Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر June 1, 2018
A A A
شكوك وغموض يلفان مرسوم التجنيس!
الكاتب: البناء

لبنانياً، أفسح غياب رئيس الحكومة سعد الحريري المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، المجال لتسريبات عن ضغوط سعودية لحفظ حصة وازنة للقوات اللبنانية، ووقف الحكومة وتشكيلتها عند باب معراب، التي لو وثقت أن الحسابات اللبنانية هي ما يقرر مصير الحكومة لأوقفت حملاتها على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وسارعت للبحث عن التسويات. وقد أبدت مصادر متابعة خشيتها من صحة ظنون القوات بالرئيس المكلف وخضوعه للإملاءات السعودية، فتتعثر الحكومة الجديدة طويلاً، وفيما نال الأمن في مدينة بعلبك نصيباً من الحركة السياسية والإعلامية دون معرفة مكمن الخلل الذي يدعو الجميع لمعالجته، فيما الجميع في الدولة رؤساء ووزراء ونواب ومسؤولين إداريين وأمنيين ينادي الدولة بتحمل مسؤوليتها، ليبدو الإنجاز الوحيد في فترة السكون بين حكومتين، هو ما كشف عنه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من خطة منسقة مع الحكومة السورية لتأمين عودة آلاف النازحين السوريين إلى مناطقهم الأصلية التي عادت آمنة في عهدة الدولة السورية.

شكوك وغموض يلفان مرسوم التجنيس!
في وقت تترقب الأوساط السياسية عودة الرئيس المكلف سعد الحريري لتحريك عجلة تأليف الحكومة، وما الذي سيحمله من السعودية في هذا الصدد، انشغلت البلاد بمرسوم التجنيس الذي وقّعه رئيس الجمهورية وشمل منح الجنسية مئات الأشخاص من جنسيات مختلفة ومنها سورية وفلسطينية. وتردد بأن عدد هؤلاء بلغ 300 من رجال أعمال بهدف تشجيع الاستثمارات في لبنان وآخرين يتحدّرون من أصول لبنانية تعرقلت معاملاتهم لأسباب معينة في مرسوم التجنيس الأخير. لكن مصادر عدة أبدت خشيتها من أن يكون هذا المرسوم مقدمة لمراسيم أخرى أو تشجيع لمنح الجنسيات لأعداد أكبر من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في ظل التواطؤ الدولي لتوطين النازحين أو إطالة أمد إقامتهم في لبنان لأسباب سياسية وأمنية عدة، لا سيما في ظل عدم الإعلان عن هذا المرسوم الذي يلفه الشكوك والغموض، في حين تساءلت مصادر أخرى عما إذا كانت صفقة ما تقف خلف توقيع هذا المرسوم قبيل تحول الحكومة الى تصريف أعمال مقابل مبالغ مالية لبعض الشخصيات الوزارية النافذة. وسأل رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي «هل نفذ وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال نهاد المشنوق صفقته الأخيرة في الداخلية قبل الرحيل عبر مرسوم الجنسية و المجنسون يتحدثون عن عشرات ملايين الدولارات فمَن قبضها؟».

ووفق معلومات «البناء» فإن عدداً ممن منحوا الجنسية توجهوا أمس الى دائرة الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية لتقديم الأوراق المطلوبة للحصول على الجنسية.

وإذ لم تنفِ مصادر بعبدا توقيع الرئيس ميشال عون المرسوم، رفضت الدخول في تفاصيله، موضحة لـ «البناء» أن «مرسوم التجنيس لا يحتاج الى مجلس وزراء بل يصدر من وزير الداخلية والبلديات ويوقعه رئيسا الحكومة والجمهورية. وهذا حق دستوري بمعزل عن تفاصيله والأسباب الموجبة»، مشيرة الى أنه ليس بالضرورة أن ينشر بالجريدة الرسمية لاعتبارات شخصية تتعلق بالمستحصلين على الجنسية»، مشددة على أن رئيس الجمهورية لا يوقع مرسوماً إذا كان يخالف الدستور أو يضرّ بالمصلحة العليا للبلاد. بينما قالت مصادر وزارية وقانونية لـ«البناء» إن «مرسوم التجنيس لا يخالف الدستور لكن أيّ مرسوم في هذا الموضوع يجب أن يحدّد عدد الأشخاص الممنوحين الجنسية وتحديد الأسباب الموجبة لمنحهم».

وأشار وزير الداخلية والبلديات الأسبق العميد مروان شربل لـ«البناء» الى أنّ «لرئيس الجمهورية الصلاحية والحق الدستوري بتوقيع أيّ مرسوم مع رئيس الحكومة والوزير المختصّ ولا شيء يمنع الرئيس عون من توقيع مرسوم التجنيس لا سيما وقد حصلت سوابق عدة خلال العهود السابقة»، مشيراً الى أنّ عدد الذين مُنحوا الجنسية بموجب هذا المرسوم أقلّ بكثير ممن منحوا الجنسية في العام 1994 الذي بلغ عددهم حوالي 120 ألفاً من سوريين ومصريين وفلسطينيين وغيرهم». ولفت الى أنّ «الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان وقع مرسوم تجنيس أبان الحكومة التي رأسها الرئيس نجيب ميقاتي شمل عدداً قليلاً من الأجانب من أصول لبنانية قبيل صدور مرسوم استعادة الجنسية».

