Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر March 19, 2024
A A A
سفراء “الخماسيّة” يدورون في حلقة مفرغة
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

بدأ سفراء “اللجنة الخماسية” جولتهم الثانية على المسؤولين اللبنانيين امس الاثنين، بلقاء رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وآخرين، استكمالاً لتحرّكهم بهدف التوصّل الى خرق ما في جدار الأزمة الرئاسية. على أن يقوم نوّاب كتلة “الاعتدال الوطني” بجولة ثانية أيضاً على المسؤولين، بعيداً عن الإعلام هذه المرّة، على ما تقرّر، لحصد موافقة جميع الكتل النيابية على مبادرتهم الرئاسية، التي تعرّضت الى عرقلة مع رفض قوى المعارضة لشكلها وليس لمضمونها، ومع إعلان برّي عن إدارته شخصياً لقاء التشاور أو الحوار في مجلس النوّاب، والذي من المفترض أن يسبق الذهاب الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. فهل ستؤدّي هذه الجهود الداخلية والخارجية الى اقتراح ما يوصل الجميع الى تفاهم أو اتفاق ما يوصل الى عقد جلسة أو جلسات جديدة لانتخاب الرئيس؟!

مصادر سياسية عليمة تجد في تحرّك سفراء “اللجنة الخماسية” في اتجاه المسؤولين دوراناً في الحلقة المفرغة نفسها، سيما أنّ ما يطرحه هؤلاء من عناوين، ليس من توافق عليها بعد من قبل جميع القوى السياسية، ولا يبدو أنّ هناك ما يضغط على أي منها لتبديل موقفها. فالسفراء يطرحون أولاً فصل مسار الملف الرئاسي عن الحرب في غزّة وفي جنوب لبنان، ما يُمهّد لمناقشته وإيجاد ثغرة ما في جداره، في الوقت الذي يصرّ فيه الكثيرون في الداخل، لا سيما حزب الله على وقف إطلاق النار في غزّة أولاً قبل البحث في أي ملف داخلي.

 

كما يتحدّث السفراء ثانياً خلال محادثاتهم مع المسؤولين السياسيين والروحيين، على ما أضافت المصادر، عن ضرورة عقد لقاء تشاوري بين جميع الكتل النيابية، على ما تتضمّن المبادرة الرئاسية لكتلة “الاعتدال الوطني”، لكي يُصار الى وضع النقاط على الحروف، وبالتالي التفاهم على مخرج ما للأزمة الرئاسية. الأمر الذي يوافق عليه البعض في الداخل من حيث المضمون، وترفضه قوى المعارضة بسبب الشكل الذي جرى التداول به، وعلى رأسها “القوّات اللبنانية” التي قالت إنّها لن تُشارك في لقاء يرأسه برّي، لكيلا يُصبح الأمر “عُرفاً” قبل انتخاب أي رئيس للجمهورية في المستقبل.

كما يريد السفراء بالتالي، على ما تابعت المصادر السياسية نفسها، معرفة مواقف الكتل النيابية من “الخيار الثالث” بالنسبة لأسماء المرشّحين، وإن لم يخوضوا صراحة في الأسماء مع الذين التقوهم خلال جولتهم الثانية على المسؤولين. وقد أبلغت قوى المعارضة التي تقاطعت على اسم الوزير السابق جهاد أزعور، أنّها جاهزة للتوافق على “الخيار الثالث”، من “التيّار الوطني الحرّ” الى “القوّات” و “الكتائب”، وقوى “التغيير” وبعض النوّاب “المستقلّين”. غير أنّه حتى الآن، لا يزال “الثنائي الشيعي” يتمسّك بمرشّحه رئيس “تيّار المرده” الوزير السابق سليمان فرنجيه، رغم أنّ موافقة برّي على مبادرة “الاعتدال” والذهاب الى لقاء تشاوري تشير، بحسب رأي المصادر، الى أنّه عازم على التداول بأسماء المرشّحين، وقد يقتنع بانتخاب من يتمتّع بالمواصفات المطلوبة، ويتمّ التوافق عليه من قبل غالبية الكتل النيابية.

وما يُطالب به سفراء “اللجنة الخماسية” من “الالتزام” من جميع الكتل النيابية، أي أن تتوافر لدى الجميع: الرغبة والنيات الصادقة والإرادة الصلبة لانتخاب رئيس الجمهورية، فتراه المصادر عينها “تحصيل حاصل”. فمختلف القوى السياسية التي يلتقيها السفراء، تُعلن عن هذا الالتزام، وخصوصاً أنّ الظروف الراهنة تُحتّم على النوّاب الذهاب الى البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية بعد سنة ونصف من الشغور الرئاسي. وتُراهن “الخماسية” على أنّ “الالتزام الكامل” من قبل الكتل السياسية، سوف يؤدّي حتماً الى التغلّب على التفاصيل، والى غربلة أسماء المرشّحين والتوافق على أحدها، أو على اسمين أو ثلاثة يمكن الذهاب بها الى مجلس النوّاب لانتخاب مَن يحصل من بينها على أصوات الغالبية النيابية.

وعن إمكانية عودة الموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان، ومستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين الى بيروت في وقت قريب لمتابعة مقترحاتهما، أكّدت المصادر أنّ أيا من موفدي دول الخارج لن يزور لبنان في هذه الفترة، قبل أن يتمّ طرح مخرج ما من قبل الكتل النيابية نفسها، إن من خلال اللقاء التشاوري المرتقب انعقاده، أو من خلال اللقاءات الثنائية التي سيعقدها نوّاب كتلة “الاعتدال” بعيداً عن الإعلام على ما ينوون، للتقريب في وجهات النظر بين قوى الممانعة وقوى المعارضة. فلبنان أجاب الفرنسي على الورقة التي رفعها له، وليس لديه ما يُضيفه. كما أبلغ هوكشتاين موقف حزب الله ممّا يقترحه جنوباً بالنسبة الى “إظهار” الحدود البريّة، بأنّه لن يبحث فيه ما لم يتمّ التوصّل الى وقف إطلاق النار في غزّة أولاً. وهو بالتالي سيوقف إطلاق النار عند الجبهة الجنوبية فوراً، وإن كان العدو لا يريد هذا الأمر للاستفادة من الوضع الأمني المتوتّر القائم في تحقيق بعض النقاط لمصلحته.

من هنا، تبقى “الأفعال” من قبل الكتل النيابية هي المطلوبة راهناً، على ما شدّدت المصادر، وعدم الاكتفاء بما يتمّ التصريح به من مواقف. ولكن حتى الآن، يبدو أنّ التوافق على حلّ ما، أو إيجاد مخرج حقيقي للأزمة الرئاسية، لا يزال يتطلّب الكثير من الجهود من قبل جميع الأطراف قبل الذهاب الى مجلس النوّاب، وعقد دورات متتالية لانتخاب الرئيس، على ما يطالب البطريرك الراعي، وقد كرّر مواقفه هذه أمام سفراء “الخماسية” الذين التقوه أخيراً، مجتمعين للمرة الأولى منذ بدء حَراكهم بهدف تحريك الملف الرئاسي.

وكشفت المصادر أنّ سفراء “الخماسية” سوف يواصلون جهودهم، وسيلتقون معاً مختلف القوى السياسية، بهدف التوصّل الى توافق ما على ما يطرحونه من عناوين ثلاثة، يُفضي في نهاية الأمر الى انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت ممكن.