Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر April 15, 2025
A A A
روما تستضيف جولة المحادثات الثانية | الإيرانيون منقسمون: كيف نثق بترامب؟
الكاتب: محمد خواجوئي

كتب محمد خواجوئي في “الأخبار”

تتسارع التطورات المتّصلة بالمفاوضات الإيرانية – الأميركية في أعقاب جولة المحادثات الأولى، التي استضافتها العاصمة العُمانية مسقط، ووصفها الجانبان بـ»الإيجابية والبنّاءة». وقد أعلن وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، أمس، أن روما ستستضيف الجولة الثانية من المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، لافتاً إلى «(أنّنا) تلقّينا طلباً من الأطراف المعنية، ومن سلطنة عُمان، وجاء ردّنا إيجابيّاً. روما لطالما كانت مكاناً مناسباً لمثل هذه المحادثات الحسّاسة». وأكّد أن «إيطاليا مستعدّة لبذل كل ما في وسعها لدعم أيّ جهود دبلوماسية يمكن أن تؤدّي إلى تسوية الملف النووي الإيراني، وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة».

ووفقاً لِما نقلته وكالة «بلومبرغ» وموقع «أكسيوس» الأميركيان، عن مصادر مطّلعة، فإن نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، سيحضر إلى إيطاليا في الموعد المحدّد للمحادثات، فيما لم يتحدّد دوره المباشر فيها بعد. لكن يبدو أن السلطات الإيرانية تحفّظت على مكان انعقاد الجولة الثانية، الذي «لم يُحسم بشكل نهائي». وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن بلاده ستقرّر في شأن مكان انعقاد الجولة المقبلة «بعد تسلّم الموقف الرسمي من الجانب العُماني… ومن المرجّح أن تُعقد خارج السلطنة، إلا أن هذا الأمر ليس ذا أهمية كبيرة، فالمهمّ هو أن تبقى صيغة وأُطر التفاعل بين إيران والولايات المتحدة من دون تغيير».

وفي الموازاة، أعلن بقائي أن عراقجي سيزور، هذا الأسبوع، موسكو، حيث سيناقش مع المسؤولين الروس ملفّ المحادثات النووية مع الأميركيين. وفيما أعلنت إيران رسميّاً عن زيارة مرتقبة للمدير العام لـ»الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافائيل غروسي، إلى طهران، لفت الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى أنه يتوقّع اتّخاذ قرار في شأن إيران على نحو سريع للغاية، بعدما ذكر البلدان أنهما عقدا محادثات «إيجابية» و»بنّاءة» في مسقط.

وكان لمحادثات مسقط صدًى واسعٌ ومتباينٌ في الداخل الإيراني؛ إذ ثمّة مَن ينظر إليها باعتبارها حاجة للطرفين، في مقابل مَن يعتبر أنه ينبغي التعلُّم من تجارب السنوات الماضية، خصوصاً لجهة نكث الولايات المتحدة بالتزاماتها. ووفقاً لصحيفة «شرق»، فإن «المحادثات تشكّل، في الظروف الإقليمية والدولية الحسّاسة، فرصة فريدة لدراسة إمكانية بناء تعاملات جديدة، ورسم آفاق حديثة عن العلاقات بين البلدين». ومن جهته، اعتبر النائب السابق في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، في صحيفة «أرمان ملي»، أن «الخطوة الأولى التي خطاها الطرفان في سلطنة عمان، تمثّلت في التغلّب على الأجواء السلبية»، مضيفاً أن «ما يمكن فهمه، هو سيادة النظرة البراغماتية على هذه الجولة من المحادثات».

يزور عراقجي، موسكو، حيث سيناقش مع المسؤولين الروس ملفّ المحادثات النووية مع الأميركيين

أمّا صحيفة «كيهان»، فرأت أن «المسارات المؤدّية إلى محادثات يوم السبت في سلطنة عمان، لا ترسم أفقاً واضحاً للتوافق مع ترامب». وأضافت: «الطرف الأميركي لا ينوي تعديل سلوكه والتراجع عن مطالبه غير المنطقية. وبغضّ النظر عن الثقة بوزير الخارجية (الإيراني) المحترم، والتمثيل الذكي للفريق النووي المفاوِض، لكن استمرار نهج أميركا المناهض للدبلوماسية، هو الذي يحبط الآمال بالتوصّل إلى تفاهم واتفاق».

من ناحية أخرى، سلّطت صحيفة «إيران»، الضوء على «مخاوف» المسؤولين الإسرائيليين من التقدّم في المفاوضات، محذّرة من «المخطّطات الإسرائيلية» الرامية إلى إفشالها. ورأت أنه «مع الإعلان عن استمرار المحادثات بين إيران وأميركا، والحديث عن تحديد أطر الاتفاق، بلغت المخاوف ذروتها في تل أبيب. فإسرائيل التي تعتبر الدبلوماسية تهديداً لمشاريعها المعادية لإيران، قلقة من أن يتحوّل كابوسها إلى حقيقة».

وبدوره، أوضح المختصّ بالشأن الدولي، حسن بهشتي بور، في حوار مع صحيفة «فرهيختكان»، أن نموذج «الإجراء مقابل الإجراء» (خطوة مقابل خطوة) هو الأفضل في الحالة الإيرانية – الأميركية، إذ رأى أن «الآلية التي يمكن أن تكون مفيدة الآن، وفي ظلّ تجربة خطّة العمل الشاملة المشتركة، هي أن تتمثّل في الإجراء مقابل الإجراء، أي أن يتّفق الطرفان على أن يُطبّقا مثلاً إجراءً متزامناً. وإنْ حقّق ذلك نتيجة، ونُفّذت تلك الإجراءات بصورة صحيحة، فيذهبان إلى العمل بالإجراءات التالية».

من ناحية أخرى، لفت موقع «الدبلوماسية الإيرانية» الذي يديره صادق خرازي، السفير الإيراني السابق لدى فرنسا والذي يُعدّ من القريبين من مكتب المرشد الأعلى الإيراني، إلى أن «الصمود لا التراجع هو شرط النجاح أمام ترامب»، إذ يعتبر هذا الأخير «تقديم التنازلات، مؤشراً إلى ضعف الطرف الآخر، وفرصة لزيادة الضغط عليه للحصول على مزيد من التنازلات». لذا، فإن «أيّ تراجع من جانب إيران عن مبادئها في المحادثات، يرسل إشارة إلى ترامب بأن سياسته المتمثّلة في الضغوط القصوى، قد آتت أكلها. من هنا، فإن الإصرار على مبادئ الجمهورية الإسلامية، والصمود في وجه المطالب غير المنطقية لترامب، لا يندرجان في إطار الذود عن المصالح القومية للبلاد فحسب، بل يمكن أن يفضيا إلى إرساء اتفاقات أكثر ثباتاً، وتعاملات أكثر توازناً».