Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر September 24, 2022
A A A
زغرتا تشيع المطران بولس اميل سعادة بمأتم مهيب.. والبطريرك الراعي مترئسا الجنازة: قضى حياته بالبذل والعطاء
الكاتب: موقع المرده
eace032d-8c36-484a-b8d3-c7df51201d72 d90b87e4-f747-422b-9830-1d2e6cbd64b2 9fed11f4-0b73-4b8f-9010-acb92872f685 a048aac9-17df-43a0-9f06-9b9d3738affa 602b33ee-d04e-4b95-ac2f-39e89ac15431 aa820b09-3117-4544-8ced-bc8715e74ba3 2b41b772-2d4f-4d2a-9ccc-dc1f51d881fb 6cdb6be0-d6a4-45e8-ae3f-fc869217286d 9d5650fd-e623-4498-98cc-bdaf59daee33 69544a35-be3d-44bd-b31a-f53cf57d784c d45e82ea-469e-48dc-9cf7-f84ca0a0ab9f
<
>

شيعت زغرتا المثلث الرحمات المطران بولس اميل سعادة بمأتم مهيب حيث ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي صلاة الجنازة في كاتدرائية مار يوحنا المعمدان في زغرتا، بمشاركة السفير البابوي جوزاف سبيتاري و حشد من الاساقفة والكهنة والرهبان والراهبات، رؤساء الاديار في الشمال وتجمع الاكليروس الاهدنية.

حضر القداس وزير العدل هنري خوري ممثلا رئيس الجمهورية ميشال عون، رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه، النواب: طوني فرنجيه، ميشال معوض، جميل عبود، ميشال دويهي، غياث يزبك، ميشال خوري، فادي كرم، ومثل الوزير السابق بيار رفول رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل

كما حضر النواب السابقون اسطفان الدويهي، جوزاف اسحاق، سامر سعاده، الوزيران السابقان: يوسف سعاده، روني عريجي، ومثل النائب السابق جواد بولس السيد سركيس مكاري،
نقيب محامي طرابلس والشمال ماري تيريز القوال فنيانوس، رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم، السيد اسعد كرم، الى حشد من الفعاليات البلدية والاختيارية، نقباء المهن الحرة، وشخصيات امنية واجتماعية وثقافية واهل وانسباء المطران الراحل الى حشد من المؤمنين.

بعد الانجيل القى البطريرك الراعي عظة قال فيها :”

