Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر August 10, 2020
A A A
زغرتا تزف عريسها الشهيد توفيق الدويهي
الكاتب: موقع المرده
3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 index index2
<
>

ودعت زغرتا شهيدها الرقيب الاول في قوى الامن الداخلي توفيق عبود زخيا الدويهي، في مراسم اقرب الى العرس منها الى الوداع الاخير، فارتفعت اليافطات التي تحاكي مزايا الشهيد البطل، واستقبل نعشه، محمولا على الاكف، وسط زغاريد النسوة الحزينة ونثر الارز.

واقيمت صلاة الجنازة في كاتدرائية مار يوحنا المعمدان في زغرتا، بحضور رئيس حركة الاستقلال النائب المستقيل ميشال معوض، رئيس بلدية زغرتا انطونيو فرنجيه، رئيس حركة الارض طلال الدويهي، المحامي يوسف الدويهي، الى ممثلين عن رؤساء الاجهزة الامنية، اهالي واقارب الشهيد.

وتراس صلاة الجنازة النائب البطريركي على رعية اهدن زغرتا المطران جوزاف نفاع، عاونه المونسنيور اسطفان فرنجيه، الخوري بول دويهي، و لفيف من الكهنة.

والقى المطران نفاع عظة في المناسبة قال فيها:” في قلب العواصف، يصعب علينا أن نفهم، في قلب العواصف، تكثر الأسئلة وتتراكم الأحزان، وتتلبّد الغيوم، في قلب العواصف، تُظلم الدنيا وتبكي الصخور لبكاء الأمهات والآباء، لصراخ الإخوة والأخوات، لحزن الأصدقاء والأقرباء… وتنهمر دموع الزوجات والأبناء والبنات… في قلب العواصف، كلّ ما نعلمه أنّ لكلّ عاصفة نهاية وبعد كلّ ليل نهار وبعد كلّ موت قيامة. في قلب العواصف، نتذكّر يسوع الذي “أخلى ذاته” متجسّدًا آخذًا صورة العبد من أجل خلاص البشر، فدخل عواصفنا: بكى معنا ولا يزال. دخل عواصفنا ليحوّلها إلى نور وحياة، دخل عواصفنا لينقل حبّ الله لنا: “كما أحبّني الآب، كذلك أنا أحببتكم، أثبتوا في محبّتي” (يو 15/9)، فأعطى المعنى لآلامنا وموتنا وحزننا”.

اضاف:” هذا ما اختبره الشهيد توفيق عبود الدويهي في حياته القصيرة على هذه الأرض. في هذه الكنيسة التي كانت تضمّه إلى صدرها، وتضمّه اليوم شهيدًا، قربانًا على مذبح الوطن، ففيها أصغى إلى كلمة الله إلى جانب والده ووالدته وإلى جانب إخوته… وفيها عانق يسوع في القربان المقدّس الذي كان يتناوله بكلّ إيمان وخشوع وفرح. لماذا توفيق ابن الرابعة والعشرين ربيعًا؟ لماذا سمحت العناية الإلهية أن يسقط توفيق شهيدًا على أرض الواجب، على أرض الدفاع عن أرواح الناس وممتلكاتهم على أرض بيروت الجريحة ببشرها وحجرها؟ كلّ ما نعلمه أنّ محبة الله لتوفيق ولكلّ واحد منا هي أكبر بكثير من أي محبة أخرى حتى أكثر من حياتنا البشرية الزائلة عاجلاً أم آجلاً. كلّ ما نعلمه أنّ يسوع قال لنا: “شعرة من رؤوسكم لا تسقط دون علم أبيكم”.

وتابع:” كلّ ما نعلمه هو أنّ قلب توفيق هو قلبٌ ناصع البياض، مملوءٌ بالحبّ والإيمان والاندفاع والشجاعة، والنبل والكرم والشهامة، أحبّ الجميع والجميع أحبّه. رحل تاركًا وراءه الأثر الطيّب في قلوب الجميع من أهل ورفاق سلاح وأصدقاء. كلّ ما نعلمه هو أنّ الشهيد توفيق رحل إلى الملكوت الذي تاقت إليه نفسه. وهنا لا يسعنا إلاّ أن نتذكّر كلام الله الوارد في سفر الحكمة والذي يجيب على تساؤلاتنا عند موت الشباب الطيّبين والأنقياء المملوئين من حبّ الله والناس: “خطفه لكي لا يُغيِّر الشرُّ عقله، ولا يُطغِي الغشُّ نفسه” (حك 4/11)”.

