Beirut weather 16.41 ° C
تاريخ النشر June 27, 2016
A A A
زغرتا تودع ميشال فؤاد الصايغ
الكاتب: موقع المرده

أقيم قداس احتفالي لراحة نفس فقيد زغرتا ولبنان الراحل الكبير المحسن ميشال فؤاد الصايغ في كنيسة مار مارون ترأسه ممثل البطريرك بشارة بطرس الراعي المطران سمير مظلوم وحضره المطارنة بولس إميل سعاده، مارون العمّار، بولس عبد الساتر، وكهنة رعية إهدن – زغرتا .
حضر القداس إلى عائلة الفقيد النائب إسطفان الدويهي، الوزيران السابقان نايلة معوض وخليل الهراوي ، النائب السابق الدكتور قيصر معوض ، طوني سليمان فرنجيه ، رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض ، السيد أسعد كرم ، المهندس زياد المكاري، ، رئيس بلدية زغرتا – إهدن الدكتور سيزار باسيم، كهنة ورهبان وراهبات، ممثلين عن الجمعيات والهيئات والأندية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وحشد كبير من المؤمنين.
وبعد الإنجيل المقدس، تلا الرقيم البطريركي الخوري إسطفان فرنجية ومما جاء فيه:
“لقد آلمنا كما آلمكم نبأ وفاة فقيدكم الغالي المحسن الكبير والشيخ الجليل المرحوم ميشال فؤاد الصايغ، الذي انطلق إلى بيت الآب في السماء عن ثمان وثمانين سنة زخرت بالإيمان والنشاط والأبوّة المسؤولة وعمل الخير من دون حدود. ونحن من الولايات المتحدة حيث نقوم بزيارة رعائية لبعض رعايانا المارونية، نشاطركم الأسى على فقده، والصلاة لراحة نفسه، سائلين الله أن يسكب في قلوبكم تعزياته الأبوية.
نشأ المرحوم ميشال في عائلة مارونية مؤمنة من عائلات إهدن – زغرتا العزيزة، عائلة المرحومين فؤاد ميشال الصايغ ووداد سليم فرنجية. وترعرع في كنفهما مع سبعة أشقّاء وشقيقتين، حيث تشرّب منذ الصغر روح الإيمان والمحبة، وتمرّس على العطاء وروح الخدمة بسخاء وفرح. وما إن بلغ الثامنة عشر من عمره حتى هاجر إلى فنزويلا حيث كان سبقه شقيقه المرحوم الياس وعدد من أبناء إهدن – زغرتا وابتدأ يعمل بجد ونشاط في حقل المشاريع العمرانية، محافظًا على علاقة متينة مع وطنه لبنان حيث كان يحمله الشوق على زيارة بلدته بتواتر. وفيه تعرّف إلى شريكة حياته السيدة إيفون سركيس البايع واقترنا في سرّ الزواج المقدس وباركه الله بابنين وابنتين سهرا على تربيتهم تربية مسيحية وأخلاقية ووطنية صالحة، ووفّرا لهم ثقافة عالية فتحت أمامهم أبواب النجاح في المجتمع. وفرحا بهم يؤسّسون عائلات صالحة ويسهرون على تربية أولادهم على المبادئ الإيمانيّة والوطنيّة التي تربّوا عليها.
وبفضل إيمانه واتّكاله على عناية الله، تمكّن المرحوم ميشال من تأسيس عدّة شركات أقدمت على تنفيذ عشرات المشاريع الكبرى في فنزويلا والبلدان المجاورة حتى أصبح معروفًا بين أكبر رجال الأعمال والعمران في تلك البلاد. وبفضل تعلّقه بمسقط رأسه إهدن – زغرتا راح يساهم بسخاء في مشاريع الرعيّة الكنسيّة والإنمائية، ومن أبرزها بناء كنيسة مار مارون زغرتا – العقبة الجميلة مع قاعاتها الفسيحة، وتطوير أجنحة مستشفى سيدة زغرتا الجامعي، بالإضافة إلى مساهماته السخية في ساحة الميدان – إهدن، وفي كنيسة مار يوسف وقاعاتها، وفي نادي السلام الرياضي، وفي سائر النشاطات الخيريّة والإجتماعيّة. هذا فضلاً عن أفعال المحبة تجاه كلّ إنسان محتاج قصده. كلّ ذلك ببسمة تواضع وبروح قول السيد المسيح: “إذا أحسنت إلى أحد فلا تجعل شمالك تعرف ما تعمل بيمينك” (متى 6 : 3). فتقديرًا لعطاءاته وإنجازاته منحه رئيس الجمهورية اللبنانية سنة 2000 وسام الاستحقاق اللبناني الذي قلّده إياه الوزير سليمان فرنجية. وأنعم عليه قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر سنة 2008 وسام البابا غريغوريوس الكبير لمناسبة بلوغه الثمانين عامًا. كما قلّد العديد من الأوسمة في لبنان وفنزويلا.
حافظ المرحوم ميشال على وديعة الإيمان والإخلاص للكنيسة وتعاليمها، مثابرًا على ممارسة واجباته الدينيّة، وأمينًا لصورة الرجل الإهدني الماروني اللبناني في قوّة شخصيته وطموحه وعطاءاته اللامحدودة، على تواضع ووداعة وبساطة، وتحمّل محن الحياة وصعوباتها، وآلام المرض واوصاب الشيخوخة بعنفوان وشجاعة وصبر جميل، مشركًا آلامه بآلام المسيح الفادي وقد خفّف من أوجاعه ما أحاطته به عائلته، ولا سيّما شريكة حياته الفاضلة، من عناية واهتمام ومحبة. وأسلم الروح في كراكاس – فنزويلا، وقلبه يعتمر بالرجاء في رحمة الله الذي ينيله جزاء العاملين النشيطين والمحسنين الكبار والمؤمنين الصالحين، وفيما تودعون جثمانه الطاهر تربة إهدن – زغرتا الطيّبة، على رجاء القيامة المجيدة.
وعلى هذا الأمل، وإكرامًا لدفنه، وإعرابًا لكم عن عواطفنا الأبوية، نوفد إليكم سيادة أخينا المطران سمير مظلوم نائبنا البطريركي السامي الإحترام، ليرئس باسمنا حفلة الصلاة لراحة نفسه وينقل إليكم تعازينا الحارّة.
تغمّد الله روح فقيدكم الغالي بوافر رحمته، وسكب على قلوبكم بلسم العزاء.
الولايات المتحدة الأميركية، في 26 حزيران 2016.”
بعدها تم دفن الراحل في مدفن قرب كنيسة مار مارون بناء على وصيته. وقلّده رئيس بلدية زغرتا – إهدن الدكتور سيزار باسيم درعًا تكريميًا باسم بلدية زغرتا – إهدن، وقال :
” ايها الحفل الكريم:

