أخمدت حرائق الغابات لتشتعل نار الموازنة، مجلس الوزراء في جلسات متتالية من مساء الاربعاء الى عصر امس الخميس الى اليوم الجمعة وربما غدا السبت، المهم مرور الموازنة العامة للعام 2020 في مجلس الوزراء بحدود يوم الاثنين حتى لا تخيّب النصوص الدستورية التي توجب عرضها على مجلس النواب في اول يوم ثلاثاء يلي 15 تشرين الأول/ اكتوبر من كل سنة.

هذا السباق مع الوقت تخوضه حكومة سعد الحريري بتحفيز من رئيس مجلس النواب نبيه بري حامل راية الالتزام بالدستور في هذه المرحلة، تحت هاجس الخوف على لبنان من تصنيفه دوليا بالدولة الفاشلة.

لكن الحاصل ان حوافز المتسابقين تدوس على بطون المواطنين وعقولهم، فالاصلاحات المطلوبة كشرط لقبول الموازنة من جانب المؤسسات الدولية وفريق «سيدر» يكاد المتداول منها ان يكون محصورا بجيوب عامة الناس: ضريبة اضافية على القيمة المضافة، زيادة اسعار المحروقات والدخان، محسومات تقاعدية ولا مقاربة لمجالس الانفاق السياسي او صناديق الهدر او الوظائف العشوائية، وكل ما يطاول نظام المحاصصة.

فَيوم ازمة محروقات، ويوم حرائق، ويوم ازمة دولار، ويوم ازمة كهرباء وآخر نفايات، وحتى لا وجود ليوم استراحة، لا بالنسبة لناشطي الحراك المدني الذين بكَّروا صباح امس في اغلاق شارع الحمراء في بيروت بالسيارات احتجاجا على محاضر ضبط الشرطة ضد السيارات الواقفة الى جانب الارصفة تبعا لعدم وجود المرائب الكافية وعطلوا وصول الموظفين الى وزارة الاعلام والمصرف المركزي رافعين شعار «لأجل لبنان ما خصك وين بصف.. لأجل لبنان فقط نظام سياسي غير قابل للحياة، يموت ويقتلنا معه».

وبالعودة الى مشروع الموازنة الذي اصبح في الطيف الأخير، تقول اذاعة «لبنان الحر» ان وزير الخارجية جبران باسيل سيتوجه الى دمشق فور اقرار الموازنة الجديدة، في حين اعلن وزير حزب الله محمود قماطي ان فريقه السياسي بصدد اعلان خطوة وزارية قريبة جدا تجاه سوريا، لصالح لبنان، بحسب تعبيره.

الرئيس سعد الحريري يواجه هذه المستجدات بسلاسة وروية، وتقول مصادره انه يعمل على اخراج الموازنة بالشكل المطلوب، وردا على سؤال قالت المصادر لصحيفة «الجمهورية» ألا بديل عن الحكومة الحاضرة في الوقت الحاضر، والبديل سيكون الفراغ.

وتابع مجلس الوزراء عصر امس جلساته المخصصة للموازنة في السراي الكبير، وكان على جدول اعماله 36 بندا على امل ان تنعقد جلسة اخرى وعسى ان تكون الأخيرة اليوم ليصار الى اقرارها قبل 22 الجاري موعد احالتها الى مجلس النواب.

وقال وزير الاعلام جمال الجراح ان مجلس الوزراء قرر رفع الرسوم على التبغ والتنباك المستورد والمنتج محليا، والطلب الى المؤسسات والمرافق العامة عدم اجراء اي انفاق استثماري اضافي الا بعد موافقة مجلس الوزراء وتحويل شهري للخزينة العامة، كما قرر خصخصة مرفأ بيروت ومؤسسات اخرى، اضافة الى دمج بعض المؤسسات والمرافق العامة التي لا لزوم لها ويمكن الاستغناء عنها او ضمها للوزارات، وجرى تكليف وزير العمل كميل ابوسليمان ووزير شؤون مجلس النواب محمود قماطي متابعة قانون ضمان الشيخوخة.

الى ذلك، وافقت الحكومة على فرض رسوم على مستخدمي التطبيقات التي تتميز بخاصية الاتصال، ما يؤمن لها 216 مليون دولار اضافية بالسنة لخزينة الدولة في حال وافق البرلمان على ذلك.

وخلال جلسة لمجلس الوزراء اول من امس، تمت الموافقة على مشروع قانون يفرض رسوما على استخدام «واتساب كول» وتطبيقات مماثلة مجانية تتضمن مكالمات هاتفية مثل سكايب، فايبر، فيسبوك كول، وفيس تايم والتي تستخدم نظام التخابر عبر الانترنت، وذلك بفرض 20 سنتا يوميا على كل مشترك، اي ما يساوي 6 دولارات لكل مشترك في الشهر، في حال اقر مجلس النواب مشروع قانون الحكومة.

واذا تم جمع هذا المبلغ من نحو 3 ملايين مستخدم لهذه التطبيقات، فقد يسمح ذلك بتأمين 216 مليون دولار في السنة اضافية لخزينة الدولة.

من جانبه، أكد وزير الاتصالات محمد شقير أن قرار فرض رسم قيمته 20 سنتا (0.2 دولار) في اليوم على مجمل الاتصالات الهاتفية التي تتم من خلال التطبيقات التي تستخدم الإنترنت، هو قرار حكومي اتخذه مجلس الوزراء اول من امس وليست وزارة الاتصالات منفردة، وأن هذا القرار ستقابله خدمات إضافية سيتم تقديمها بما يرضي المواطن اللبناني، وسيتم العمل به في 1 يناير 2020.

وأشار وزير الاتصالات اللبناني في تصريح امس إلى أن هذا الرسم سيتم اقتطاعه مرة واحدة في اليوم لدى إجراء أول اتصال عبر تطبيقات المكالمات التي تستخدم الإنترنت، ومهما بلغ عدد الاتصالات.