Beirut weather 22.43 ° C 31 Mar 2025 - 19:33:19
تاريخ النشر March 28, 2025
A A A
شتاء لبنان بلا أمطار ودون المعدل .. فهل نحن أمام كارثة بيئية؟
الكاتب: مارينا عندس - الديار

فصل الشتاء في لبنان هذا العام، لم يكن كباقي السنين. فلقد كان بخيلًا في مياهه، حاملًا معه كارثة بيئية وهي الجفاف. فهل سيتحمّل لبنان نتائج هذه الأزمة؟

أشارت مصلحة الأرصاد الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي، إلى “تراجع مخزون المياه، وانعدام التراكمات الثلجية التي تعتبر أساسًا في تغذية المياه الجوفية والينابيع؛ فالثلج تساقط بكميات قليلة على ارتفاع 2500 متر، “ما يعني أنّنا متوجّهون نحن مشاكل مرتبطة بمياه الشرب والري، ومخزون المياه الجوفية، والمساحات الحرجية، والبساتين والمزروعات.

أما بالنسبة الى الفوارق المسجلة لهطلات الشتاء الجاري مقارنةً بهطلات الفترة عينها من العام الماضي، فقد سجل مرصد المصلحة هطل 242 مليمترًا في مدينة بيروت مقابل 520 مليمترًا في الفترة نفسها من العام الماضي، وفي مدينة طرابلس 247 مليمترًا مقابل 540 مليمترًا، وفي مدينة زحلة 149 مليمترًا مقابل 285 مليمترًا.

ويلامس معدل السنة المطرية في بيروت، وفق المصدر ذاته، 825 مليمترًا، وفي طرابلس 900 مليمتر، وزحلة 675 مليمترًا.

إذًا، يبدو أنّنا أمام تحديات كبيرة وعلى المزارعين التنّبه الى هذا الأمر قبل فوات الأوان.

في ضوء ذلك، يؤكد رئيس تجمع المزارعين في البقاع ابراهيم الترشيشي، أنّنا “أمام مشكلة تصحّر حقيقية، ودخلنا مرحلة التصحّر منذ فترةٍ طويلةٍ. ولكن تحديدًا هذا العام، حُرم المزارع من أبسط نعمه ألا وهي الأمطار المجانية”.

وعن الواقع البقاعي، أشار إلى أنّ “البقاع هي أول من دخلت مرحلة الجفاف فمالمعدّل العام شهد نصف الكمية بالنسبة للسنوات الماضية، والبقاع لم تشهد سوى البرد والجفاف والهواء الشمالي. صحيح أنّها أمطرت قليلًا، لكنّها لم تجمّع هذه الكمية المطلوبة في باطن الأرض”.

وأكمل:” تساقط الأمطار لم يكن منتظمًا هذا العام، بل شهدنا ضخّات من وقتٍ الى آخر، من دون تعبئة الينابيع، ولا رفع مستوى الآبار الارتوازية، ولا بغسل الأرض من النيترات والادوية. لذلك، نتخوّف من انعدام المياه سيّما مياه الشرب”.

الترشيشي لفت في حديثه للدّيار، إلى أنّ “الوزارة أعطت إرشادات مناسبة لحسن استعمال المياه من دون الإفراط بالكميات، لكنّه ليس الحل الجذري لهذه المشكلة. الحل يكمن في إقامة سدود والاستفادة من الأمطار الغزيرة القليلة ووضع خطط بديلة طارئة. وللأسف، سيبدأ المزارع باستعمال الآبار الارتوازية بدءًا من اليوم، وسيدفع كلفة الرّي بدءًا من اليوم. لذلك، موسم القمح أيضًا في خطر”.

الجفاف يسيطر على لبنان

يشكّل الجفاف والتغيرات المناخية تهديدًا كبيرًا للبنان على المستويين المائي والكهربائي. وعلى الرّغم من أنّ لبنان قد شهد سابقًا، حالات مشابهة من الجفاف أو انخفاضًا في مستوى المياه، فإنّ هذا لا يعني أنّ لبنان لا يعاني من شحٍ دائمٍ في المياه، سواء كانت معدلات المتساقطات جيدة أم لا، وخصوصًا في فصل الصيف، حيث تنشط عمليات تعبئة المياه المنزلية للخدمة طوال الموسم بأسعار مرتفعة.

المطلوب اليوم اتخاذ تدابير عاجلة ومراجعة شاملة للسياسات المائية والطاقوية في البلاد، بالإضافة إلى الاستثمار الصحيح والسليم في المقدرات المائية الموجودة بما يصب في خدمة الأمن المائي للبلد بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى.

 

ويرى خبراء، أنّه في ظل هذه المعطيات، يبدو لبنان بحاجة إلى استراتيجيات وطنية شاملة لإدارة المياه، تشمل تحسين البنية التحتية، توعية المواطنين حول أهمية الحفاظ على المياه، تشجيع تقنيات الري الحديثة، لأنّ الأزمة ليست فقط موسمية، بل تشمل السنوات الأخرى.