Beirut weather 17.04 ° C
تاريخ النشر November 12, 2025
A A A
شدّ حبال بين الأولويات اللبنانية والضغوط الأميركية – الإسرائيلية!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال

تكاد تكتمل دائرة الحصار حول لبنان، فمن جهة يصعد العدو الاسرائيلي إعتداءاته قتلا وتدميرا، ومن جهة ثانية تمارس الولايات المتحدة الأميركية شتى أنواع الضغوط السياسية والمالية عبر وفود تصول وتجول على الرؤساء الثلاثة رافعة السقوف الى المدى الأعلى، ومحملة الحكومة مسؤولية عدم الإلتزام بالتوجيهات والشروط الأميركية، ومن جهة ثالثة محاولات إقناع يقودها موفدون دوليون لإقناع لبنان بعدم معاندة الأميركي والرضوخ لمطالبه، ومن جهة رابعة الصدى الأميركي في الداخل اللبناني الذي يهدد وحدة البلاد وإستقرارها.

يمكن القول، أن المبادرات والطروحات التي يقدمها الموفدون كثيرة ومتشعبة، لكن المطلوب واحد، وهو الذهاب نحو مفاوضات مباشرة تحت النار، والخضوع للشروط الاسرائيلية بما يعني الاستسلام الكامل للعدو، وتشريع إحتلاله والموافقة على المنطقة العازلة تحت الشعار “الصناعي ـ الاقتصادي”، والتي تريد إسرائيل ربطها بجنوب سوريا والانطلاق منها نحو تحقيق إسرائيل الكبرى.

لا شك في أن الجهد الأميركي ـ الاسرائيلي ينصب اليوم على إلغاء إتفاق وقف إطلاق النار الذي أقر في 27 تشرين الثاني 2024، كونه يعطي لبنان مكتسبات على أكثر من صعيد، أولا لجهة حق الرد على العدوان وهو لم يستخدمه حتى الآن لا من قبل الجيش اللبناني ولا من قبل المقاومة الملتزمة بهذا الاتفاق والتي ما تزال تنتظر حكومة نواف سلام أن تنجح في إنهاء الاحتلال عبر إتصالاتها الدبلوماسية، وثانيا إنسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية ووقف إعتداءاتها وإطلاق الأسرى وإعادة الإعمار، بما يؤسس لعودة الحياة الطبيعية الى الجنوب ويدفع الدولة الى وضع ملف السلاح على طاولة النقاش حول كيفية إستثماره في تعزيز الأمن الوطني، ويأتي كل ذلك لمصلحة تفاوض مباشر تحت النار يفرض شروطا جديدة، ويفضي الى إتفاق يدرك الجميع أنه لن يكون في مصلحة لبنان لا من قريب ولا من بعيد.

هذا الواقع يضع البلاد أمام معادلة شد حبال بين الأولويات اللبنانية وبين الضغوط الأميركية والاسرائيلية، خصوصا أنه كلما تعاطى لبنان بإيجابية مع بعض المطالب تسارع إسرائيل الى رفضها وتطالب بمزيد من التنازلات، وهي سبق أن رفضت الانسحاب بناء على الوعود الأميركية حول الستين يوما بعد الاتفاق، كما أفشلت مهمة المبعوث الأميركي توم باراك، وهي اليوم لا تتوانى عن إحراج لجنة الميكانيزم التي تحولت الى شاهد زور على ما تقوم به من غطرسة وخروقات بلغت نحو سبعة آلاف خرقا.

وفي هذا الإطار، وافق لبنان الرسمي على التفاوض غير المباشر وعلى تطعيم لجنة الميكانيزم بخبراء وتقنيين مدنيين، وذلك من أجل تحقيق مكاسب وفي مقدمها إلتزام إسرائيل بالقرار 1701 وتثبيت إتفاق وقف إطلاق النار، وهو لن يقدم على خطوة التفاوض قبل حصول ذلك، وهذا ما يتمسك به رئيس الجمهورية جوزيف عون الذي وضع هذه المسلمات ضمن خطاب القسم ما يعني أن الإلتزام بها غير قابل لأي مساومة.

وجاءت الثوابت التي أعلنها أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم في خطابه أمس لتصب في هذا الإطار ولتؤكد على التطابق مع وجهة النظر الرسمية، لجهة أن إتفاق وقف إطلاق النار هو حصرا لجنوب الليطاني ويقضي بإنسحاب إسرائيل وبعدها لا مشكلة على أمن المستوطنات، وأن الجنوب مسؤولية الدولة والحكومة، وأن لا إستبدال للإتفاق ولا تبرئة لذمة العدو الاسرائيلي.

أما أبرز ما قاله الشيخ قاسم وبإختصار شديد هو “أن إستمرار العدوان على هذه الشاكلة من القتل والتدمير لا يمكن أن يستمر ولكل شيء حدّ”!..