Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر October 3, 2023
A A A
شهران قبل الوصول إلى الإنهيار الشامل؟
الكاتب: صلاح سلام - اللواء

الإستقرار النقدي الحالي، والمظاهر الخادعة في المطاعم، والحياة الليلية الصاخبة، بدأت تُغري بعض الأطراف السياسية لهدر المزيد من الوقت، والذهاب بعيداً في مناورات الكرّ والفرّ في المعركة الرئاسية، رغم أن الشغور في بعبدا يقترب من بلوغ عامه الأول، والإهتراء في مؤسسات الدولة، يهدد ما تبقى من صمود البلاد والعباد، في دوامة الإنهيارات المتتالية.
يتجاهل أقطاب الحل والربط في المنظومة السياسية، أن حاكم المركزي بالإنابة وسيم منصوري، قد حذر أكثر من مرّة من عدم القدرة على السيطرة على الوضع النقدي، أكثر من الشهرين المقبلين، وإلى نهاية العام الحالي، في الحد الأقصى. مما يعني أن تفاقم الخلافات الداخلية العقيمة، والتي تحول دون إنتخاب الرئيس العتيد، من شأنها أن توصل البلد إلى مهاوي أكثر تعقيداً، وإلى مراحل أشد صعوبة من التدهور المالي والإجتماعي والمعيشي، الذي يتخبط فيه اللبنانيون، في ظل هذه اللامبالاة المعيبة، من أهل السلطة.

لقد أصبح واضحاً، من مواقف وتصريحات الأشقاء والأصدقاء، أن عملية إخراج لبنان من نفق الأزمات المدمرة، تبدأ بإنتخاب الرئيس، وإنتظام عمل المؤسسات الدستورية، وخاصة على مستوى السلطة التنفيذية، من خلال حكومة مؤلفة من وزراء لا علاقة لهم بمراحل الفساد السابقة، وتكون قادرة على الإلتزام ببرنامج إصلاحي شامل، تُنفذ بنوده وفق أجندة زمنية مدروسة، ومحصّنة ضد المعوقات ومحاولات التعطيل، التي أصابت البرامج الإصلاحية السابقة، منذ مؤتمر باريس ٢، وصولاً إلى مؤتمر «سيدر»، الذي انعقد في العاصمة الفرنسية في أيار ٢٠١٨، وخصص ١١ مليار دولار من مساعدات وقروض ميسَّرة للبنان، شرط أن تُنفّذ الحكومة اللبنانية الإصلاحات التي تعهدت بها أمام المؤتمر. فكانت النتيجة أن تعطلت الإصلاحات بسبب الخلافات والمزايدات الداخلية، وطارت معها المليارات التي كانت ستُجنّب البلد الوقوع في جهنم الإفلاس والإنهيارات.
المفارقة المُحزنة أن الأشقاء والأصدقاء في اللقاء الخماسي، يبذلون الجهود المضنية لتقريب المواقف المتناقضة، والتوصل إلى صيغة مناسبة لإنهاء الشغور الرئاسي، في حين يبقى الفرقاء اللبنانيون أسيري مواقفهم الرعناء، ومتمسكين بحسابات شخصية ومصالح أنانية وفئوية، ولو أدى ذلك إلى سقوط ما تبقى من مقومات الدولة المتداعية أصلاً، بعد أربع سنوات من الضياع وعجز السلطة الفاشلة.
فهل يُدرك جهابذة السياسة والأحزاب ما ينتظر الوطن المنكوب، في حال عدم إنتخاب الرئيس قبل الوصول إلى الإنهيار الشامل نهاية العام الحالي؟