Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر April 17, 2024
A A A
«سعر الصرف»…ثباته مصطنع؟
الكاتب: عبد الرحمن قنديل - اللواء

لطالما ارتبط سعر الصرف الدولار في لبنان بالعوامل السياسية والخضات الأمنية التي يشهدها لبنان من حين إلى آخر،خصوصاً بعد عام 2019 مع الإنهيار الإقتصادي الذي شهده لبنان وما زال اللبنانيون يتحملون مرارة تداعياته حتى يومنا هذا وسط غياب أي إصلاحات تذكر من قبل الدولة على كافة الصعد خصوصاً على صعيد الليرة اللبنانية وسعر الصرف.
منذ عام 2019 مرَّ لبنان بسلسلة خضات أمنية وأزمات سياسية فضلاً عن تداعيات الأزمة الإقتصادية على اللبنانيين وقساوتها، حينها كان سعر صرف الدولار متصدراً المشهد سواء بإرتفاعه إلى مستويات قياسية أو إنخفاضه، فقليلاً ما كنا نرى سعر الصرف في ذلك الحين ثابتاً،أما اليوم فمع الأحداث الجارية في المنطقة بعد أحداث السابع من تشرين الأول مروراً بالحرب الدائرة على الجبهة الجنوبية في لبنان وكثرة التهديدات الإسرائيلية بتوسيع الحرب مع لبنان أو بحرب شاملة معه وصولاً لما شهدناه في الأيام الماضية،وحالة الهلع عند اللبنانيين من إحتمال وصول شرارته إلى لبنان،فسعر الصرف بقي ثابتاً ومستقراً على الـ89500 ليرة فما هو سر إستقراره على هذا السعر وهل هو فعلاً سعر حقيقي أو وهمي ومصطنع؟.

كشف إستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية البروفسور جاسم عجاقة في حديث لـ«اللواء» أن سعر الصرف إن كان على سعر الـ89500 أو على أي سعر آخر حتى لو وصل إلى المليون ليرة فالأمر يعتبر كما هو ولا شيء سيتغير لأن العملة اللبنانية باتت غير مستخدمة في الإقتصاد.
وشدد عجاقة على أن إقتصاد لبنان هو إقتصاد «مدولر» والدولة تدفع رواتب الموظفين بالدولار والقطاع الخاص يدفع رواتب موظفينه بالدولار،أما الوحيدون الذين بقوا يتعاملون في الليرة اللبنانية هم شركة «الكهرباء» وشركة «التلفونات» من أجل تحصيلها من المواطنين فقط لا غير.
ورأى أن الليرة اللبنانية باتت غير مستخدمة في الإقتصاد،وبالتالي فإن سعر الصرف لم يعد له قيمة،لذلك سعر الصرف لا يتغير وما زال ثابتاً على الـ89500 وفي علم الإقتصاد العملة يجب أن تخدم الإقتصاد والليرة اللبنانية اليوم لم تعد تخدم الإقتصاد لأنه لم يعد يتبقى فعلياً «ليرات» في السوق إختفت عن الوجود لذلك الكلام عن سعر الصرف لم يعد له قيمة.
ولفت إلى أنه في حال قررت الدولة في يوم من الأيام رد الليرة من أجل خدمة الإقتصاد من خلال القيام بدفع رواتب القطاع العام بالليرة، ويقوم القطاع الخاص بدفع رواتب موظفينه بالليرة فعندها يصح الحديث عن موضوع سعر الصرف لأنه سيعود ليتصدر المشهد من جديد من خلال «فلتانه» حينها.
وأشار إلى أن العملة تعكس ثروة البلد،فبحسب علم الإقتصاد أيضاً كلما كان البلد غنيّاً كلما كانت عملته قويّةً،والعكس صحيح لأنه كلما كان البلد «حالته تعبانة» كلما كانت عملته «تعيسة»،وللأسف الدولة لم تقم بعملية إصلاح تذكر من أجل إنقاذ «الليرة» حتى «الكابيتيل كونترول» لم تقم به،لذلك فإن الليرة اللبنانية لم تعد تخدم الإقتصاد اللبناني على الإطلاق لأن الإقتصاد بات تحت حكم «الدولرة».