1. ربّنا يسوع المسيح، الراعي الصالح بامتياز، أعطى النفوس “الحياة وأعطاها أوفر”( يو 10: 10). وقد بذل نفسه، مائتًا على الصليب ليفتدي خطايا البشريّة جمعاء، وأعطى العالم وليمة جسده ودمه لحياة البشر. وقد إختار في الكنيسة “رعاة وفق قلبه”(إرميا 3: 5). ومن بينهم المثلّث الرحمة المطران بولس إميل سعاده الذي قضى حياته بالبذل والعطاء، كاهنًا وأسقفًا، لكي ينعم أبناء رعيّته وأبرشيّته “بالحياة، والحياة الأوفر”( يو 10: 10). ونحن نودّعه معكم بكثير من الأسى، ونرافقه بصلاة الرجاء.
2. إنّه إبن إهدن-زغرتا المدينة العريقة في الإيمان والغنى الكنسيّ، والعلم والثقافة والسياسة والوطنيّة. في بيت كهنوتيّ ولد.جده كاهن. والده الخوري بولس سعاده الذي ربّاه مع شقيقيه وشقيقاته على الإيمان الأصيل وروح الصلاة والإنفتاح على محبّة الله والكنيسة. دعي اسمه بالمعموديّة إميل فأضاف عليه إسم والده الخوري بولس في الكهنوت والأسقفيّة. أخلص لشقيقيه وشقيقاته. وقد سبقوه إلى دار الخلود ما عدا شقيقته السيّدة نورما التّي نتمنّى لها العمر الطويل. فتعزّى بعائلاتهم وبأولادهم الناشطين في العلم والإختصاصات العالية والعمل. وسرّ بابن شقيقه الأب الدكتور بولس سعاده يلبّي الدعوة إلى الحياة المكرّسة في الرهبنة اليسوعيّة الجليلة.
3. لبّى المثلّث الرحمة المطران بولس-إميل الدعوة لإتباع محبّة المسيح في سرّ الكهنوت على غرار والده. فدخل المدرسة الإكليريكيّة في غزير. وبعد إنهاء دروس الفلسفة واللاهوت سيم كاهنًا في 12 نيسان 1958. وباشر على الفور خدمته الكهنوتيّة والراعويّة في إهدن-زغرتا المدينة التي ولد فيها وأحبّها وتربّى على تقاليدها وعشق تاريخها الكنسيّ والمدنيّ. فراح يتفانى في خدمة أبنائها وأهاليها وسكّانها لكي “تكون لهم الحياة أوفر”. تعاون بدايةً مع كاهنين نشيطين هما: الخوري هيتكور الدويهي الذي أصبح مطران أبرشيّة مار مارون بروكلين (نيو يورك)، والخوري أنطوان يمّين. فأسّسوا مع المونسنيور بطرس بركات بيتًا للكهنة لكي يسكنوا معًأ في حياة جماعيّة. وساهموا في إحياء المهرجانات الصيفيّة في إهدن، وأنشأوا حركة الشباب الزغرتاويّ، وأطلقوا حركة راعويّة واسعة النطاق.
4. واصل المثلّث الرحمة نشاطه الروحيّ الكهنوتيّ والإجتماعيّ بديناميّة مميّزة: أحيا في الشبيبة الحسّ الوطنيّ، بتنظيم رحلات إلى المواقع الأثريّة في مختلف المناطق؛ تسلّم إدارة وقف أهدن-زغرتا وحقّق مشاريع إنمائيّة وزراعيّة؛ أسّس مستوصفًا، وأقام مستشفى ميدانيًّا على اسم مار يوحنّا في بداية الحرب اللبنانيّة المشؤومة؛ أسّس مستشفى سيّدة زغرتا، وجهّزه وتسلّم إدارته حوالي عشرين سنة، ومن بعده عزيزنا المونسنيور اسطفان فرنجيّة الذي طوّره ووسّعه وجعله مستشفا جامعيا؛ بنى بيت الكهنة قرب كنيسة مار يوحنّا، ووسّع مدرسة البنات الأولى في زغرتا في أوائل الحرب اللبنانيّة، أسّس نشرة الرعيّة “الكلمة”كصلة وصل بين الزغرتاويّين في الوطن وبلدان الإنتشار؛ أنشأ معهد التثقيف الديني، ومشغلًا بالتعاون مع راهبات الصليب لتعليم الفتيات فنّ الخياطة؛ حوّل دير الآباء اللعازرين في إهدن بيتًا للكهنة، ودير راهبات المحبّة مستشفىً ريفيًّا بالتعاون مع وزارة الصحّة؛ أسّس فرع كاريتاس لبنان في زغرتا، وتجمّع الإكليروس الإهدنيّ.
من أجل كلّ هذه الإستحقاقات منحه رئيس الجمهوريّة سنة 1982 وسام المعارف المذهّب من الدرجة الأولى.
5. عرفته شخصيا وأكبرته وأحببته سنة 1975، عندما كنّا معًا أعضاء في “الهيئة المارونيّة للتخطيط والإنماء”التي أنشأها مجلس المطارنة في عهد المثلّث الرحمة البطريرك الكردينال مار أنطونيوس بطرس خريش، برئاسة النائب البطريركي المثلّث الرحمة المطران رولان أبو جوده، قبل إنشاء رابطة كاريتاس لبنان في سنّ الفيل. وكان على تلك “الهيئة”أن تنسّق خدمات الإغاثة في مناطق الحرب والحصار والتهجير. فكنت أقرأ في وجه هذا الكاهن توقد المحبّة والعطاء وبعد النظر واتساع الآفاق. وقد رفعه المثلّث الرحمة البطريرك خريش إلى رتبة خورأسقف تقديرا له.
