Beirut weather 14.65 ° C
تاريخ النشر June 26, 2024
A A A
صورة تركها فرنجيه في أذهان “العونيين”
الكاتب: محمد المدني

كتب محمد المدني في “ليبانون ديبايت”:
أن يغيب رئيسا حزبين مسيحيين أساسيين كـ”القوات اللبنانية” والكتائب عن اللقاء الذي عقد في بكركي أمس بحضور أمين سرّ الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، فهو ما لا يبشّر بالخير ويدعو إلى القلق، بعدما وصل الحال بالمسيحيين إلى درجة “القطيعة”، والقطيعة تعني عدم قدرة طرف على التعايش مع الطرف الآخر.

لم تشهد الساحة السياسية المارونية، أقلّه بعد اتفاق الطائف، خلافات كالتي نشهدها هذه الأيام، فغياب سمير جعجع وسامي الجميل عن اللقاء، هو رسالة واضحة من الثنائي الماروني إلى دولة الفاتيكان أن الأزمة اللبنانية لا تُحَلّ بلقاءات وتسويات، وأن هناك في لبنان من يريد إلغاء الدور المسيحي الرافض لخيارات وقرارات يتخذها الفريق الحاكم ولا يزال.
لكن هناك من يرى أن مقاطعة اللقاء من قبل جعجع والجميل له علاقة بالخلافات الشخصية مع الثنائي الماروني الآخر أي رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجيه، ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، فتكشف المعلومات أن جعجع لم يحضر التزاماً بقرار اتخذه سابقاً بعدم جلوسه على طاولة واحدة مع جبران باسيل، أمّا سامي الجميل ففعل الأمر نفسه مع فرنجيه.
وبينما لا يستغرب أحد أن يكون للقاء اليوم، بعداً رمزياً أكثر ممّا هو عملي، فإن الصورة بحدّ ذاتها التي تنتج عن هكذا لقاء لها الوقع النوعي في المعركة السياسية والرئاسية الدائرة الآن. ففيما تجنّب جعجع والجميّل كأس “التطبيع”، ولو الشكلي مع أخصامهما السياسيين، باسيل من جهة وفرنجيه “المرشح الرئاسي” من جهة أخرى، لم يحجب ذلك أهمية الصورة التي جمعت فرنجيه وباسيل، والتي خرج منها فرنجيه رابحاً بالنقاط، إذ كرّس أكثر وأكثر في أذهان المشاهدين، وتحديداً الجمهور العوني، أنه ليس في موقع “العدو” بل هو قادر أن يتفاعل طبيعياً مع رئيس تيارهم، ممّا يسقط أكثر فأكثر تحفّظ العونيين على شخص فرنجيه، ويبعث بالطمأنينة حيال أدائه في ما لو وصل إلى رئاسة الجمهورية.
أما باسيل، فتكفيه صورة اللقاء لكي يعزّز صورة السياسي الذي لا يتعرّض لعزلة وهو يحاول تغييرها على الأقلّ في الشكل عبر لقاءاته وجولات مبادرته، حتى لو أنه ما زال فعلياً خالي الوفاض لناحية التحالفات السياسية.
إنتهى لقاء بكركي ولم ينجح أمين سرّ الفاتيكان حتى خلال لقاءاته المنفردة مع رؤساء الأحزاب المسيحيين بعيداً عن الإعلام، في ردم الهوّة التي ما زالت تفرّقهم، وهذا ما سيزيد من مسؤولية القيادات المسيحية الحالية، عن الواقع المسيحي المزري الحالي، وسيترك جرّاء فشلها الذاتي، وإفشالها دور بكركي والفاتيكان معاً، أثراً مخيفاً على مستقبل وفاعلية الدور المسيحي في لبنان.