Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر April 24, 2016
A A A
صراع سياسي حول دور الاجهزة الامنية
الكاتب: كمال ذبيان - الديار

الشكوى الدائمة كانت من الاجهزة الامنية بمختلف مسمياتها وفروعها، ان لا تنسيق بينها، وان كل جهاز يحجب معلوماته الامنية عن الجهاز الاخر، لاحتكار الانجاز الامني، وهو ما سبب صراعاً بين هذه الاجهزة التي لقادتها مرجعياتهم السياسية والطائفية، فيما الطوائف والمذاهب، لا تشعر بالاطمئنان اذا لم يكن لديها جهاز امني يوفر لزعماء الطوائف الامان، وهذا ما ادى الى نشوب خلافات حول دور الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام وامن الدولة.

وما اعاد الخلاف حول الاجهزة الامنية الى الواجهة هي «الشكوى المسيحية» عن تهميش دور امن الدولة الذي يرأسه مسيحي ، ومحاصرتها هذا الجهاز مالياً وحجب «داتا المعلومات» عنه ادى الى خروج «التذمر الدرزي» الى العلن والذي عبر عنه النائب وليد جنبلاط، من تراجع دور الشرطة القضائية في قوى الامن الداخلي، لان قائدها ضابط درزي، وتعزيز دور شعبة المعلومات غير القانونية التي يرأسها ضابط سني، وتوسع دور الامن العام الذي يرأس مديريته ضابط شيعي، وتحول مديرية المخابرات في الجيش التي يرأسها ضابط ماروني الى مهمات غير منصوص عنها في القانون، والدور الذي يلعبه نائب مديرها الشيعي، وفق ما يقول وزير سابق يطل على مشهد الخلاف حول الاجهزة الامنية من واقعها السياسي والطائفي اكثر منه المهني والتقني، اذ يكشف عن ان كل مرجعية سياسية كانت تشكو من ان جهازاً ما يعمل ضدها، هكذا كان يشكو الرئيس رفيق الحريري من مخابرات الجيش، ومكونات 8 آذار من فرع المعلومات وتحديداً «التيار الوطني الحر» وقد نجا الامن العام من ذلك، لان مديره العام الاسبق اللواء جميل السيد حوله الى مؤسسة خالية من الفساد والرشوة، ونال تهنئة البطريرك الماروني في ظل النظام الامني اللبناني – السوري المشترك، وهو ما يحصل مع مديره الحالي اللواء عباس ابراهيم الذي حقق انجازات بالغة الاهمية والحساسية وحاز على شهادات تنويه من مختلف المرجعيات السياسية، وكان آخرها تكريم مطرانية بيروت للروم الكاثوليك له.

فتعدد الاجهزة الامنية، وتشابك صلاحياتها وتداخل مهمامها، هو ما فتح الصراع عليه، يقول الوزير السابق الذي يكشف انه جرت محاولات عدة للتنسيق فيما بينها، ولم تنجح، كما كانت تجربة مجلس الامن المركزي الذي يرأسه وزير الداخلية، ويعقد اجتماعات دورية متقدمة، ولكن لم تصل الى مرحلة اجتثاث قضية تتعلق بعمل كل جهاز «المفرق» حيث ابتدعت فكرة ان تعقد اجتماعات مداورة في مكتب احد الاجهزة للتنسيق، وتوقفت منذ فترة، ولا بد من حل جذري لهذه الازمة التي تعود الى مرحلة ما بعد اتفاق الطائف وما زالت.

وهذا التضارب في الصلاحية والمهمات بين الاجهزة الامنية، حصل في دول اخرى ومنها المتقدمة كالولايات المتحدة الاميركية التي ادركت التناقض بين «المخابرات» و«الشرطة الفدرالية» و«الامن الذاتي» للولايات المتحدة في احداث 11 ايلول، وكان اقتراح انشاء مجلس امن قومي للتنسيق، بين كل الاجهزة واحتل الامن مرتبة متقدمة على الحريات وحقوق الانسان.

ومعضلة وجود اربع مؤسسات امنية، تتعاطى في كل المهام، من الجرائم الجنائية، الى تزوير العملات، وتجارة المخدرات وترويجها، وشبكات الارهاب، وكشف عملاء للعدو الاسرائيلي، غيرها من الجرائم، وهو ما يترك النائب وليد جنبلاط، يعلن ان الامكانات البشرية واللوجستية الموضوعة بتصرف الشرطة القضائية، لا تخولها ان تقوم بمهامها كاملاً، فيخطف فرع المعلومات المعزز منها الدور، وهو ما ينطبق على اجهزة اخرى، وهذا يفتح الباب على سؤال يبدأ من تركيبة الاجهزة الامنية، وتعيين قادتها، وصرف موازانتها، وتعزيزها بشرياً وتقنياً، ثم في ان لا تخضع للتأثير السياسي والحزبي كما هو حاصل في هذه الاجهزة، التي يصفها الوزير المذكور بأنها «كانتونات امنية» بالرغم من الانجازات التي تقوم بها، ولا يمكن انكارها، اذ يسجل لها، مكافحتها للارهاب وعملاء اسرائيل وكشف جرائم، لكن من يكبلها هم الزعاء السياسيون والمرجعيات الطائفية، ولا تنتهي الازمة، الا بتطبيق مبدأ اصلاحي ورد في اتفاق الطائف، وهو الغاء طائفية الوظيفة والقيام بالمداورة في المراكز القيادية، كما حصل في الامن العام وادارات اخرى، فلا يكون هذا الجهاز حكراً لهذه الطائفة او معنياً به هذا الزعيم السياسي او ذاك.