Beirut weather 19.1 ° C
تاريخ النشر March 12, 2022
A A A
طار «الميغاسنتر»… هل يُؤثّر على انخفاض نسبة الإقبال في ظلّ الأزمات المتراكمة؟!
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

طار «الميغاسنتر» في مجلس النواب قبل طرحه على التصويت الى العام 2026 لأنّ الوقت غير كافٍ لتحقيقه، إذ يحتاج الى 5 أشهر على الأقلّ ليُصبح حقيقة واقعة. وكان لا بدّ من مناقشته والسير به منذ تشكيل حكومة «معاً للإنقاذ» الحالية، إلّا أنّ هذا الأمر لم يحصل، بل جرى طرحه حالياً مع الإرتفاع غير المسبوق لأسعار المحروقات عالمياً، وتأثير ذلك بشكل كبير على لبنان… وبين «الميغاسنتر» وتأجيل الإنتخابات النيابية، رجحت كفّة الإنتخابات خصوصاً وأنّها «خط أحمر» بالنسبة لدول الخارج التي تدعم إجراءها في الداخل والخارج في مواعيدها الدستورية، إلّا في حال حصول أمر ما غير طبيعي وطارىء.

وتقول مصادر سياسية مطّلعة بأنّه رغم أهمية اعتماد «الميغاسنتر» لتشجيع الناخبين على الإنتخاب دون الحاجة الى الإنتقال من مكان الإقامة الى مكان القيد في ظلّ أزمة المحروقات الخانقة الحالية المرشّحة الى التفاقم من الآن وحتى موعد الإنتخابات وقد يصل ثمن صفيحة البنزين الى مليون ليرة لبنانية، إلّا أنّ الوقت سبق الحكومة الحالية، كما مجلس النوّاب الذي رفض إجراء مثل هذا التعديل على القانون الإنتخابي النافذ. ولهذا فنحن قد نذهب الى «تقاعس» بعض الناخبين البعيدين جغرافياً عن مكان القيد عن الإنتخاب. يُضاف ذلك الى عدم حماس عدد كبير منهم، لا سيما الناخبين الشباب، بالتوجّه الى صناديق الإقتراع لعلمهم بأنّ «شيئاً لن يتغيّر». فاللامبالاة بالإقتراع يوم الإنتخاب في أيّار المقبل، مرشّحة لأن تسود وسط جزء من الناخبين، على غرار ما حصل في العام 1992.

ومع امكانية عدم الإقبال الكبير على الإنتخاب، لأسباب عدّة، أهمّها أزمة المحروقات، وعدم توحّد صفوف المجموعات المعارضة أو بروز وجوه شابّة واعدة فيها يُمكن الإعتماد عليها في المرحلة المقبلة، والحديث عن عودة أكثر من 70 % من الوجوه النيابية نفسها، في حال ترشّحت، أو من ينوب عنها وتتمّ تسميتها من قبل الأحزاب من أجل التمويه بإحداث التغيير، على ما أضافت، فإنّ المرشّحين الحزبيين والمستقلّين سيفوزون في نهاية الأمر، وإن بنسبة ضئيلة من عدد الناخبين. ولكن هذا الأمر يؤدّي الى مجلس نيابي جديد لا يُمثّل الناخبين تمثيلاً فعلياً، على ما يُراد منه.

كما تجد المصادر نفسها بأنّ «وقف» عملية استجرار الغاز والطاقة من مصر والأردن الى لبنان عبر سوريا، لأسباب عدّة، سينعكس سلباً على عملية الفرز خلال الإنتخابات النيابية، سيما وأنّ أقلام الإقتراع ووزارة الداخلية والبلديات ومركز هيئة الإشراف على الإنتخابات تحتاج الى وجود الكهرباء ليتمّ فيها فرز الأصوات من دون أي غشّ، أو «تطيير» صندوق ما واستبداله بآخر. من هنا، تتوقّع أن يكون للأزمات اليومية التي يُعاني منها المواطن العادي، تأثير سلبي على الإنتخابات، وإن كانت الدولة تُطمئن الى أنّها ستومّن «الموتورات» في جميع المراكز المعنيّة للحفاظ على شفافية الإنتخاب والفرز.

