Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر June 13, 2018
A A A
سيبقى علم لبنان الحر الموحد يرفرف
الكاتب: سليم فرنجيه

اما انا فكان لي من العمر تسع سنوات ، شريط أحداث ذلك النهار لا يفارق ذاكرتي .

لم استفق ذاك الصباح الربيعي على صوت أمي لأتهيّأ للذهاب إلى مدرستي …بل استفقت على البكاء والعويل …..عويل امي والجيران على الأخبار التي بدأت تصل من أهدن…..
بسرعة وعلى غير عادتي لبست ثيابي لمرافقة أمي وشقيقتي إلى منزل جدي في محلة العبي قرب قصر الرئيس فرنجيه .
من منزلنا القريب من عمارة العزّ (المنزل الوالدي للرئيس فرنجيه ) المعروفة بالسهلة، إلى القصر الحزين في منطقة كفرحاتا العقارية (قصر الرئيس فرنجيه )

والرحلة سيراً على الأقدام لحوالي خمس عشرة دقيقة …. احسستها كأنها خمس عشرة ساعة .

مشاهدات لا توصف …..النحيب والبكاء والعويل والنسوة يتوشّحن بالأسود ولا وجود للأطفال في ألأزقة يلعبون ولم أشاهد شيئاً من مظاهر الحياة…
فمن المشاهدات التي تأثرت بها سيارة جارنا منصور ليشع مع سائقها وهو يغسلها من الدماء لانها في ذاك النهار أصبحت سيارة إسعاف…. بعد ما كنت استعملها انا وحنا وسليم للقيام بنزهة كل يوم خلال فصل الصيف ..

تركتني والدتي وصعدت إلى أهدن الجريحة مع آخرين ….
ما هي إلا ساعات قليلة، وبدأت مواكب السيارات المحمّلة بجثامين الشهداء تصل الواحدة تلو الأخرى من أهدن….
فأيقنا ما حصل في عرين السباع من غدر من كنا وإياهم بالأمس القريب أخوة في الجهاد ضد الغزاة .

خلال مرور السّيارات كنت أقف في مكان مرتفع لأشاهد الجثامين في داخل كل سيارة ،وانا في خوف شديد من أن أشاهد جثمان أحد الأقارب .

وكان تفكيري وهو في أن افقد والدي في ذاك النهار .

وحوالي الساعة الواحدة من بعد الظهر وصلت والدتي برفقة جدتي غرة بوضاهر من أهدن …

ذاك المشهد لا يفارق ذاكرتي صراخ وبكاء ،شعر مبعثر، ووجه مضرّج بالدماء جرّاء اظافر فقدت صوابها على المصير المأساوي لطوني وفيرا وجيهان وآخرين…

فكان الله في عون من فقد اباً أو أماً أو أخاَ أو قريباَ.

رغم مرور الزمن ما زال الحقد يسيطر على تفكيري ويشل فيّ نعمة المسامحة ،وانا المسيحي المؤمن والملتزم دينياً…

كان الله في عونك أيها الكبير معالي الوزير سليمان فرنجيه، فانت سامحت من قتل الشقيقة وآلام والاب والأهل والاصدقاء.. وليس مسامحة فولكلورية بل بوجود رأس الكنيسة المارونية…

ولا انسى وانت دائما تردد تلك العبارة التالية :

“مصلحة لبنان أكبر من فقدان الأهل”

وكيف لا وانت الوريث ،وحامي شعار :

” الأشخاص زائلون اما لبنان فباق “

و ” وطني دايما على حق”

وطالما يوجد دم في عروقنا سيبقى علم لبنان الحر الموحد يرفرف …..

١٣ حزيران ٢٠١٧

السلطان