Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر January 31, 2017
A A A
شفاينشتايغر يختبر الموت ويعود إلى الحياة
الكاتب: شربل كريم - الأخبار

احرج شفاينشتايغر مدربه مورينيو باحترافيته، وهذا الامر يعدّ درساً لاي لاعبٍ طامح لتمديد مسيرته او للوصول الى اهدافه .
*

لم يفعل باستيان شفاينشتايغر شيئاً عظيماً مساء الأحد كقيادته مانشستر يونايتد إلى لقبٍ كبير تماماً كما اعتاد أن يفعل أيام كان لاعباً في بايرن ميونيخ ومع منتخب ألمانيا. لكن لا شك في أن عودة «التايغر» بهذه الطريقة هي درسٌ يمكن إدراجه في كتاب كرة القدم.

إذاً بعد كل شيء هو على قيد الحياة. بهذه العبارة بدأت صحيفة «ميرور» الإنكليزية مقالاً أمس لوصف العودة اللافتة للاعب الوسط الألماني باستيان شفاينشتايغر، الذي كان قد نفاه مدربه البرتغالي جوزيه مورينيو.
الكل يعرف القصة التي أحدثت انقساماً كبيراً في الرأي العام الرياضي حول العالم بين مؤيدٍ لقرار مورينيو، وآخَر معارضٍ له.

الفريق الأول صوّب على «شفايني»، ورأى أنه أخطأ منذ أيام المدرب الهولندي لويس فان غال، عندما انشغل بزوجته لاعبة كرة المضرب الصربية آنا إيفانوفيتش، حيث استغل فترة إصابته وابتعاده عن التشكيلة للحاق بها حول العالم ومتابعة مبارياتها بدلاً من التركيز على عودته إلى سابق عهده. أما الفريق الثاني، فيرى أن شفاينشتايغر ظُلم كثيراً لأن لاعباً بقيمته يفترض أن يلقى معاملةً أفضل، أو أقله يعطى فرصة في عهد المدرب الجديد لمانشستر يونايتد، فذهبوا إلى حدّ اعتبار أن مورينيو يحفظ ثأراً شخصياً للاعب المنبوذ.
المهم أن شفاينشتايغر عاد، وعودته لم تكن قطّ عادية، إذ قدّم أفضل مباراة له في قميص مانشستر يونايتد، بعدما أهدى البلجيكي مروان فلايني كرة الهدف الأول في مرمى ويغان، ثم سجل بنفسه الهدف الرابع لفريقه، ليوقّع على أول هدفٍ له في «أولد ترافورد»، وهو ثاني هدفٍ له مع الفريق الإنكليزي منذ تسجيله باكورة أهدافه في تشرين الثاني 2015.

* 385 يوماً انتظرها شفاينشتايغر للعودة أساسياً مع «الشياطين الحمر».

33 مباراة خاضها «النمر» الألماني قبل مباراة الأحد، ولم يتمكن من صناعة هدف وتسجيل آخر في نفس المباراة، رغم أنه قدّم أداءً طيّباً في مباريات عدة قبل أن يدخل تلك المرحلة المضطربة التي أطفأت نجمه وهددت مسيرته الكروية. لكن يحسب لشفاينشتايغر عناده وإصراره وثقته الكبيرة بنفسه، فهو يعكس الطبيعة الألمانية التي يتحلى بها أبناء بلاد أبطال العالم، فرفض مبتسماً مرات عدة ترك يونايتد والرحيل إلى فريقٍ آخر، مصراً على إثبات نفسه من جديد. وبابتسامة دائمة واجه الصحافة البريطانية المزعجة التي وجدت في تدرّبه مع الفريق الرديف مادة دسمة، لكن كل أسهم الانتقادات لم تضعفه، بل أعطته دافعاً إضافياً لإجبار مورينيو، بكل ما للكلمة من معنى، على احترام مجهوده وفسح المجال له ليأخذ فرصته رغم كل الهجمة النفسية التي تعرّض لها من قبل المدرب الذي يصفه الكثيرون باللئيم، والتي كان من شأنها أن تدمر أي لاعبٍ آخر.

385 يوماً انتظرها شفاينشتايغر للعودة أساسياً مع «الشياطين الحمر»، وهو لم يكن الوحيد الذي آمن بعودته إلى الملاعب من الباب العريض، بل كل من تابع مسيرته كان مقتنعاً بأن اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً سيعود لا محالة. هو أحرج مورينيو باحترافيته، وهذا الأمر يُعَدّ درساً لأي لاعبٍ طامح إلى تمديد مسيرته أو الوصول إلى أهدافه. أحرج البرتغالي بتدرّبه بجدية مع الفريق الرديف، وبعدم بثّه أجواءً سلبية في صفوف الفريق الأول، وبتعامله مع أي مناسبة ليونايتد بمساندة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يتابعه الملايين. أدخل الخجل إلى مورينيو الذي أُجبر على احترامه فإدراجه أساسياً أمام ويغان، ثم أحرجه أمام العالم بعدما هزّ الشباك، فتحوّلت اللقطة سريعاً من صورة احتفال شفاينشتايغر إلى صورة قريبة على وجه مورينيو الذي رسم ابتسامة صفراء على محياه.

ابتسامة لا شك في أنها عكست حسابات جديدة في ذهن مورينيو، ومنها كيفية إعادة دمج «شفايني» في تشكيلته، فكان القرار سريعاً بإدراج اسمه ضمن التشكيلة التي ستستكمل المشوار في مسابقة «يوروبا ليغ»، بعدما كان قد استبعد منها سابقاً.

طبعاً لم يقبل مورينيو أن يظهر بصورة المنكسر أمام الإعلام، فأوعز السبب إلى النقص في تشكيلته بعد الاستغناء عن الفرنسي مورغان شنايدرلين والهولندي ممفيس ديباي، لكن بلا شك يستحق شفاينشتايغر تلك الفرصة ويمكنه أن يكون أكثر إفادةً للفريق. فصحيح أن الألماني صنع هدفاً وسجل آخر أمام ويغان، لكن لا يزال تنقصه أشياء كثيرة ليعود إلى شكله السابق. وبالتأكيد فإن مباراة في الكأس وأمام فريقٍ مثل ويغان لا تشكّل اختباراً حقيقياً بل تحتاج إلى ضغطٍ أكبر للحكم عليه فعلياً. ورغم ذلك فعل شفاينشتايغر ما طُلب منه بامتياز، فلعب دوراً قيادياً في وسط الملعب، وظهر مراراً على خط التمرير لإراحة أي حامل للكرة تحت الضغط، وبرع في تحديد وجهة اللعب التي كانت سمته دائماً.
صفّق جمهور يونايتد لشفاينشتايغر طويلاً بعد تسجيله أول أهدافه في «أولد ترافورد»، بينما لا شك في أن النجم الألماني استعاد في رحلته من الموت إلى الحياة شريط ذكريات مروره في هذا الملعب بالتحديد، فحنّ إلى استعادة الماضي بقميص أحمر آخر، فهي ليست المرة الأولى التي يزور فيها شباك «مسرح الأحلام»، إذ سبق أن فعلها عندما سجل هدف التعادل لبايرن ميونيخ في الدور ربع النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا عام 2014. هدفٌ لا يزال يذكره جمهور الفريق الإنكليزي بالتأكيد لأنه كان الخطوة الأولى للفريق البافاري (فاز 3-1 إياباً) نحو إقصاء منافسه من الساحة القارية عامذاك.