Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر January 4, 2025
A A A
زيارة بن فرحان بين الإرجاء والإلغاء: رفض البازار ومسافة واحدة من الجميع
الكاتب: أنطوان الأسمر

كتب أنطوان الأسمر في “اللواء”

قُضيَ الشهر الأول من مهلة الـ٦٠ يوماً المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار (٢٧ تشرين الثاني 2024)، في ظل تعاظم الخشية من الخروق الإسرائيلية والقلق من عدم التزام تل أبيب انسحاب جيشها من الأراضي التي احتلها بحجة عدم التزام حزب لله بمندرجات الاتفاق وتأخر انتشار الجيش اللبناني في منطقة العمليات.
لا ريب أن هذا الواقع يضع الاتفاق وما ارتبط به من تطمينات وضمانات أميركية، في دائرة الشكّ، مع تهديد إسرائيلي بمزيد من التصعيد وصولا إلى استئناف الحرب على لبنان بذريعة منع حزب لله من إعادة التسلح أو ترميم نفسه، بالإضافة إلى اتهام الدولة اللبنانية بالتقصير في التصدي لهذا الواقع، في مقابل تلويح الحزب بأن استراتيجية الصبر والصمت المتبعة راهنا قد لا تستمر طويلا بإزاء ارتفاع وتيرة الخروق الإسرائيلية والتهديدات المتزايدة، واستطرادا استعادة عملياته العسكرية بعد 27 كانون الثاني الحالي.
لا ريب أن الـ 23 يوما المقبلة تشكّل محطة مفصلية ستبيّن حكما طبيعة النوايا الإسرائيلية، وستضع الراعي الأميركي أمام مسؤولياته والتزاماته، خصوصا أن لجنة مراقبة وقف إطلاق النار التي يرأسها الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز لم تُظهر بعد قدرة حقيقية على مراقبة تنفيذ الاتفاق وفرض تطبيقه على كل الأفرقاء، وهو ما يجعل الأسابيع المقبلة حتى 27 كانون الثاني مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها خصوصا استعادة التصعيد العسكري وربما احتلال إسرائيل مزيداً من القرى، بما يتنافى مع رغبة واشنطن في تطبيع الوضع الحدودي.
ويُنتظر في هذا الإطار ما سيحمله الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين في زيارته المقبلة إلى بيروت وتل أبيب لتحصين الاتفاق وربما الضغط على إسرائيل من أجل التزام تنفيذ مندرجاته، في مقدمها إتمام الانسحاب مع انتهاء الـ٦٠ يوما.
وكان لافتا في هذا السياق ربط إسرائيل مآل مهلة الـ٦٠ يوما بانتخاب رئيس للجمهورية، وهو ربط لم يُفهم معناه بعد ولا الجدوى منه، إلا في حال كانت ترغب أو تخطّط لتوظيف ورقة ما في الانتخابات الرئاسية والتأثير في اتجاهاتها.
بالتوازي، لا يزال المشهد الرئاسي غير مكتمل المعالم ربطا بعدم حسم الكتل الرئيسة وجهة التصويت، في وقت تتقدّم فيه ورقة الوزير السابق جهاد أزعور لكن من دون حسم.
وكان لافتا مراوحة زيارة إلغاء وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان إلى بيروت بين الإرجاء والإلغاء، على أن يحضر المسؤول عن الملف اللبناني المستشار في وزارة الخارجية الأمير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان الذي سبق أن باشر تواصله مع عدد المسؤولين والقيادات السياسية والحزبية، وبات على اطلاع وافٍ على التفاصيل اللبنانية، وخصوصا الالتباسات المحيطة بالاستحقاق الرئاسي.
وثمة من ربط إلغاء زيارة وزير الخارجية السعودية برغبة في فصل الاهتمام السياسي عن الاستحقاقات اللبنانية، في مقدمها الملف الرئاسي، بعدما بالغ بعض الداخل في نسب مواقف إلى الرياض هي غير معنية فيها، كمثل تسمية مرشحين رئاسيين وترجيح بعضهم.
وتفيد معطيات ديبلوماسية موثوق فيها أن الخط البياني الداعم لترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون آخذ في الانحدار منذ زيارته الاخيرة للرياض، وأن ثمة تأثيرا واضحا لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الرافض لهذا الترشيح على الرغم من حرصه على إحاطة موقفه بالكثير من الغموض ومن التعابير الإنشائية. ويتقاطع الرفض القواتي مع ما يُنقل عن الدائرة اللصيقة برئيس مجلس النواب نبيه بري من تحفّظ الثنائي الشيعي عن هذا الترشيح.
ويقول أحد السياسيين إن الرياض قرّرت الامتناع عن أي تدخّل او تأثير في المسار الرئاسي رغبة منها في قطع الطريق على أي استجرار أو استجلاب لبناني لها للدخول في بازار الترشيحات أو أي مساومات لا تتّفق مع رؤيتها الإصلاحية. ويقصد السياسي تحديدا ما سُمّي السلّة الرئاسية وعمادها جوزاف عون لرئاسة الجمهورية ونجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة. وليس خافيا الموقف الرسمي السعودي من ميقاتي، ولا سيما لجهة علاقته بطهران.
يعني هذا في ما يعني أن جلسة 9 كانون الثاني في دائرة التعثّر بفعل غياب التوافق وإمكان تشتت أصوات النواب بين ٣ أو ٤ مرشحين، وهي الوصفة الأنجع التي تحفظ ماء وجه الجميع، وتؤدي فعليا إلى إرجاء جديد لانتخاب الرئيس إلى حين بدء ولاية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. هذا في حال لم تبادر قوى أساسية، كالقوات اللبنانية، إلى إفشال الجلسة من أساسها عبر تطيير النصاب.