Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر March 12, 2024
A A A
سوزان بعيني…هناك الاحبة اصبحوا اكثر
الكاتب: الاعلامي روبير فرنجيه

هذه المرة لم يكن بالامكان اقناعها بالعزوف عن السفر …
هناك الاحبة أصبحوا أكثر .
لقد اشتاقت لوجوههم وحكاياتهم.
الناس هناك يشبهونها أكثر.
هناك لا كورونا ولا ودائع ولا ثورات ولا خضات.
هناك في أحضان الاب السماوي نبع الفرح وهي التي عزفت أناشيده وعلى أوراقها صدحت مواويله.
سوزان “بعيني” بل بعيوننا نحن الذين أحببناها قصيدة موزونة كتبت على بحر الوفاء.
ألا يحق للشاعرة أن تستحدث بحراً بعلبة تلوينها ؟
لا أملك حاسة سادسة لاحزر أن زيارتنا الاخيرة لها كانت الاخيرة.
زيارتنا الاديبة والشاعرة والمنتدية والناثرة والمربية كانت قبل أيام من دخولها المستشفى.
كانت أنيقة كالعادة.
تصر على الوقوف لاستقبالنا.
تضحك وهي محاطة بـ “بنات عيلتها” فالرجال أصبحوا في المهجر.
أحاديث كثيرة دارت بيننا.
غياب المنتديات في منطقتنا، الاصدارات، تجربة البيت الثقافي، برنامجي الجديد ألبوم الاصالة، ضيفة الحلقة جاندارك أبو زيد التي لم تكبر، خطاباتها حين كانت مديرة الثانوية وطقوسها الادارية، عرابة ١٨ حفيداً في العائلة مع أنها كانت تريد ابقاء العدد على رقم ١٧ ….
طبعت على جبينها قبلة وشعرت بحرارة استقبالها لنا.
كانت تريد الوقوف وتصر على العلاج الفيزيائي.
لم تعتد الجلوس ولا الانحناء.
عاشت واقفة بشموخ حتى في أحزانها وخيباتها .
قالت لي مرة في جنازة أحد كبار أهل الفن: غريبة هذه الجنازة من دون زحمة معزين.
قلت لها “ما عاد في وفا” نظرت الي قائلة: أنت الوحيد الذي لا يحق لك قول ذلك.
وأردفت: كان توقيع كتابك في ساحة سبعل عن السبعلي مهرجاناً، وبعد أشهر كانت حفل نيلك وسام بول هاريس أقرب الى مهرجان أيضاً.
قالت على أكثر من منبر أنها تفخر أنني كنت وسفير لبنان في غانا ماهر الخير من تلاميذها.
ونحن كنا نفخر أنها أخذتنا الى صحافة الحائط ….. كتبنا مقالاتنا الاولى على جدران ملعب المدرسة.
في جلسة سوزان الاخيرة طالبتها بنصوص ما كانت تكتبه عن الامثال، الشاعرة ميراي شحادة تحمست لطباعته الفورية وبأيام، فهي تعتبرها شقيقة لوالدها شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحادة.
أخبرتنا عن هذه التجربة وأعرب محسن ومرسال وقبلان عن استعدادهم للتنقيح والتصحيح بعد الطبع.
وعدتنا بأنها سترسل الاوراق مع “سميتها” سوزان ووعدنا أنفسنا بأن منطقتنا ستشهد على سلام الراسي الخاص بها، لكن الخبيث لا يمكن إلا أن يفتك بالجسد ويغدر بصاحبه، هل يمكن للسرطان أن يكون له صاحباً ؟.
سوزان بعيني غيابك اليوم ذكرني بغياب الكثير من الادباء والشعراء والزملاء والاصدقاء.
لقد أصبحتوا هناك أكثرية نوعية.
فكروا بمعرض كتاب، بسيمبوزيوم، بأسبوع ثقافي حيث أنتم، إصنعوا من التراب في المدافن مجسمات ومنحوتات وقصائد رملية.
توقيع ديوان الرمال لا يحتاج الى بطاقة دعوة.
ورقة نعي سوزان قرأتها كأنها بطاقة.