Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر October 16, 2020
A A A
سقطة أم المؤشر المفجع؟!
الكاتب: نبيل بومنصف - النهار

غريب ان يقترن مفهوم “العهد القوي” سواء لدى الرئيس ميشال عون شخصيا او لدى الرجل المتحكم بعهده بإرادة عون نفسه أي النائب جبران باسيل بالإقبال الشديد على سقطات من نوع الخطأ الفادح الذي ارتكبه ليل الأربعاء الفائت بإرجاء الاستشارات النيابية الملزمة أسبوعا. لا يتصل الامر بانكشاف معروف ومكشوف أساسا لمدى خطورة تحكم العامل الخاص الضيق الذي يعود الى سطوة باسيل بقرار العهد وقد بات الحديث عن هذا العامل مملا ومبتذلا. وانما الأخطر عدم مراعاة الحلقة المقررة في بعبدا للبعد الواقعي والرمزي الذي سيجعل من نهاية الشهر الحالي أي بعد أسبوع واحد من الموعد المرجأ للاستشارات أسوأ احياء للذكرى الرابعة لعهد كأنها نهايته المفجعة. والحال ان السقطة الموصوفة في قرار ارجاء الاستشارات الذي افتقر الى الحد الأدنى من أي سند منطقي يبرره، انه يثير التساؤل في العمق هل كان المقصود فعلا اقفال الطريق على أكثرية أغضبت العهد وتياره لانها قررت تكليف سعد الحريري تشكيل حكومته الرابعة ولكن هذه المرة بمنطوق الفرصة الانقاذية الأخيرة للبلد، ام ان الضربة استهدفت العهد نفسه الذي ينافس مصيره البائس مصير البلد نفسه ؟ لا نجد في مجمل الظروف والحيثيات التي طرحت وستطرح لهذه الخطوة المتسمة بانكشاف هائل للعهد ولحلقته الضيقة التي باتت اكثر ما تستحضر من تجارب حكام دول العالم الثالث تجربة الرئيس الجزائري بوتفليقة سوى استهتار مخيف بالأصول وما تبقى من حياء التزامها اقله منعا لتعريض العهد في المتبقي من ولايته لفائض الاهتراء فيما انزلقت البلاد نحو أسوأ مصائرها في ظل هذا العهد. وبطبيعة الحال لا “يحتكر” العهد وحده الانكشاف والتهاوي والاهتراء امام اهوال الانهيارات المتسارعة في لبنان بدليل ان الرئيس سعد الحريري طرح مبادرة عودته على أساس الفرصة الأخيرة اليتيمة الأخيرة لاستقطاب جرعة تنفس دولية لا اكثر ولم يكن امام جميع القوى اللبنانية الخيار البديل. ولكن أسوأ ما انكشف مع ارجاء الاستشارات المتظللة ببعد ميثاقي لإخفاء البعد الأصلي هو تحكم الحزبية العونية تحكما قاتلا بالرئاسة العونية الامر الذي لم يكن ظاهرا وفضائحيا بهذا الحجم من قبل. انه تطور لم يعد ممكنا التعامل معه الا من منطلق طرح مسألة استشراف السنتين المتبقيتين من العهد تماما كما التعامل مع منحنيات ومؤشرات الانهيارات المالية والاقتصادية والصحية التي تتصاعد أرقامها منافسة أسوأ ما عرفته دولة في العالم من انهيارات. لم يعد الامر يتصل بالاصطفاف السياسي التقليدي مع العهد وضده خصوصا وسط التخبيص الهائل الحاصل بينه وبين حليفه شبه الوحيد عمليا أي “حزب الله” لان اللبنانيين الذين بدأ الكثير منهم يدشنون عصر الاستشهاد بداء كورونا في أقسام الطوارئ الاستشفائية فقط لتعذر واستحالة ايجاد أسرة لهم لن يعنيهم أي مصير بائس لتحالفات مصلحية سياسية لعبت دورا أساسيا في مصيرهم المفجع وها هي الآن امام أسوأ ما آل اليه هذا التحالف. المسألة من نهايتها هي أي حكم سيمضي في مواجهة ملفات البلد وانهياراته بآلية رعناء أحادية وشخصية كهذه، وماذا تراه يقتضي ان يفعل اللبنانيون اذا كان الرهان على الثورات كما على القوى السياسية قد سقط؟ انها دوامة عبثية مرعبة ان يغدو الفراغ واقعا قاهرا وقسريا يفرضه الحكم بنفسه الذي استهينت البلاد بفراغ مديد للإتيان به.