باسيل: لا حكومة من دون السريان والعلويين
ومن المرتقب أن يعود مسار التأليف الى زخمه مع عودة الرئيس الحريري من السعودية المرجح الأسبوع المقبل، برز تصريح رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل أمس، بأن الحكومة لن تكتمل إلا بتمثيل السريان والعلويين ما يعني بأنّ الحكومة العتيدة ممكن أن تتعدّى الثلاثين وزيراً، وقالت مصادر بعبدا لـ «البناء» إنّ «مشاورات تأليف الحكومة مجمّدة ريثما يعود الرئيس الحكومة المكلف»، ورفضت الحديث عن حصة لرئيس الجمهورية بل «للرئيس الحق بأن يكون ممثلاً بعدد من الوزراء»، وأكدت المصادر «اتفاق الرئيسين على حكومة من 30 وزيراً وأن لا يتعدّى العدد أكثر»، وأشارت الى أنه «لم يتمّ الدخول في تفاصيل الحصص وتوزيع الحقائب حتى الآن والرئيس عون ينتظر من الحريري أن يأتيه بتصوّر أوّلي أو مسودّة تشكيلة ليضع رؤيته وتصوّره وملاحظاته عليها». ولفتت الى أنّ «كلام الرئيس المكلف عن حصة وزارية له ليس موجّهاً ضدّ الرئيس عون الذي لا يمانع أن يكون لرئيس الحكومة حصة وازنة». وقال مصدر وزاري ودستوري لـ «البناء» إنّ «رئيس الجمهورية هو من يوقع مرسوم تشكيل الحكومة بحسب الدستور. وهذه إحدى أهمّ صلاحياته بعد اتفاق الطائف ومن الطبيعي أن يحدّد عدداً من الوزراء الذين يراهم أفضل من غيرهم لتمثيله، أما تشكيل الحكومة فتتمّ بالاتفاق مع رئيس الحكومة الذي له الحق أيضاً بالحصول على وزراء لكن ذلك خاضع للاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة».

وأشار المصدر الى أنّ «هناك مبالغة بالحديث عن عزل حزب القوات اللبنانية الذي من حقه أن يتمثل في الحكومة ولا خلاف على الحصة، بل الخلاف سياسي بين التيار الوطني الحر والقوات»، أما نائب رئيس الحكومة فـ»لا توجد أعراف وقواعد لتحديد من يتولى المنصب، لكن من المنطقي أن يذهب الى الكتلة المسيحية الأكبر رغم غياب أيّ صلاحيات دستورية لهذا المنصب».

ورأى وزير المال علي حسن خليل أنّ «أمور التشكيل تسير بطريقة ايجابية»، داعياً الى «الابتعاد عن رفع الاسقف في المطالب»، ولفت الى أنّ «المطلوب قيام حكومة لتنفيذ مقرّرات مؤتمر سيدر»، مشيراً الى أنه «يجب تخفيض الإنفاق وإغلاق مزاريب الهدر وتكبير حجم الاقتصاد الذي يمرّ بفترة حرجة جداً وهناك نوع من الجمود الاقتصادي يؤثر على نسبة العجز».

إبراهيم: التواصل مع سورية قائم لإعادة النازحين
على صعيد آخر، وبعد كلام البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي بعد جولته الأوروبية حول غياب النيات الدولية لإعادة النازحين السوريين الى سورية، أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أنّ «التواصل قائم مع السلطات السورية لإعادة آلاف السوريين الى ديارهم والموضوع قريب». وقال، خلال قيامه بجولة تفقدية على المبنى الجديد لمركز المتن الإقليمي في الجديدة: «سيتمّ إنشاء 10 مراكز في لبنان خاصة بالسوريين لتخفيف الضغط عن المراكز الأساسية، وذلك لا يعني ان بقاءهم في لبنان سيطول».
وأشارت مصادر وزارية لـ«البناء» ألى أن «لا مؤشرات خارجية على إعادة النازحين السوريين لأسباب سياسية، ما يعني أن لا حلّ قريب لأزمة النازحين في لبنان»، مرجحة أن يتحوّل هذا الملف خلافاً ساخناً وحاداً بين مكونات الحكومة المقبلة، متوقعة أن «لا يغيّر رئيس الحكومة موقفه من هذا الملف في ظلّ الضغط الخارجي». وأبدت تقديرها لجهود اللواء إبراهيم، لكنها غير كافية وإن كان إبراهيم سيعمل على تسهيل عودة من يريد من النازحين السوريين مع السلطات السورية، لكن لا إرادة لدى النازحين بسبب المخاوف الدولية التي زرعتها منظمات الأمم المتحدة في نفوسهم».