وقال:” إنّ استشهاد الشاب توفيق يزيدنا تعلّقًا في هذا الوطن الجريح الذي وصفه القديس يوحنا بولس الثاني بوطن الرسالة. وفي الأمس، دعا البابا فرنسيس “اللبنانيين للتعاون من أجل الخير العام”. ويصف قداسته ما حصل في بيروت “بالكارثة” و”بالجلجلة”، ويقول إنّ لبنان يملك هوية مميّزة، ثمرة للقاء ثقافات مختلفة، ظهرت مع مرور الزمن كنموذج للعيش المشترك”. ويُضيف قداسته: “إنّ هذا التعايش، كما نعرف، هو الآن بالتأكيد هشّ جدًّا ولكنّي أصلّي لكي، وبمساعدة الله ومشاركة الجميع الصادقة، يولد هذا التعايش مجدّدًا حرًّا وقويًّا”.

وتوجه المطران نفاع بكلامه الى “الأب المؤمن عبود الذي خسر فلذة كبده، إلى الأم المؤمنة مدلان التي تبكي ولدها بحسرة، إلى الأخت تيريزا، إلى الأشقاء شربل ومارون الذين خسروا الأخ الحنون والملاك الحارس، إلى الجدّ، إلى الأعمام والعمّات، إلى الأخوال والخالة، إلى كلّ شباب زغرتا، إلى كلّ رفاق الشهيد توفيق في قوى الأمن الداخلي، إلى كلّ هؤلاء، أقول إنّني أرى في عيونكم قوّة إيمان تبلسم الجرح الكبير، أرى في عيونكم ثقةً بالرب يسوع تنقل الجبال، أرى في عيونكم حبّ كبير قادر على إخماد كلّ أحقاد هذا العالم. أرى في عيني كلّ واحد منكم صورة توفيق البطل الذي هبّ لمساعدة الناس، أرى فيكم وطنًا سينتصر على كلّ العواصف، أرى في عيونكم فجرًا جديدًا وحبًّا جديدًا ومستقبلاً جديدًا. أرى في عيونكم وعلى صدوركم، صورة توفيق المكلّل في المجد هو الذي مات مع يسوع وها هو ينتصر معه بالقيامة والمجد. أرى في عيونكم الشهيد توفيق يعانق الرب يسوع “وقديس” إهدن والكنيسة المارونية المكرّم البطريرك اسطفان الدويهي، أراه في حضن العذراء سيدة زغرتا التي أحبّها حبًّا كبيرًا وكرّمها تكريمًا دائمًا.

وختم :” إلى الشهيد توفيق أقول له باسمي وباسم كهنة الرعية وباسم كلّ أبناء وبنات الرعية: أحببناك لإيمانك وللطفك ومحبّتك وأخلاقك العالية، أحببناك لاحترامك لوالديك ولكلّ عائلتك… أحببناك لحضورك المميَّز في هذه الكنيسة وفي كلّ كنائس الرعية، أحببناك لشجاعتك وحبّك لوطنك وأرضك. واليوم نحن بحاجة إلى محبّتك، إلى عنايتك وأنت اليوم في حضرة الربّ يسوع، الحمل الذبيح من أجل معاصينا، لكي تبلسم جراح عائلتك وأصدقائك، لكي تتشفّع بزملائك في قوى الأمن الداخلي وفي الجيش اللبناني وكلّ القوى الأمنية. واطلب من الربّ يسوع السلام للبنان وللعالم، أطلب منه الأمل لشبيبتنا، أطلب منه الرحمة لجميع الضحايا التي سقطت في بيروت، أطلب منه الشفاء لكلّ الجرحى، أطلب منه الحكمة لكلّ أبناء الوطن كبارًا وصغارًا وأسأله العزاء لنا على فقدك”.

في ختام القداس كلمة العقيد طلال ابو يونس قائد فوج التدخل السريع الذي قال:” لقد ابى الشهيد الدويهي الا ان يمارس واجباته على اكمل وجه، فاستمات للدفاع عن قسمه الذي التزمه قولا وعملا، هكذا عرفناه في حياته، كريما في عائلته وبين زملائه، وغيا محترما وامينا بين اصدقائه، ومخلصا في عمله ومحبا للحياة التي بخلت عليه، لكن السماء عوضته بالشهادة،

ثم كانت قصيدة رثاء للشهيد القاها المؤهل جان نقولا باسم اصدقاء الشهيد.

بعد ذلك تقبلت العائلة العزاء من الحضور في الباحة الخارجية للكنيسة.