وأكّدت المصادر أنّ دول الخارج، وبعض المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، تُساعد لبنان على تأمين الحاجات الأساسية والأمور اللوجيستية لتأمين الإستحقاق النيابي المقبل في مواعيده الدستورية، غير أنّ هذه المساعدات تبقى غير كافية في ظلّ الإرتفاع المتواصل لثمن الدولار الأميركي في السوق السوداء وانعكاس ذلك مجدّداً على أسعار كلّ المستلزمات والحاجيات من القلم والورقة والحِبر الى البنزين والمازوت وتسعيرة وسائل النقل وما الى ذلك… فما يهمّها هو إجراء هذه الإنتخابات في أيّار المقبل، من دون أي تأجيل أو تمديد للمجلس النيابي الحالي، وإن «بمن حَضر». فإذا حصل «التغيير المنشود» كان به، وإذا لم يحدث فإنّها تكون قد جرّبت لمعرفة الى أين يتجه فعلاً المزاج الشعبي اللبناني بعد ثورة تشرين الأول من العام 2019.

ونقلت المصادر نفسها عن بعض السفراء الأجانب في لبنان، أنّه إذا كانت كلّ الأزمات التي ضربت لبنان منذ ثورة تشرين، الى انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، الى أحداث الطيونة، فضلاً عن الأزمة الإقتصادية والمالية والإجتماعية والمعيشية غير المسبوقة التي يعيشها لبنان وتتفاقم أكثر فأكثر بشكل يومي، وتجعل المواطن عاجزاً وغير قادر على استكمال حياته بشكل طبيعي… إذا كلّ هذه الأزمات لن تكون دافعاً مباشراً لتغيير موقف الناخبين تجاه الطبقة السياسية الحاكمة التي تتحكّم بالبلاد منذ 30 عاماً، فلا أمل بهذا البلد. فدول الخارج باتت تؤمن بأنّ القوّة العسكرية، أو الإنقلابات السياسية المفروضة ليست هي التي تُحدث التغيير إنّما الشعب نفسه. ولهذا نجدها تدعم مجموعات المعارضة والمجتمع المدني لخوض الإنتخابات وكسب أكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية، بهدف أن يتمّ تشكيل فيما بعد «لوبي» أو «كتلة مستقلّة» يفتقدها المجلس النيابي حالياً في لبنان، تكون قادرة على بدء خطط التغيير. كما تعمل على تشجيع اللبنانيين على ممارسة حقّهم الطبيعي في الإقتراع في أيّار المقبل، من أجل مستقبل أبنائهم.

ولكن حتى الآن، أكّدت المصادر أنّ الإحصاءات والدراسات التي تقوم بها بعض الجهات المعنية بالإنتخابات، تُظهر أنّ شريحة لا بأس بها من الناخبين غير مبالية بالإنتخابات النيابية المقبلة. ولا يبدو أنّ هناك شيئاً سيُشجّعها على التوجّه الى صناديق الإقتراع، سوى استردادها لأموالها من المصارف، وانخفاض سعر الدولار الأميركي وتحسّن وضعها الإقتصادي والمعيشي، وإعادتها الى وظائفها… فأولوياتها اليوم تصبّ في كيفية تأمين الدواء والغذاء والإحتياجات اليومية الأخرى لعائلاتها، وليس دفع المزيد من الأموال للتوجّه الى مراكز الإقتراع والإنتخاب لمرشّحين غير مقتنعة بهم.. فالنوّاب الذين جرّبتهم لا جدوى من إعادة انتخابهم، والمرشّحون الجدد لا يبدو أنّهم جدّيون أو قادرون على إحداث التغيير المطلوب.

وتتوقّع المصادر عينها، أن تقوم دول الخارج الداعمة لإجراء الإنتخابات في مواعيدها الدستورية، بخطوة جدّية لتشجيع الناخبين على الإقتراع. ولا تتمثّل هذه الخطوة بدفع الأموال للشريحة المتردّدة بشكل مباشر، إنّما من خلال تقديم بعض المساعدات الضرورية والملحّة التي تحتاجها مثل تأمين الأدوية لبعض الذين يُعانون من الأمراض المزمنة وسواها، ودفع فواتير الأقساط المدرسية، أو تأمين فرص العمل لبعض العاطلين عن العمل وغير ذلك… عن طريق الجمعيات «الموثوقة» فقط كونها لم تعد تثق بجميع الجمعيات أو الجماعات التي قدّمت لها المساعدات الفورية بعد انفجار 4 آب من العام 2020 لأنّها لم تكن على المستوى المطلوب، فيما يتعلّق بتوزيعها على المتضرّرين الفعليين.