Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر April 15, 2021
A A A
ســاعة الصــفر اقـتربـــت… الأول من حزيــران نهــاية الدعم وبــداية الكـــارثة
الكاتب: الديار

إنها ساعة الصفر التي تقترب ببطء ولكن بخطى ثابتة تحت أنظار طبقة سياسية أقلّ ما يُقال عنها أن همّ مواطنيها لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد. الكتاب الذي أرسله أمس حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى وزير المال غازي وزني، يدق فيه ناقوس الخطر على ما قد تؤول إليه الأمور في فترة لا تتعدّى الأسابيع مع إضمحلال الإحتياطي من العملات الخارجية من خارج الإحتياط الإلزامي. وجاء في الكتاب أن مصرف لبنان «يرى أنه أصبح من المُلحّ قيام الحكومة، وبشكل سريع، بوضع تصوّر واضح لسياسة الدعم التي تريد إعتمادها تضع حدًا للهدر الحاصل وضمن حدود وضوابط تسمح بالحفاظ على موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، والعمل على المساهمة في تأمين واردات بالعملات الصعبة لتغطية كلفة الدعم، والتفاوض مع نقابة المحامين في بيروت في ما يتعلّق بالدعاوى القضائية التي صرّح النقيب أنّه سيتقدم بها وذلك درءًا لأي مخاطر قانونية وواقعية قد تنتج منها. ونظرًا لخطورة الوضع وللتأثيرات الاقتصادية والإجتماعية التي قد تنتج من التأخر في البتّ بما تقدّم، نتمنى عليكم إعطاءنا أجوبة واضحة وذلك بالسرعة المُمكنة».

ويُعتبر هذا الكتاب كإنذار أخير قبل الإنفجار الاجتماعي حيث ان مصرف لبنان مُحاصر من قبل حكومة الدياب بطلب دعم الإستيراد من جهة، ومن جهة أخرى من قبل الرأي العام ونقابة المحامين الذين هدّدوا برفع دعاوى في حال تمّ إستخدام الإحتياط الإلزامي الذي هو أموال المودعين (إسميًا).

الأول من حزيران سيكون مفصلا تاريخيًا في حياة اللبناني مع وقف دعم كل السلع الغذائية والمواد الأولية والأساسية وهو ما سينتج منه ارتفاع جنوني في الأسعار لن يستطيع معها المواطن الإستمرار وهو ما سيؤدّي إلى إنفجار إجتماعي كارثي!

تضغط السلطة التنفيذية على مصرف لبنان للإستمرار في دعم السلع الغذائية والمواد الأولية وذلك من أموال المودعين – أي الإحتياطي الإلزامي. وهذا الأمر مُخالف للدستور نظرًا إلى أن المقدّمة تنصً على قدسية الملكية، وبالتالي تأخذ نقابة المحامين هذا الأمر كحجّة لرفع دعاوى ضد المعنيين وعلى رأسهم مصرف لبنان في حال تمّ إستعمال هذا الإحتياطي.

وبدل أن تقوم القوى السياسية بتسريع تشكيل حكومة قادرة على مُعالجة الوضع ووضع حد للتهريب المنظم، تترك التجّار يقومون بعملية إستنزاف لإحتياطات مصرف لبنان عبر تهريب السلع والبضائع إلى الدول المجاورة منها والبعيدة (من سوريا وصولا إلى أستراليا مرورًا بتركيا والكويت وغانا وغيرها!). وقد تخلّت الحكومة عن مسؤولياتها بشكل كلّي من خلال عدم إعطائها الجهات الرقابية أمراً بوقف التهريب وملاحقة التجار الذين يُهربون السلع والبضائع على مرأى ومعرفة من أجهزة الدولة الذين يعرفون المهرّبين بالاسم!

