Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر October 11, 2019
A A A
زيادة الضرائب لم ترفع الإيرادات
الكاتب: خالد أبوشقرا - نداء الوطن

أصدرت وزارة المالية نتائج الاداء المالي في الاشهر السبعة الاولى من العام الحالي. الجداول، وإن لم تختلف في الشكل لجهة استمرار التفاوت الكبير بين النفقات والايرادات، والذي فاق لغاية نهاية تموز الحالي الـ 2966 مليار ليرة أو ما نسبته 22.76 في المئة من حجم النفقات، الا ان المضمون كان لافتاً، خصوصاً لجهة تراجع العائدات الضريبية رغم زيادة معدلاتها، وتحميل المصارف والمودعين العبء الاكبر من الضرائب.
بمقارنة بسيطة مع نتائج الفصل الاول من العام الماضي يظهر الاداء المالي لغاية تموز 2019 انخفاضاً في حجم الايرادات بنسبة 4 في المئة. إذ لم تتجاوز قيمة الايرادات الـ 10516 مليار ليرة، مقارنة مع 10924 ملياراً في الفترة نفسها من العام الماضي. هذا وأظهرت الايرادات تراجعاً ملحوظاً في شهر تموز من 1860 مليار ليرة الى 1739 ملياراً.

القيمة المضافة (8-)%

ويعود هذا الجمود في مجمل الايرادات الى تراجع مردود الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 8 في المئة. وهو ما يثبت بحسب رئيس فريق الابحاث الاقتصادية في بنك بيبلوس نسيب غبريل “عدم جدوى زيادة الضرائب”. وبالارقام فإن زيادة الضرائب اتت بنتائج عكسية حيث لم ترتفع الايرادات على أرباح الشركات باكثر من 4.3 في المئة، ولم يتغير مردود الضرائب على الرواتب والاجور فيما تراجعت الايرادات من الضرائب على الاموال المنقولة بنسبة 2.5 في المئة.

المودعون يدفعون

اللافت في النتائج المالية كان ارتفاع إيرادات الضريبة على فوائد الودائع بنسبة 53 في المئة. هذه المفارقة التي تعود بشكل أساسي الى حوكمة المصارف وجبايتها للضريبة لمصلحة الدولة وتصريحها عنها بشكل كامل، تثبت ان المصارف والمودعين هم من يتحملون العبء الاكبر من الضرائب. وهذا يعتبر بحسب غبريل مؤشر غير صحي في الاقتصاد إذ إن الضريبة على فوائد الودائع اصبحت تشكل ما نسبته 39 في المئة من الايرادات الضريبية المتعلقة بالدخل، مقارنة باقل من 35 في المئة لايرادات الدولة من أرباح الشركات. فمن غير الطبيعي ان تشكل ايرادات ضريبة الدخل على الاموال المنقولة 8.3 في المئة و17 في المئة على الرواتب والاجور و35 في المئة على الارباح، فيما تبلغ على الفوائد 39 في المئة. وهذا يخالف منطق الامور إذ أن الضريبة على الارباح وعلى الاموال المنقولة تشكل القيمة الاكبر من ايرادات الدولة من ضريبة الدخل.

انخفاض النفقات يثير التساؤلات

أما لجهة النفقات، فتُظهر الارقام تراجعاً في الاشهر السبعة الاولى من العام 2019 بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام 2018 بنسبة 9.1 في المئة. فقد انخفض الانفاق العام من 15564 ملياراً في العام 2018 الى حدود 14147 ملياراً في الفصل الاول من العام الحالي.

الانخفاض الملحوظ أدى الى تقلص العجز في الاشهر السبعة الاولى بنسبة 22 في المئة فانخفض من 3 آلاف مليار ليرة الى حدود 2400 مليار. هذا الانخفاض الذي سبق تطبيق موازنة 2019 وإن بدا جيداً، الا انه لا يظهر ان كانت هناك متأخرات لم تدفع أو جرى تهريبها. الورقة تبين ان خدمة الدين تراجعت بنسبة 5.5 في المئة. وان النفقات العامة الاجمالية تراجعت بنسبة 9 في المئة، منها انخفاض تحويلات الخزينة الى كهرباء لبنان بنسبة 12 في المئة. ليبقى السؤال أين ذهب كل هذا الاستيراد للمشتقات النفطية و”الفيول أويل”؟.

الضرائب ليست الحل

لعل أهم ما تظهره الارقام في هذه الورقة، هو ان زيادة الضرائب لم تؤد الى زيادة العائدات الضريبية باكثر من 1 في المئة نتيجة تراجع البنود الضريبية بمعظمها. وفي المقابل أدت الضرائب الى سحب السيولة من الاسواق، ودفعت باتجاه إعادة توزيع ضخمة للدخل من القطاعات الانتاجية والقطاع الخاص والاسر الى تمويل القطاع العام غير المنتج باكثريته، مؤدية الى تراجع الحركة الاقتصادية.

هذه الارقام بحسب غبريل، لم تشكل عبرة في تحضير موازنة 2020 والتي تتضمن نية واضحة في إقرار زيادات ضريبية مباشرة وغير مباشرة كتلك المتعلقة بوضع حد أدنى لسعر صفيحة البنزين، وإمكانية زيادة تعرفة الكهرباء لتعويض فرق انخفاض تحويلات الخزينة للمؤسسة من حدود مليار و750 مليون دولار الى مليار دولار أميركي.

التركيز بحسب المنطق الذي تظهره الارقام، يجب ان يكون على تخفيض النفقات، وإعطاء حوافز للنمو الاقتصادي، وتأمين جو استثمار ملائم للشركات من خلال تخفيف الضرائب والفوائد وإرجاع الثقة بالبلد والمؤسسات. عندها يرتفع النمو تلقائياً وتزيد مداخيل الدولة حتى من دون الاضطرار الى رفع الفوائد.