Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر April 17, 2021
A A A
سقوط “المعايير”: هل اقتربت ولادة الحكومة؟
الكاتب: علي حمادة - النهار

هل اقتربت لحظة ولادة الحكومة؟ هذا السؤال بات مطروحاً اكثر من أي وقت مضى في ظل تقاطع الضغوط على القوى السياسية، ولاسيما في الآونة الأخيرة، حيث كثّفت الرئاسة الفرنسية التلميحات الى قرب انزال عقوبات على عدد من السياسيين المعنيين بتشكيل الحكومة والذين يعرقلون ولادتها لسبب او لآخر. والحال ان التلميحات الى العقوبات التي تعمل الرئاسة الفرنسية على التنسيق بشأنها مع الاتحاد الأوروبي، قد لا تتوقف عند الأسماء المعروف بأنها الأكثر عرضة للعقوبات الفرنسية – الأوروبية. فمصادر قصر الإليزيه تشير الى امتعاض من القوى المعنية بتشكيل الحكومة، وهي تعمل مع الجانب الأميركي لبلورة حزمة عقوبات منسقة مع واشنطن، تطاول قيادات معنية بتشكيل الحكومة، وذلك بما يتلاقى مع الموقف الذي ادلى به مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل الذي زار بيروت ليومين، التقى خلالهما معظم القيادات المعنية بتشكيل الحكومة، وبالمفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية. قال هيل: “لطالما طالبنا قادة لبنان بإبداء مرونة كافية وتشكيل حكومة، مستعدّة وقادرة على العمل على عكس مسار الانهيار الجاري. لقد حان الوقت الآن لتشكيل حكومة وليس عرقلة قيامها. الآن هو وقت الإصلاح الشامل. فأميركا والمجتمع الدولي هما على استعداد للمساعدة. لكن لا يمكن المساعدة من دون الشريك اللبناني”.
وأضاف: “وأولئك الذين يواصلون عرقلة تقدّم أجندة الإصلاح، يغامرون بعلاقتهم مع الولايات المتحدة وشركائها ويعرّضون أنفسهم للإجراءات العقابية. أما الذين يعملون على تسهيل التقدّم، فيمكنهم الاطمئنان الى دعمنا القوي”.
كلام هيل يدل على ان الاميركيين يعتبرون ان الوضع الحكومي في لبنان ليس معلقا بالمفاوضات الأميركية – الإيرانية التي قد لا تبدأ جديا إلا بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران المقبل. وبالتالي فإن الأهم اليوم سيكون وقف الانهيار الشامل في لبنان، والقبول بحكومة وفق معيار الإدارة الأميركية الجديدة. هذا الموقف يلتقي مع الموقف الفرنسي الذي خرج عن اطار الطرح الأساسي الذي قدمه الرئيس ايمانويل ماكرون في قصر الصنوبر في الثاني من أيلول 2020، ليقبل بحكومة الحد الأدنى! هذا ما يرضي عمليا الطرف الذي كان يصر في الأساس على سعد الحريري رئيسا لحكومة بمعايير ما قبل السابع عشر من تشرين الأول 2019، كما يرضي في مكان ما رئيس الجمهورية الذي لا يرى بداً من حكومة سياسية بواجهات تكنوقراطية، وفي الوقت عينه يرفع عن الرئيس المكلف حرج أي حكومة ستولد مختلفة عن معايير الفرنسيين في طبعتها الأولى. على هذا الأساس يمكن تشكيل حكومة الحد الأدنى منذ الغد، وطالما ان معيار “الحد الأدنى” هو الطاغي بين القوى السياسية، والجهات الدولية بشكل عام، فالرئيس سعد الحريري سيكون امام خيارين: إما التشكيل بحسب ما وعد به، وإما التشكيل وفق ما تريده القوى السياسية، وتقبل به عواصم القرار المعنية بمساعدة لبنان، أي باريس وواشنطن، بعد وصول جو بايدن الى البيت الأبيض!
إذاً نعيد طرح السؤال: هل اقتربت لحظة التشكيل، ام ان المسألة تتعدى المعايير والحصص، وتتصل بنهج تدمير الأسس التي يقوم عليها الكيان، والنظام، والتوازنات، والدور؟