Beirut weather 21.88 ° C
تاريخ النشر September 20, 2023
A A A
زيارة الرئيس الأسد إلى الصين نقطة تحوّل إقليمية
الكاتب: ناصر قنديل - البناء

تم الإعلان رسمياً في بكين ودمشق عن زيارة يبدأها الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد الى الصين بدعوة من الرئيس الصيني جين شي بينغ. والزيارة التي تستمر لعدة أيام، هي تتويج لحوارات صينية سورية ممتدة لسنوات وشهور، كانت أبرز محطاتها زيارة وزير الخارجية الصينية وانغ يي الى دمشق قبل عامين تماماً، والتي ترجمت بمساع صينية حثيثة لعودة سورية إلى الجامعة العربية، عبر حوارات صينية مصرية وصينية سعودية، ولم تكن سورية بعيدة عن الاهتمام الصيني عند توقيع الاتفاق السعودي الإيراني برعاية الصين، ولا كانت الصين بعيدة عن دراسة المشاريع الاستثمارية الإستراتيجية في سورية، وخصوصاً في ملف الطاقة، وكان أبرزها الاهتمام الصيني بإنشاء مدينة للطاقة الشمسية.

القضية المركزية في الاهتمام الصيني على الساحة الدولية تبقى خطة الحزام والطريق، التي تهتمّ سورية بأن تكون ضمن خريطتها، وقد جرت محادثات سورية صينية تفصيلية حول موقع سورية الجغرافي الهام في مشروع الحزام والطريق، وهو المشروع الذي يبدو أن التريث في تنفيذ الجزء الخاص منه بالمنطقة، بعد الاتفاقات الصينية الإيرانية وتحول إيران الى عقدة رئيسية في المشروع، سواء نحو السعودية والإمارات، أو نحو روسيا، أو نحو تركيا، وكان واضحاً أن التريث الصيني يعود الى الأوضاع الأمنية في المنطقة، التي تعتقد الشركات الصينية المعنية مباشرة بالمشروع أنها لا تزال تشكل عقدة أمام الاندفاع نحو التوسع الذي يمكن أن يشمل العراق وسورية ولبنان، بينما تراجعت أيضاً الاستثمارات الصينية بالتعاون مع كيان الاحتلال، مع انسحاب الشركات الصينية من استثمار مرفأ حيفا.

حققت الصين إنجازاً هاماً برعايتها للاتفاق السعودي الإيراني، الذي يمثل ركيزة في بناء تحالف اقتصادي ثلاثي صيني سعودي إيراني في قطاعات الطاقة والنقل والصناعات الثقيلة، ولا تستطيع الصين المضي قدماً بمشروعها، دون أن تحسم بوضوح الصورة الإجمالية لمشروعها، خصوصاً أن الاستهداف الأميركي للصين وتقدمها التجاري ليس خافياً، وقد جاء مشروع بايدن لما سُمّي بالممر الهندي، الذي يستهدف ربط الهند بأوروبا عبر إقامة خط مباشر بين السعودية ومرفأ حيفا، الذي أطلق على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، ترجمة لهذا الاستهداف، ما يمنح زيارة الرئيس الأسد الى الصين نكهة خاصة لجهة مكانة سورية في مشروع الحزام والطريق، ويمنح الصين فرصة استراتيجية لبلورة صورة مشروعها الذي يستطيع عبر خط برّي يربط إيران والعراق وسورية، التوجّه عبر تركيا نحو أوروبا، ما يضيء على توقيت إعلان المبادرة الإيرانية الخاصة بالعلاقات السورية التركية.

طال انتظار خروج التنين الصينيّ من التحفظ والحذر والتريث، لكن المعلوم أن التنين عندما يتحرّك لا يتوقف، ويبدو أن اللحظة قد حانت، وأن سورية بعد الصبر العظيم تنال ثمرة صبرها وتحملها ومعاناتها، وخلال الزيارة وبعدها سوف تكون الوقائع كافية لتظهر المزيد.