وختم عجاقة قائلاً: «إن المواطن لم يعد يهتم في هذه الأمور إلا في ما يتعلق «بفاتورة»«التلفون» و«الكهرباء» سواء كان الدولار بـ 89500 أو 90000 أو أي رقم آخر لأنه بات يستلم راتبه بالدولار حتى لو كان موظفاً في القطاع العامم،وهذا كله يعود إلى دولرة الإقتصاد اللبناني برمته من قبل الدولة،لذلك سعر الصرف لم يعد له قيمة إلا في حالة رد التداول بالليرة على الإقتصاد،ولكن مع غياب الإصلاحات بشكل كبير من قبل الدولة فسعر الصرف سيعود إلى الإرتفاع بشكل كبير،ونتيجة عملية التبادل القائمة سواء بالليرة أو بالدولار من قال أن سعر الصرف فعلاً هو 89500؟، ففي ذروة الأزمة الإقتصادية في لبنان عندما كانت الليرة مستخدمة كان سعر الصرف 89500 ليرة وللغرابة أنه حتى عندما لم تعد الليرة مستخدمة بقي سعر الصرف 89500 ليرة، لذلك فسعر 89500 ليرة للدولار هو سعر إصطناعي بحت وليس حقيقياً أو واقعياً لأنه ليس ناتج عن عمليات إقتصادية سواء شراء أو بيع».
أما الخبير الإقتصادي لويس حبيقة فرأى أن هناك عاملين مهمّين يؤثران على موضوع سعر الصرف: الأول أن سعر الصرف إستوعب الحوادث الأمنية في لبنان أو الحوادث في المنطقة أو حتى الأزمة الإقتصادية التي ما زال يعيشها لبنان،والثاني أنه من الممكن أن يتدخل مصرف لبنان في السوق سواء من خلال عملية «الشراء» أو «البيع» لكي يبقى سعر الصرف الثابت.
واعتبر في حديث لـ«اللواء» أن الأهم هو العامل الأول أن أسعار الصرف تتحرك بحال حصلت حوادث أمنية وبحال كانت مفاجئة وجديدة، ولكن إذا كانت الحوادث الأمنية هي حوادث مكررة فسعر الصرف لم يتحرك لأن سعر الصرف إستوعب هذه الحوادث مسبقاً، ومن الممكن في هذه الحالة أن لا يتدخل المصرف المركزي لأنه من خلال مرحلة إستيعاب سعر الصرف لهذه الحوادث فلا داعي للتدخل من قبل المصرف إلا في أمور بسيطة.
وأردف أنه في حال أتت «ضربة» مفاجئة على لبنان فحكماً الأمور ستختلف عما هي عليه في الوقت الحاضر، لأنه من الممكن حينها أن يتحرك سعر الصرف،وحينها من الممكن أن يتدخل مصرف لبنان لمواجهة هذا التحرك للجم هذا التحرك لأنه يستطيع أن يقوم بذلك ولكن لكي لا يخسر العملات الصعبة التي بحوزته فيقوم بالإنتظار قليلاً لتقييم الأوضاع على الأرض قبل أخذه القرار سواء بالتحرك من عدمه، فإذا إستمر الوضع الحالي على ما هو عليه فمن الممكن أن يرى أنه لا لزوم للقيام بالتدخل،أما في حالة حدوث أمر سلبي كبير فعندها سيضطر أن يتدخل لمقاومته لأن مصرف لبنان كوّن قسماً إحتياطياً نقدياً لا بأس به في الأشهر الماضية مما أدى إلى إزدياد الإحتياط النقدي بشكل ملحوظ.