تعد الجزر اليونانية والساحل الغربي لليونان من المناطق الأكثر نشاطاً زلزالياً في العالم، وقد شهدت في الآونة الأخيرة ظاهرة زلزالية مثيرة للقلق، اذ تعرضت جزيرة سانتوريني لسلسلة من الزلازل تجاوز عددها 200 خلال ثلاثة أيام.
وتخوفاً من احتمال وقوع زلزال قوي، أعلنت السلطات اليونانية عن اتخاذ تدابير احترازية، بما في ذلك إغلاق المدارس وتحذير المواطنين من التجمعات في أماكن مغلقة، بسبب نشاط زلزالي غير اعتيادي تم تسجيله في منطقة بحر ايجه منذ 28 كانون الثاني.
ووفقاً للبيان الرسمي، يقع مركز النشاط الزلزالي على بعد 25 كيلومتراً شمال شرقي جزيرة سانتوريني، التي تُعتبر من أكثر المناطق الناشطة زلزالياً في البحر الأبيض المتوسط، وتقع فوق بركان ثار آخر مرة في العام 1950، لكن لجنة خبراء قالت إن الهزات الحالية “ليست مرتبطة بالنشاط البركاني”. وعلى الرغم من أن أقرب نقطة لهذه الهزات تبعد حوالي 140 كيلومتراً عن السواحل التركية، فإن سكان بعض المناطق الساحلية شعروا بها، ما زاد من قلقهم ومخاوفهم.
وبعد تداول أخبار عن شعور أهل صور وصيدا بهزة خفيفة تزامناً مع الهزات المتتالية التي تحصل في اليونان وبحر ايجه، تخوف البعض من تكرار مشهد الهزات التي شهدها لبنان جراء زلزال قهرمان مرعش- تركيا في العام ٢٠٢٣، الا أن أستاذ علوم الجيولوجيا في الجامعة اللبنانية سمير زعاطيطي أكد لـ “لبنان الكبير” أن “التخويف لا سبب علمياً له، فلو كنا أقرب إلى اليونان لكان من الممكن أن تتأثر شواطئ شمال سوريا في حال حدوث زلزال في باطن البحر أي في قعره، ما يؤدي الى موجة مائية عالية وهذه الموجة تنتقل إلى السواحل وتسمى بالتسونامي. لاحظنا أنّه تم الحديث عبر الاعلام عن زلزال ضخم، لكن نشاط الزلزال العادي مثل جزر اليونان لا يعطينا الحق أن نتنبأ بأنّ هناك زلزالاً قوياً سيحدث، فلا يمكننا التنبؤ بالزلازل”.
وقال زعاطيطي: “نحن لسنا في حالة حدوث زلزال، لذلك لا داعي للخوف وفي لبنان هذه الأمور غير واردة. لبنان، بما فيه سهل البقاع، وفلسطين وسوريا فيها خط زلزالي محلي يمتد من العقبة إلى جبال طوروس وهي مجموعة تكسرات أرضية وتكون زلازلها خفيفة بين 3,5 أو 4 درجات على مقياس ريختر، ويشعر بها الناس الأقرب الى موقع الزلزال لكنها لا تسبب أي دمار”.
وأوضح أنّ “الزلازل التي تحدث في بحر ايجه والنشاط البركاني في منتصف البحر المتوسط فسرته نظرية جديدة سُميت بنظرية الصفائح التكتونية، وتقول إنّ سطح الكرة الأرضية ليس عبارة عن قطعة واحدة بل عدة قطع من الصخور الصلبة القاسية، تشكل القشرة الأرضية وتسمى بالصفائح التي تتحرك في ما بينها تقترب من بعضها أو تبتعد وأحياناً تنزلق عن بعضها. كل البراكين والزلازل التي نشهدها على سطح الكرة الأرضية موجودة على حدود هذه الصفائح. جزر اليونان معروف عنها تاريخياً أنّها نشطة زلزالياً، وهي المنطقة الأكثر نشاطاً تكتونياً في كل أوروبا. المرصد اليوناني تكلم عن عدة زلازل بدرجة 4,1 و4,2 ريختر، لكن هذه لا تعتبر زلازل ضخمة بل زلازل عادية يشعر بها أهالي الجزر اليونانية ومن الممكن الشاطئ التركي الكبير ولكن لا تصل الينا”.
حسب نظرية الصفائح التكتونية، هناك الصفيحة الافريقية التي تصعد وتلتقي بالصفيحة الأوروبية تحت البحر المتوسط ومن ثم تنزلق تحتها، وعلى طول خط الانزلاق بين الصفيحتين تنشأ زلازل وبراكين. أمّا الى الشرق وعلى البر فهناك الصفيحة العربية التي تضرب بالصفيحة الأوراسية (أوروبا وآسيا) وعلى طول جبال طوروس هناك نشاط زلزالي وأبرز ما شهدناه الزلزال التركي قبل سنتين، بحسب زعاطيطي، الذي أشار الى أن “الزلازل أسبابها باطنية موجودة في عمق الأرض ولا ندري متى من الممكن أن يحدث هذا النشاط الزلزالي أو البركاني ولا مدى قوة الزلزال ولا حدوده. ما نعرفه أنّ الخطوط الموجودة بين الصفائح هي خطوط نشطة زلزالياً”.
وأضاف: “في لبنان ليس لدينا تصادم للصفائح كاليونان وليست لدينا صفيحة تنزلق تحت صفيحة أخرى، لدينا الصفيحة العربية من فالق اليمونة إلى الشرق والصفيحة شبه المشرقية التي تضم جبال لبنان والمنطقة الى غرب اليمونة. الاحتكاك بينهما قد يولد زلازل خفيفة نشعر بها اذا كنا قريبين منها ولا تشكل خطر هدم أو غيره”.