Beirut weather 21.41 ° C 21 May 2025 - 06:35:54
تاريخ النشر February 24, 2025
A A A
شيعة لبنان “يطوبون” السيد نصر الله!
الكاتب: مرسال الترس

كتب مرسال الترس في موقع الجريدة

شيعة لبنان، وربما معظم الشيعة في العالم، سيدرجون مقام السيد الشهيد حسن نصرالله الذي شيّد قرب أحد الطرق الرئيسية التي توصل إلى مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي في بيروت، كأحد المراقد التي توجب زيارتها، كمراقد الأئمة في إيران والعراق وأماكن أخرى.
فالرجل، الذي تحوّل إلى أسطورة بالنسبة لمحبيه، تبين أنه كان الرقم الأول في دول الممانعة التي خاضت لسنوات الحروب تحت هذه الراية، فأدّى استشهاده إلى إضعاف الوجود الإيراني في سوريا التي كانت تعتبر الممر المحوري للطرق البرية بين إيران و”حزب الله” في لبنان.
كما أدى اغتياله إلى انهيار نظام آل الأسد في سوريا بين ليلة وضحاها، بعد خمسة عقود متواصلة من الحضور القوي الذي شكل المدماك الأساسي للمواجهة مع العدو الاسرائيلي، في ظل إنكفاء روسي عن المشهد السوري لم يفسره المتابعون إلاّ كونه يتدرج في سياق أن الدول لا تفكر إلا بمصالحها التي تحددها وفق أولوياتها.
وظهر جلياً، لدى مختلف الدول الاقليمية والدولية، أن الحشد المليوني الذي رافق التشييع، قد يكون من الأكبر على الصعيد العالمي، إذا ما تم إحتساب نسبة عدد سكان لبنان مع الدول التي شهدت حشوداً شعبية في الجنائز، على سبيل المثال في مصر (الرئيس جمال عبد الناصر، ام كلثوم، عبد الحليم حافظ)، أو إيران (الإمام الخميني)، أو جنوب أفريقيا (نلسون مانديلا)… ولكنه بالتأكيد أنه سجّل رقماً قياسياً بالنسبة للجمهورية اللبنانية، إذ إن الأرقام بقيت تقديرية نظراً لتعدد الأماكن من المدينة الرياضية إلى الشوارع المحيطة بها وصولاً إلى مكان المرقد على طريق المطار.
والرجل الذي كان موقفه حاسماً في الحد من المغالاة في الاجراءات التي كانت تعتمد في ذكرى عاشوراء، وتؤدي إلى وفيات، وبهدف حفظ الدم من أجل محاربة العدو الاسرائيلي، تقاطرت الوفود من جميع أرجاء لبنان، ومن الدول التي فيها نسبة كبيرة من الشيعة (ايران والعراق واليمن…).
ما حصل مع الشيعة في الثالث والعشرين من شباط يشبه ما تعتمده الطائفة المارونية عندما تريد أن تكرم أحد الأبرار لديها، الذين خصهم السيد المسيح بالاشارة إليهم مع الصديقين، لترفعه إلى درجة الطوباوية التي تمهد الطريق للقداسة. والطقوس التي تحصل في هذا المرقد الشيعي أو ذاك لا تختلف كثيراً عن الطقوس التي يعتمدها الموارنة وغيرهم من الطوائف والمذاهب عندما يؤمون أحد مزارات القديس شربل، وتحديداً في بلدة عنايا ـ قضاء جبيل، ليؤدوا الصلاة الخاصة بهم.
التجمع الضخم، على الأقل بالنسبة للبنان وعدد سكانه، لم يكن تشييعاً للرجل السيد فقط، وإنما أيضاً رسالة مشفرة لمن يخافون حتى من الجثامين، ويرسلون الطائرات الحربية للاستطلاع، وليس من إصبعه فقط الذي كان يرفعه بوجههم.