Beirut weather 16.41 ° C
تاريخ النشر February 18, 2018
A A A
«سباق 500 ميل دايتونا»… يختصر أميركا
الكاتب: وديع عبد النور - الحياة

شاخ «سباق 500 ميل دايتونا» بمفهوم السنين، إذ بلغ عامه الـ60، وينطلق اليوم على عاداته في بلاد «العجائب والغرائب» عكس تيار العمر. يولّد شباباً دائماً وإثارة لامتناهية وحبس أنفاس، ويُشكّلُ عالماً مختلفاً على صعيد سباقات السيارات، من فئة الـ «ناسكار»، وهو المختصر بالأجنبية لـ «الاتحاد الوطني لسباقات سيارات ستوكار». وهذا السباق «يستعرض» تاريخ هذه الصناعة الأميركية على الحلبات، حيث «تبخترت» إنتاجات «فورد» و»لنكولن» و»بليموث» و»مركوري» و»شيفروليه» و»أولدزموبيل» و»بويك» و»كاديلاك» و»كرايسلر» و»بونتياك» المفتولة العضلات (وزنها 1,5 طن، وقوة محرّكها 500 حصان، ومعدّل سرعتها 320 كيلومتراً في الساعة)، فضلاً عن «تويوتا» اليابانية التي دخلت هذا المعترك عام 2007. وتبلغ الجائزة النقدية الأولى حوالى 1.5 مليون دولار.

ومنذ عام 1979 تنقل شبكة «سي بي إس» وقائع السباق. ويمكن الحصول على نسخة من شريط المحادثات بين المتسابقين ومنصات فرقهم في مقابل 20 دولاراً.

والسباق بحد ذاته على الحلبة العريقة يتمايز عن نشاطات هذه الفئة من رياضة المحرّكات التي تقام خصوصاً في إنديانا، ويستقطب 150 ألف متفرّج على مدرجات الحلبة البيضوية (4 كيلومترات) بحوافّها الإسمنتية ومنعطفاتها بحدّة 31 في المئة، ويحظى بمتابعة حوالى 24 مليون متفرّج عبر الشاشة الصغيرة، منافساً ولو من بُعد إلى حد ما المناسبات الكبرى مثل «السوبر بول» (نهائي كرة القدم الأميركية) التي تابعها خلال 3 أسابيع 111 مليون شخص.

وتُعرف دايتونا في فلوريدا بأنها «عاصمة العالم للسرعة»، ونُظّمت السباقات على شاطئها منذ عام 1903. كما تعدّ المركز العالمي للسباقات، إذ تشرف المؤسسة الدولية لسباقات السيارات من مقرها هناك على 13 حدثاً، وتحتضن الهيئة الرسمية للـ «ناسكار».

وكان شاطئ دايتونا الرملي المزدحم اكتسب شهرة عالمية بين 1903 و1935، بصفته المكان الأفضل لتحطيم الأرقام القياسية. وتمكّن الأسطورة البريطاني مالكولم كامبل على «بلوبيرد» من تسجيل سرعة 445 كيلومتراً في الساعة عام 1935، قبل أن يعززه بعد أشهر محققاً 482 كيلومتراً في الساعة على المسطحات الملحية في ولاية يوتاه.

ومنذ عقود طويلة، راجت سباقات «إندي» و»ستوكار» في الولايات المتحدة، وتأسس اتحاد خاص بها بُعيد الحرب العالمية الثانية، قبل أن يقرر المتسابق بيل فرانس توحيدها في آذار 1947، وأطلق نسخة رسمية في العام التالي. والبداية على الشاطئ الرملي في الطريق إلى أورلاندو، فأضحت معلماً قبل تأسيس «عالم ديزني» ووكالة «ناسا» في كايب كانافيرال، علماً أن «الحلبة» الأولى المعبّدة (5 كيلومترات) حُددت بين الشاطئ واليابسة، وفاز عليها فرانس مجتازاً 400 كيلومتر عام 1936. ورمى من إطلاقه حلبة دايتونا الدولية إلى توافر مكان أسرع من حلبة إنديانا بوليس الشهيرة لهذه السيارات الخارقة.

والنسخة الأولى وفق الصيغة الحالية نُظّمت في دايتونا عام 1959، وتطلّب حسم هوية الفائز 61 ساعة من معاينة الصور والأفلام، وذلك بعدما اجتاز متسابقان معاً خط النهاية. وعاد الفوز إلى لي بيتي حامل اللقب 3 مرات خلال 15 موسماً.

إنها فواصل من الاصطدامات والانقضاضات وبهلوانيات المحرّكات وشراسة القيادة والحوادث المأسوية، متوافرة على حلبة دايتونا. أما سجل الأبطال، فيحافظ على تقاليد وراثة عائلية يتوّجها آل بيتي. فريتشارد نجل لي لُقّب بـ «الملك»، وهو حامل الرقم القياسي للفئات المختلفة خلال 34 عاماً منذ أن بدأ مسيرته في سن الـ21 خلف مقود «أولدزموبيل مكشوفة»، إذ نَفّذ 1184 انطلاقة وسَجّل 200 انتصار في الفئات المختلفة، وحقق 7 ألقاب مطلقة. واشتهرت سيارته باللونين الأزرق والأحمر ورقمها الـ43، واختاره تقديراً لوالده الذي حملت سيارته الرقم 42. وفي الأسرة الموهوبة أيضاً، الشقيق ريتشارد (8 انتصارات في 31 موسماً)، لكن الابن آدم (19 سنة) لم يسابق في دايتونا بعدما قضى على حلبة لودون (نيوهامبشير) خلال إحدى التجارب.
كما برز الأخوان كورت وكايل بوش، والأخوان داريل ومايكل والتريب، ودايل اينرهاردت وجيمي جونسون ونك رحال (اللبناني الأصل).

وتعتني الـ «ناسكار» بمتحفها في تشارلوت (ولاية نورث كارولينا) على مسافة كيلومترات قليلة من مصانع فريق «بنسكي» لسيارات السباق. ودشّنت أجنحته، منها قاعة المشاهير، عام 2010، متضمنة رحلة عبر الزمن لنجومٍ وسيارات وأدوات وتجهيزات وسجلات قيّمة.