6. وشاءت العناية الإلهيّة أن نواصل السير معًا، فانتخبنا أوّل سينودس أساقفة في عهد المثلّث الرحمة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير في نيسان 1986 نائبين بطريركيّين: المطران بولس إميل في نيابة البترون وإهدن-زغرتا، وأنا في الكرسيّ البطريركيّ. فاتضّحت أمامي شخصيّة المطران بولس إميل الغيور والمقدام والنشيط ورجل القرار والشجاع في التنفيذ وصاحب القلب الكبير والرؤية البعيدة والمحبّ والعطوف. بهذه الصفات باشر خدمته الأسقفيّة في النيابتين. ثمّ اقتربنا بالأكثر في الأخوّة والتعاون بحكم أنّه اصبح مطرانًا اصيلا لأبرشيّة البترون، وأنا مطرانًا لأبرشيّة جبيل، وكنا كل سنة نلتقي لنحتفل معا في ذكرى رسامتنا الاسقفية وتجديد عهدنا معا في خدمة الكنيسة وكنت اكتشف فيه قلب الطفل المحب.
7. في نيابة إهدن-زغرتا، بالإضافة إلى ما تقدّم، بنى بفضل المؤمنين والمحسنين، كنيستي مار يوسف ومار مارون في زغرتا وكرّس مذابحها؛ أسّس فرعًا للصليب الأحمر؛ نظّم الخدمة الراعويّة في الكنائس؛ عزّز النشاطات الإجتماعيّة والصحيّة والخيريّة والإنمائيّة التي كان قد بدأها قبل ترقيته إلى السدّة الأسقفيّة.
8. وفي البترون نيابة أوّلًا ثمّ أبرشيّة قائمة بذاتها، رمّم دير مار يوحنّا مارون بكفرحي وجعله كرسيًّا أسقفيًّا، واستعاد إليه ذخيرة القدّيس مارون؛ استصلح الأراضي والعقارات وغرسها؛ بنى العديد من الكنائس والقاعات الراعويّة؛ أنمى الأوقاف ونشّط لجان إدارتها؛ عزّز الدعوات الإكليريكيّة ورسم ثلاثين كاهنًا؛ ساهم وأشرف على كتابة تاريخ الأبرشيّة وكتاب حملة الأقلام؛ أولى عناية خاصّة بالكهنة فوفّر لهم التأمين الصحيّ وضمان الشيخوخة وأنشأ صندوق التعاضد، والتوأمة مع أبرشيّة سان إتيان الفرنسيّة؛ فتح دعوى تطويب كلّ من البطريرك إسطفان الدويهيّ والبطريرك الياس الحويّك، وترأسلجنة الكشف على حثمان كلّ من الطوباويّ نعمةالله الحرديني والطوباويّة رفقا قبل تقديسهما، وجثمان الطوباويّ الأخ إسطفان ونقله إلى مدفنٍ آخر؛ قدّم إلى جمعيّة SOS مساحة وفيرة في كفرحي لبناء قرية نموذجيّة لتربية الأطفال اليتامى، حصل من مغترب كريم على مجموعة عقارات لبناء مدرسة في بلدة مراح شديد؛وسهر على تأسيس رهبنة نسائيّة فرنسيّة في بلدة تولا.
فوق كلّ ذلك، إنتخبه مجلس البطاركة والأساقفة لسنوات رئيسًا للجنة الأسقفيّة لراعويّة الخدمات الصحيّة. وعيّنه المثلّث الرحمة البطريرك الكردينال مار نصرالله يطرس صفير رئيسًا للجنة يوبيل الألف وستماية سنة لوفاة أبينا القدّيس مارون، وعضوًا في لجنة شؤون الشراكة بين الكرسي البطريركي وأهالي الديمان وبلوزا وسواهما.
9. لقد أرسله الله حقًّا راعيًا صالحًا، عمل بمحبّة ونشاط على أن يؤمّن للذين تولّى خدمتهم كاهنًا وأسقفًا “الحياة، والحياة الأوفر”( يو 10: 10). ولـمّا أنهى خدمته في نيابة إهدن-زغرتا تابع الرسالة من بعده نواب بطريركيون ناشطون بدءًا من سيادة أخينا المطران سمير مظلوم وصولًا إلى سيادة أخينا المطران جوزف نفّاع. وفي أبرشيّة البترون خلفه سيادة أخينا المطران منير خيرالله سائرًا على خطاه. كلّهم حفظوا له الوفاء والإحترام، ووجدوا فيه خير مشير. وأحاطه الكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنون في الأبرشيّتين بالإكرام وعرفان الجميل. وعندما ثقلت عليه السنون وجد عندهم وعند أهل بيته على الأخصّ العناية الكاملة، حتى أسلم الروح بسلام في مستشفى السيدة الذي أسّسه.
10. فإنّنا باسمكم جميعا نتقدّم بالتعازي القلبيّة من إخواننا السادة المطارنة الأجلّاء أعضاء السينودس المقدّس، ومن صاحبي السيادة، أخوينا المطران منير خيرالله والمطران جوزف نفّاع وكهنة أبرشيّة البترون ونيابة إهدن-زغرتا وشعبهما، ومن عائلات المرحومين شقيقيه، وشقيقتيه ومن شقيقته السيدة نورما واولادها وعائلاتهم. وإذ نرافقه بهذه الصلاة في عبوره إلى بيت الآب، نسأل الله الذي دعاه ليكون راعيًا صالحًا أعطى المؤمنين والمؤمنات “الحياة وأعطاها أوفر”( يو 10: 10)، أن ينعم عليه بالمشاهدة السعيدة في السماء، ويحصيه بين الرعاة الأبرار، ويعوّض على كنيستنا “برعاة وفق قلبه”(إرميا 3: 5).