عمليًا السلطة التنفيذية تقود الشعب إلى الهلاك، فسعر صفيحة البنزين بعد رفع الدعم سيصل إلى 184 ألف ليرة لبنانية بحكم أن البنزين مدعوم بنسبة 90% وكل رفع للدعم بقيمة 10% يزيد سعر الصفيحة 16 الف ليرة لبنانية. كل هذا باعتبار أن الدولار الأميركي في السوق السوداء سيبقى على سعره اليوم (أي بحدود 12750 ليرة لبنانية). والأصعب في الأمر أن محطّات البنزين تعمد إلى إقفال أبوابها قبل يوم من تسعير صفيحة البنزين علمًا منها أن الأسعار سترتفع في اليوم التالي وبذلك يقومون بسرقة الشعب نظرًا إلى خزاناتهم التي تحوي على بنزين بسعر مُنخفض. إنه الإنحطاط الكامل!

أيضًا سيقفز سعر ربطة الخبز إلى مستويات عشرة آلاف ليرة لبنانية للربطة الواحدة! وماذا نقول عن أسعار الأدوية وعن الطبابة التي أصبحت كارثية مع رفع سعر الدولار الطبي إلى 3900 ليرة فكيف الحال إذا ما إرتفع سعر الدولار الطبّي إلى سعر السوق السوداء؟ في الواقع ستموت الناس على أبواب المستشفيات، وكل هذا أمام أنظار سلطة أنانية تأتي مصالحها قبل مصالح الشعب.

المُشكلة الحقيقية تكمن في أن الشعب مقسوم على نفسه ومُحاصر بطائفية وحزبية قاتلة تمر قبل لقمة عيشه. ويكفي النظر إلى موقع تويتر لمعرفة حال المواطن اللبناني، حيث تحوّل موقع “تويتر” إلى ساحة حرب لفظية تُستخدم فيها أشدّ عبارات الإهانة والسباب بما يعكس عجز المواطن اللبناني عن أخذ مصيره بيده!

تتمثّل علامات الوصول إلى القعر بفقدان المواد الغذائية في السوبرماركات وهذا الأمر لم يعد بعيدًا حيث تفصلنا عنه عدّة أسابيع فقط. هذا المؤشر سيؤدّي إلى عمليات عنف على مثال ما حصل البارحة في إحدى السوبرماركات في منطقة صربا في كسروان حيث تحوّل المكان إلى عراك كبير بين لبنانيين وسوريين يتقاتلون على المواد الغذائية. وكل هذا تحت أنظار سلطة فاسدة تراقب شعبها يموت من الجوع.

يعيش اللبناني على وتيرة الأخبار الآتية من أوروبا والتي تدور حول فرض عقوبات على مسؤولين سياسيين لبنانيين ساهموا في ضرب شعبهم. هذا الأمر الذي يظّن العديد من اللبنانيين أنه خشبة خلاص، في الواقع هو يخدم مصالح هذه الدول بالدرجة الأولى. وبالتالي فإن المخاوف أن يكون البعض من السياسيين يُساوم على مصلحة اللبنانيين لتبرئة نفسه أمام المُجتمع الدولي في حين أن يديه ملطختان في تجويع شعبه.

السيناريو المطروح الأكثر إحتمالا هو أن لا حكومة في المدى المنظور، وسيتمّ رفع الدعم في أخر أيار مما سيدفع لبنان إلى طلب مُساعدات إنسانية من قبل المجتمع الدولي وهو سيجعل لبنان شبيها بدول منكوبة مثل أريتريا أو العراق بعد الإجتياح أي تحت وصاية غذائية دولية مما يجعل الشعب اللبناني يعيش على المساعدات ويقف في الصف للحصول على كرتونة إعاشة غذائية!

بئس هذا الزمن الذي وصل فيه اللبناني إلى هذا المستوى من التعاطي السياسي. عصابات تحكم لبنان وتتقاسم فيما بينها موارده وثرواته وتتقاتل على جثّته الملقاة على حافة السياسيين والمتنفذين.