركزي جيد ولديه احتياط يفوق الـ ١٠ مليارات دولار وليس بحاجة إلى وديعة لأن ورشة إعادة الأعمار بحد ذاتها تنعش الاقتصاد، علماً أن حجم الاقتصاد اليوم ٢٠ ملياراً وموازنة الدولة ٣.٢ مليارات وإذا تم رفع هذا الميزان إلى ٤٠ ملياراً يعني أن موازنة الدولة ستصبح ٦.٤ مليارات تلقائياً، وهذا يعني أن الدولة تستطيع التقشف ورصد مليار دولار للمودعين على سبيل المثال لكن طالما اليوم حجم الاقتصاد صغير يعني امكانات الدولة محدودة، ولن تتمكن من توفير مبالغ إضافية تزيد عن حاجات موظفيها ومصاريفها اليومية، لذلك نقول إن تكبير حجم الاقتصاد مرتبط بصورة مباشرة بصحة القطاع المصرفي، فإذا تمكن الأخير من تنشيط نفسه يكبر حجم الاقتصاد، أما إذا بقي هكذا عاجزاً عن تأمين القروض للقطاع الخاص، والقطاع الخاص يعمل برأس مال صغير فحجم الاقتصاد يبقى صغيراً.

أما الحديث عن تخفيض سعر الدولار، فبحسب المصدر ليس واقعياً، لأنه علمياً لا يمكن في الوضع الذي نحن فيه تخفيض السعر وهذا يحتاج إلى توافق مع الحكومة، فمجرد تخفيضه يعني زيادة في أعباء الحكومة التي تدفع الرواتب بالليرة وتجني أموالها بالليرة التي تتعرض حكماً للانهيار في حال التلاعب بالسعر الموجود حالياً. المطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى المحافظة على الاستقرار النقدي، وتغيير سعر الصرف يحصل بهدوء ضمن الأصول وبشكل علمي، وليس عشوائياً.

وكشف المصدر عن معلومات جدية حول مفاوضات مع البنك الدولي للحصول على قروض ميسرة ضمن رزمة قوانين، وقد أبدى البنك الدولي إيجابية مبدئية كما أن خطة عودة أموال المودعين عادت إلى التباحث الجدي تماشياً مع ورشة اعادة الإعمار وزيادة حركة الدولارات في السوق وضخ العملة الأجنبية بصورة غير مسبوقة. وسيتم ضخ مليار دولار ترميماً وإيواءً خلال شهر واحد.

من هنا وصف المصدر هذا العام بـ “عام النهوض”.