في ختام القداس كانت كلمة من السفير البابوي جوزاف سبيتاري قال فيها:” تالمت كثيرا عندما علمت بوفاة الاسقف الفخري في البترون، اتحد معكم ومع عائلة الفقيد والكنيسة المارونية، ليكافئه الرب لخدمته الاسقفية بين زغرتا والبترون، نسال الله لاخينا الرحمة الغزيرة حتى يتقبله الله في سعادة ملكوته، مؤكدا لكم اننا ذكرناه مع رئيس الاساقفة واعضاء مجمع الكنائس ونصلي معا لراحة نفسه.

 

وكان قد وصل قرابة الساعة التاسعة من صباح اليوم على وقع اجراس الكنائس وزغردة النسوة ونثر الارز والورد جثمان المثلث الرحمة المطران بولس اميل سعادة الى كنيسة سيدة زغرتا الاثرية وسُجّي جثمانه مكشوفا داخل الكنيسة افساحا في المجال امام المؤمنين لالقاء النظرة الاخيرة عليه.
وكان الجثمان قد وصل منقولا داخل عربة من مستشفى سيدة زغرتا الجامعي حيث اقيم قداس صباحا لراحة نفسه ترأسه المونسينيور اسطفان فرنجيه وعاونه لفيف من كهنة الرعية.
وقد رافق الجثمان من مستشفى سيدة زغرتا الى كنيسة السيدة الاثرية المونسنيور فرنجيه عائلة المطران الراحل ولفيف من كهنة رعية زغرتا اهدن.
وكان في استقبال الجثمان جمع من الاهالي.
وكان قد اقيم قداس لراحة نفس المطران الراحل في كنيسة مستشفى سيدة زغرتا ترأسه المونسينيور فرنجيه وعاونه لفيف من كهنة الرعية بحضور اطباء، موظفي المستشفى واهالي الفقيد.
وفي وقت لاحق وقبل بدء صلاة الجنازة كان البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي قد وصل الى كاتدرائية مار يوحنا المعمدان في زغرتا حيث كان في استقباله المطارنة منير خيرالله، يوسف سويف، جوزاف نفاع، المونسنيور فرنجيه ولفيف من الكهنة.
بعد التشريفات التي قدمتها موسيقى كشافة لبنان فوج حرف ارده دخل البطريرك الى الكنيسة وكانت وقفة صلاة قصيرة وتأمل امام نعش المطران الراحل من ثم توجه الى القاعة للمشاركة في تقبل التعازي بالمطران الراحل.
وبعدها انطلق موكب تشييع المطران الراحل من كنيسة سيدة زغرتا الاثرية بمسيرة راجلة باتجاه كاتدرائية مار يوحنا المعمدان في زغرتا، حيث سُجّي النعش مكشوفا افساحا في المجال امام المؤمنين لالقاء نظرة الوداع.
موكب التشييع شق طريقه من كنيسة السيدة صعودا باتجاه كاتدرائية مار يوحنا تتقدمه رايات الاخويات والفرسان وطلائع العذراء مريم، الى الجمعيات الاهلية في زغرتا، على وقع الانغام الدينية التي عزفتها الفرقة الموسيقية التابعة لكشافة لبنان فوج حرف ارده،
وقد رفع النعش على الاكف محاطا بالمطرانين جوزاف نفاع ومنير خيرالله المونسنيور اسطفان فرنجيه ولفيف من الكهنة، وقد رافق المسيرة سيارات من الصليب الاحمر اللبناني وعناصر من الامن الداخلي واصطف المواطنون على جانبي الطريق لالقاء نظرة الوداع على مطران خدم زغرتا واعطاها من قلبه وزرع فيها محبة وسلام.
وكانت قد اقيمت القداديس طيلة هذا النهار واختتمت بقداس عند الواحدة والنصف بعد الظهر تراسه راعي ابرشية البترون المطران منير خيرالله، قبل ان يترأس صلاة الجنازة لراحة نفسه البطريرك مار بشاره بطرس الراعي عند الثالثة من بعد الظهر.

 

 

*الصور بعدسة منال دحدح