حرب مبطنة يعيشها اللبنانيون منذ إبرام إتفاقية “الهدنة”، منذ أكثر من ثلاثة أشهر، فأصبح كلّ ما يحدث غير مفهوم في ظل الاعتداءات، والاستهدافات اليومية، فهل ما نعيشه هو “الهدنة” أم نمط حياة جديد علينا أن نعتاده؟
يكاد لا يمر يوم واحد من دون أن ينفذ الجيش الاسرائيلي غارة، أو إغتيالاً، أو يمارس ترهيبه على أهل القرى الحدودية من خلال إلقاء القنابل الصوتية، أو رشقات من الرصاص الحيّ، وكان آخر استهدافاته إغتيال قائد الفرقة المضادة للدروع في الجبهة الجنوبية، في “حزب الله”، في غارة استهدفت سيارته على طريق النبطية، وفق مزاعم للجيش الاسرائيلي.
وأشار المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إلى أن العنصر المستهدف، “عمل خلال الحرب على ترويج مخططات إرهابية عديدة ضد دولة إسرائيل وكان مسؤولاً عن نقل عناصر إرهابية والتسلح بوسائل قتالية في منطقة جنوب لبنان”.
وأضاف أدرعي: “على مدار الأشهر الأخيرة واصل حلاوي العمل على تنفيذ مخططات إرهابية ضد الجبهة الداخلية الاسرائيلية، وهذه الأنشطة شكلت تهديداً على دولة إسرائيل ومواطنيها”. وأكد أن “الجيش الاسرائيلي سيواصل العمل لإزالة أي تهديد على مواطني دولة إسرائيل”.
وبحسب العميد خالد حمادة فان “الاعتداءات التي نشهدها سواء في الجنوب أو البقاع هي وليدة الظروف المحيطة بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وإذا نظرنا إلى المشهد العام، فهناك إحتلال للأراضي اللبنانية، ما يعني أن لا إلتزام بالاتفاقية”.
ويضيف لموقع “لبنان لكبير”: “في المقابل هناك نشاط عسكري في جنوب الليطاني، ولو أنكر حزب الله ضلوعه به، خصوصاً الهجمات الأخيرة التي حصلت على مستوطنة المطلّة، ما يعني أن من كان يقف وراء هذا المخطط، أراد إستدراج لبنان مجدداً إلى تصعيد من الجانب الاسرائيلي”.
ويشير حمادة إلى أن “هناك مساعٍ وأصوات أميركية تحث لبنان على تنفيذ بنود الإتفاقية كافة، أبرزها نزع سلاح حزب الله، وكما نرى، لا مساعي أو خطة من الحكومة اللبنانية بغية تنفيذ هذا الشرط، ويمكن القول، إن عدم الإلتزام ليس من جانب واحد فقط كما يروّج له، وهذا يضعنا في موقف حرج أمام المجتمع الدولي، وهو عدم قدرة الدولة اللبنانية على تنفيذ بنود الإتفاق”.
أمّا حول المشهد الاقليمي في المنطقة، فيلفت حمادة الى أن “هناك تصعيداً عسكرياً في غزّة من الجانبين، الفلسطيني والاسرائيلي، بالاضافة إلى الهجمات الحوثية من اليمن”، معتبراً “أننا جزء لا يتجزأ من هذا المشهد الاقليمي المضطرب ولا يمكن فصله عما سيحدث في لبنان، وكما بدا واضحاً من أميركا أنها لن تذهب إلى تدوير الزوايا، في تنفيذ الإتفاقات سواء في غزّة أو في لبنان، والإبقاء على وجود السلاح هو خارج المنطق الأميركي”.
ويرى حمادة أن هذه الهجمات لن تتوقف من تلقاء نفسها، قبل إنجاز ما هو موجود في الاتفاق، فعلى لبنان أن يجيب الموفدين كيف سيعمل على تنفيذ كل بنوده، التي من شأنها وقف إطلاق النار، وإلاّ الهجمات ستستمر، وقد تشمل الضاحية الجنوبية، ولن تقتصر على البقاع والجنوب.
وبالحديث عن حصار اقتصادي مرتقب في حال لم يتم نزع سلاح “حزب الله”، يقول حمادة: “عندما تقول الولايات المتحدة الأميركية إنها ستمنع المساعدات من الوصول إلى لبنان، وهناك إلتزام خليجي بهذا القرار يعني أننا سنتخبّط اقتصادياً، خصوصاً في حال حصول حصار مالي لناحية التضييق على التحويلات المالية، فعلى الدولة تنفيذ ما التزمت به”.
أما العميد حسن جوني، فيستبعد الانجرار إلى حرب واسعة، إلاّ أن الخروق الأمنية ستظل من الجانب الاسرائيلي الذي يعيش نشوة الانجازات العسكرية التي حققها في صفوف “حزب الله”.
ويعتبر جوني في حديثه لموقع “لبنان الكبير”، أن كلّ هذا من شأنه زيادة الضغط على الحكومة اللبنانية من أجل تحقيق مكتسبات أمنية وعسكرية وصولاً إلى فرض التطبيع. فعنوان المرحلة التي وصلنا إليها، هي الخروج بأقل أضرار ممكنة، نتيجة تغيّر موازين القوى، والتغيرات في المنطقة.
أمّا عن حصار اقتصادي مرتقب، فيقول: “الأمر ليس وارداً بهذا الشكل، إنما قد نشهد المزيد من العقوبات على أشخاص مؤثرين في القرار اللبناني من الولايات المتحدة الأميركية، وليس على جميع فئات المجتمع اللبناني، التي لا تشكل خطراً عليها”.