Beirut weather 24.41 ° C
تاريخ النشر July 18, 2023
A A A
طيف اتفاق بكين فوق بنشعي وفرنجيه رئيساً ولو بعد حين!
الكاتب: نورما أبو زيد - بالوسط

حبل مضفور وسميك يربط المشهد الإقليمي ويجعل ساحات المنطقة متّصلة ببعضها على نحوٍ لا ينقطع. يبدأ الحبل في الرياض وطهران، ويمتدّ إلى صنعاء وبغداد ودمشق، وسوف يصل إلى بيروت ولو بعد حين، وعليه، لن يكون انتخاب رئيس جمهورية لبنان بمعزل عن تطوّرات الإقليم.
انطلاقاً من مبدأ الترابط بين الساحات، يتحدّث العالمون بخطوط الوصل والفصل عن “ستاتيكو” لن يقلّ عن شهرين، قبل تحريك الملفّ الرئاسي في لبنان، وهذه المدّة الفاصلة هي لاختبار النوايا بين السعودية وإيران، وبعدها يمكن الحديث عن تأثير ملفات المنطقة على لبنان. فالاجتماعات السعودية – الإيرانية التي يراد منها صوغ مجموعة اتفاقات بين البلدين بدأت، وسيختبر الطرفان من خلالها في الشهرين المقبلين، ما إذا اتفاق بكين سيكون مقدّمة لتعبيد طريق حريرية في المنطقة تحاكي رؤية 2030 التي وضعها ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان.
رغم الحراك الخماسي، الجمود الرئاسي غير خافٍ، ولكن يمكن البناء على ما تحقّق إلى الآن، لقراءة ما سيكون عليه الوضع بعد شهري “الستاتيكو”. فقد تجاوز الطرفان السعودي والإيراني حقل ألغام، وأطلقا من خلال الورقة الموقّعة بينهما نفساً جديداً في المنطقة، وأولى مفاعيل الاتفاق تمثّلت بتعزيز التهدئة في اليمن، وباستعادة العلاقات الرسمية بين إيران والبحرين، وعودة تبادل السفراء بين أبو ظبي وطهران، وإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، ومن ثمّ عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران. هذه التطورات تؤشّر إلى تحوّلات كبيرة قادمة، وقد لا يكون منطقياً السؤال أيهما أعلى: احتمال استمرار التوافق في شهري الاختبار أم احتمال الخلاف؟
ليس سراً أنّ عوامل داخلية وخارجية أملت على السعودية وإيران التوصّل إلى اتفاق بكين في لحظة تاريخيّة فرضتها التحولات الجديدة في موازين القوى الدولية، وعليه الاتفاق حاجة للدولتين، وستحرصان بالتالي على إنجاح المحادثات بينهما التي ستُفضي إلى مجموعة اتفاقات. وعلى الرغم من الأهمية التي توليها السعودية وإيران لكلّ الملفات، تبقى صنعاء “مربط الفرس” بالنسبة للرياض التي لم تذهب إلى اتفاق بكين إلاّ لتطرق أبواب صنعاء. فالرؤيوي محمد بن سلمان يريد إخراج بلاده من حالة اللاحرب واللاسلم، وأن لا يراكم أكلافاً إضافية في حرب عبثية تأكل أخضر الاقتصاد السعودي منذ 9 سنوات، وقد تخطّى سقف الإنفاق عليها الـ 700 مليار دولار، وهنا السؤال الذي يبحث عن جواب: هل بمقدور السعودية وإيران أن يحلّا معضلة اليمن وحدهما؟
عندما سال لعاب السعودية وإيران على اتفاق، حرصتا على ربطه بجهة متينة. كانت بكين الطرف الظاهر، فيما كانت موسكو الطرف غير الظاهر، وقد شاركت الأخيرة في كلّ المحادثات التي سبقت الاتفاق كطرف فاعل في ملفات المنطقة، وقادت جولات قاسية بين الطرفين السعودي والحوثي في سلطنة عمان، عمد الدبلوماسي الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى تليينها، وعليه تعدّ روسيا شريكة الصين في اتفاق بكين، والممسكة بالشقّ الأهم من الاتفاق، وستكون موسكو حتماً عرّابة أيّ اتفاق بين الرياض والحوثيين، وستكون أيضاً الطرف الوصي على تنفيذ الاتفاق والالتزام ببنوده، وهنا يطوف سؤال بديهي: هل الحلحلة الحوثية في الحديقة الخلفية للسعودية تنتج رئيساً في بيروت؟
المطّلعون على المحادثات التي سبقت اتفاق بكين، يروون أنّ وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، سمع كلاماً واضحاً من وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف حول دعم بلاده لسليمان فرنجيه رئيساً، الأمر الذي لا يجد تفسيراً سوى أنّ رئاسة فرنجيه هي أحد ملحقات الاتفاق، لاسيّما عندما يؤكّد الراوي أنّ الطرح حظي بتفاعل إيجابي.
التبنّي الروسي لترشيح سليمان فرنجيه، ينقل زعيم “تيار المردة” من مرشّح رئاسي متقدّم بين متأخّرين إلى رئيس منتخب مع وقف التنفيذ، وقد سمعت باريس خلال الجولات الرئاسية التي قادتها، كلاماً سعودياً يؤكّد عدم اهتمام الرياض بقماشة الرئيس اللبناني العتيد، كما أبلغت الرياض باريس علمها المسبق بأنّ طهران معنيّة بألاّ يُضعف أيّ اتفاق خارجي “حزب الله” في الداخل اللبناني، وعليه إذا ما أُضيف زيت “حزب الله” إلى زيتون روسيا وفرنسا، تكون رئاسة فرنجيه في انتظار توسّع بقعة الزيت في مرحلة “الستاتيكو” التي يفرضها حراك الرياض وطهران.