يعزّ علينا ان يتزامن استلامنا لمسوؤلياتنا بوداعك.

كما يشق علينا ان تحية وداعنا لروحك المتأججة حبا” بالوطن تصادف والصيف على الابواب.

الصيف الذي كنت تتعجل حلوله كي يحملك على اجنحة الشوق الى اهدن، ويرميك تحت أفياء

اشجار الدلب على الميدان. حيث تنعقد حلقات الاصدقاء المقيمين والمغتربين.

على المحبة تنعقد، وعلى الالفة المذكرة بالماضي، قبل عهدك بالسفر، وعلى أخبار، ونكات، ونوادر، تدّخر، من عام الى عام، اذا اقتضى الامر كي لا يفوتك شىء من الطرافة، والظرف، والبهجة.

ايها المغترب – المقيم:

كنت تشعر بأن تعب العمر يتبدد في لحظات كهذه، وان من يكافح في بلاد الاغتراب سعيا”

الى حياة افضل له ولاسرته، من حقه ان يلتقط أنفاسه قليلا” وان يمسح عن جبينه عرق الكد،

بنسمة اهدن التي ترد الروح، وتنعش القلب .

وصرت ككل لبناني مهاجر موزعا” بين مكانين: مكان جرفك اليه مد الهجرة وجاهدت الجهاد الحسن الى بلاد سبقك اليها شقيقك المرحوم الياس ولم تتأخر في احراز النجاح والتفوق.

ومكان آخر ابصرت على ترابه النور وتركت فيه بعضا” منك في الحارة التي فيها لعبت، والمدرسة التي على مقاعدها

تعلمت، والحقول التي منها قطفت، والكنيسة التي فيها ركعت.

شأن كل منتشر ممزقا” بين دواعي العقل وحسابات الاستمرار والارتباط بالاولاد والاحفاد، وبين دوافع القلب واسباب الحنين ومطارح الطفولة ومسارح العمر الطري.

وغدا” اذا ارادت زغرتا ان تخبر بنيها عنك، ماذا سنقول؟

زغرتا التي كانت محبتها تجري في عروقك مجرى الدماء.

زغرتا التي غمرتها بسيل من عطاءاتك السخية في رخائها وفي الشدة. فاستمطرت الرحمة الدائمة.

علّ اهلك بما ارسلت تباعا” وما شيدته وساهمت في بنائه.

رحمات الله عليك ميشال الصايغ. فقد حملت في حياتك أوسمة، وتقلّدت ميداليات، وكرّمت في احتفالات، الاّ أنّ أيّا من الأوسمة التي زيّنت صدرك، وضوّت سيرتك ومسيرتك لم تكن لتعتزّ بها كوسام تعلّقك بالأرض التي أبصرت تحت سمائها النور، اعتزازك بتسمية البلدية لشارع كنيسة ما مارون باسمك.

أيها المحسن الكبير،

نأت بك الديار طويلا. لك الآن، والى الأبد، عناق الجذور.

لقد أقمت طوال حياتك، الدليل تلو الدليل وعلى وفائك لأرضك الأم. وآخرها وصيتك بأن تضمّك الى صدرها، في قلب الضريح الذي أعددت وفي ظلال تمثالك النصفيّ.

فأهلا بك ميشال الصايغ راقدا رقدة الأبد في زغرتاك.”

هذا وكانت زغرتا استقبلت جثمان الراحل الصايغ على وقع الصلوات والتراتيل والموسيقى الكشفية ورش الورود والأرز والزغاريد فرفع جثمانه على أيدي كهنة وأبناء رعيته التي أحب فبادلوه المحبة وساروا وراء نعشه عند مفرق شارع البطريرك الدويهي (مقابل مهنية زغرتا) حيث انطلقت مسيرة صلاة باتجاه كنيسة مار مارون حيث سجّي الجثمان وأقيمت الصلوات لراحة نفسه.
وقد شارك في مراسم الاستقبال إلى افراد عائلة الفقيد الوزير السابق يوسف سعاده، النائب اسطفان الدويهي، النائبان السابقان جواد بولس والدكتور قيصر معوض، كهنة رعية إهدن – زغرتا: يوحنا مخلوف، إسطفان فرنجية، بول مرقص الدويهي، يوسف بركات، رؤساء جمعيات وهيئات ثقافية وصحية وتربوية واقتصادية واجتماعية، كشافة لبنان فوج أرده، أخويات الحبل بها بلا دنس، قلب يسوع ومار يوسف، وحشد من أبناء الرعية.