Beirut weather 15.21 ° C
تاريخ النشر December 11, 2025
A A A
زيارة عون إلى عُمان.. دعم سياسي وفتح نافذة إقتصادية!
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”

شكّلت زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى سلطنة عُمان محطة سياسية واقتصادية لافتة، في توقيتها ومضمونها، نظراً لما تحمله من رسائل داخلية وخارجية، وما أسفرت عنه من تفاهمات تعزّز موقع لبنان في مرحلة إقليمية شديدة الحساسية. فالسلطنة، المعروفة بدورها الهادئ والفعّال في الوساطة الإقليمية وبعلاقاتها المتوازنة مع مختلف القوى الدولية، كانت دائماً مساحة يمكن للبنان الاستفادة من خبراتها الدبلوماسية وحيادها البنّاء.

حرص الرئيس عون خلال محادثاته مع السلطان هيثم بن طارق على وضع القيادة العُمانية في صورة التطورات اللبنانية، ولا سيّما ما يتعلّق بملف السلاح وانتشار الجيش اللبناني، والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للسيادة اللبنانية.

وقد عكس البيان المشترك الذي صدر بعد هذه المحادثات توافقاً كاملاً في الموقف السياسي، إذ أعرب الطرفان عن قلق بالغ من استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية والعربية، معتبريّن أن ذلك يشكل خرقاً واضحاً للقرار 1701 ولقرارات الشرعية الدولية..

كما شدّد الجانبان على ضرورة الوقف الفوري لهذه الاعتداءات، وعلى الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة، بالتزامن مع دعم الجهود الدولية لمنع التصعيد وتثبيت الاستقرار وإعادة الإعمار وتهيئة ظروف عودة النازحين.

لا شك في أن ما تملكه سلطنة عمان من علاقات وثيقة مع أطراف دولية وإقليمية متعددة، يرشحها لأن تلعب دورا داعما للبنان في المحافل الدولية، خصوصاً في الملفات التي تحتاج إلى مقاربة هادئة ومتماسكة، من النوع الذي تُتقنه الدبلوماسية العُمانية تاريخياً.

على الصعيد الاقتصادي، حملت زيارة الرئيس عون بُعداً عملياً واضحاً، إذ ركّز على تعزيز الحضور اللبناني في السوق العُمانية، مستنداً إلى ميزتين أساسيتين: قوّة السوق العُمانية وتنوعها، مع ارتفاع القدرة الاستهلاكية واتساع حركة الاستيراد، وموقع السلطنة كمركز لوجستي وتصديري إلى أسواق الخليج وسائر دول المنطقة ما يجعلها نقطة مثالية للصناعات اللبنانية التي تبحث عن منافذ جديدة وسط الظروف الداخلية الصعبة.

وتتميّز بيئة الاستثمار العُمانية بجملة من المحفّزات التي تهمّ المستثمرين اللبنانيين، أبرزها: تأسيس الشركات بإجراءات مبسطة وسريعة، إعفاءات جمركية، تسهيلات ضريبية، إضافة الى بنية تحتية لوجستية متطورة.

وقد شهدت الزيارة مناقشة مشاريع تعاون محتملة في قطاعات الأغذية والمشروبات، الصناعات الخفيفة، التكنولوجيا الزراعية، والخدمات اللوجستية، مع اهتمام واضح من شركات عُمانية بزيادة وارداتها من المنتجات اللبنانية ذات الجودة العالية.

لا يمكن النظر الى زيارة الرئيس عون الى عمان على أنها بروتوكولية أو ظرفية، بل هي خطوة ستتبَع بسلسلة اجتماعات بين المعنيين في البلدين، إضافة إلى بحث إمكانية توقيع مذكرات تفاهم جديدة لتسهيل حركة التبادل التجاري. كما يجري الحديث عن إنشاء مجلس أعمال لبناني ـ عُماني لتنسيق الاستثمارات الثنائية.

وبذلك، تكون الزيارة قد حققت مكاسب استراتيجية للبنان، سواء عبر تأكيد الدعم السياسي العربي في مرحلة دقيقة، أو عبر فتح نافذة اقتصادية يمكن أن تشكل متنفساً جديداً للصادرات اللبنانية.