Beirut weather 12.41 ° C
تاريخ النشر April 8, 2017
A A A
روسيا ستردّ بضربات «تدحْرجية» على جبهات عدّة
الكاتب: ايليا ج مغناير - الراي

أثارت الضربات الأميركية على مطار الشعيرات السوري في حمص، أمس، ردة فعل عنيفة من روسيا التي تعتبر نفسها حاميةً للدولة السورية، وقررت إلغاء الاتفاق مع اميركا لمنْع سلاح الدفاع السوري من إطلاق صواريخ ارض – جو أو جو – جو ضدّ الطائرات الاميركية وطائرات التحالف الذي تقوده واشنطن في حربها ضد تنظيم داعش، وكذلك اعتبرت روسيا الضربة الاميركية «عدواناً» وأطلقت العنان لـ «تعزيز الدفاعات الجوية» وطلبت اجتماعاً طارئاً لمجلس الامن.

ويُعتبر موقف روسيا تصعيدياً بامتياز، وجاء ليعكس ازدياد الوضع سوءاً في «بلاد الشام» والحرب الدائرة فيها منذ 6 سنوات. فخطوة إلغاء الاتفاق مع اميركا بشأن التنسيق الجوي، يضع موسكو وواشنطن مقابل بعضهما البعض. ويستفيد من هذا التشنج «داعش» والتنظيمات المتشددة الأخرى، خصوصاً ان الحملة العسكرية الجارية في شمال شرق سورية تحتاج لغطاء جوي أميركي ليسمح بتفوق «قوات سورية الديموقراطية» (الأكراد وبعض عشائر المنطقة) على داعش حول مدينة الرقة.

واعتبرتْ روسيا الضربة الاميركية موجّهةً لها مباشرةً، لأنها هي التي تتولى جميع الخطوات العسكرية في سورية، وهي التي تقرر وقف إطلاق النار أو الاستمرار في المعارك وفق حساباتها التي تتعارض في بعض الأماكن مع حلفائها في دمشق وطهران. وهذا يعني – أمام حلفائها – انها لا تستطيع مجابهة السياسة الاميركية في المنطقة.

%d9%85%d8%b7%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b9%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d8%aa
مطار الشعيرات في حمص

وعلمت «الراي» أن روسيا «ستتخذ موقفاً أكثر تصعيداً على أرض المعركة، وستعزز قواتها العسكرية وتتخذ خطوات تدحْرجية لضرب المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات مثل»القاعدة«(جبهة تحرير الشام) وغيرها من المعارضة المسلّحة التي تعمل بإمرتها او بخطٍ متوازٍ معها، وتحديداً مناطق ادلب وضواحي حلب. وستشمل ايضاً مواقف أكثر عدائية ضدّ تركيا وحلفائها على الاراضي السورية فقط، من دون ان يكون لهذا اي تأثير جانبي على العلاقة الروسية – التركية بشكل عام».

وأعلنت دمشق انه من أصل 59 صاروخ «توماهوك» (يبلغ ثمن الصاروخ نحو مليون دولار)، وصل 23 فقط الى مطار الشعيرات وأصابتْ أربعة مواقع داخل المطار، وأهمها مستودعات النفظ التي اشتعلت لساعات الصباح الاولى، من دون ان تتضرر المدارج (الاساسي والاحتياط).

واستفاد داعش من الضربة الأميركية فحاول دفْع قواته في محيط تدمر وحقول النفط إلا ان الجيش السوري أحبط الهجوم.

وفيما قالتْ مراسلة «سي. ان. ان» كلاريسا وارد ان السوريين يطلقون على الرئيس الاميركي اسم «أبو ايفانكا الاميركي» (اسم ابنته ايفانكا)، إلا ان الضربة الاميركية تُعتبر خطوة جديدة في عمق التدخل الاميركي في الوحول السورية من دون ان تسجّل اي تغيير استراتيجي على مسار المعركة بشكل عام. فدونالد ترامب أراد ان يتميّز عن سلَفه باراك أوباما باستماعه الى الجنرالات المحيطين به. الا انه، على الرغم من إخطاره روسيا واسرائيل وتركيا وغيرهم بالضربة قبل حدوثها، رفع مستوى الأزمة بوجه روسيا المستعدّة للذهاب الى أبعد مستوى للحفاظ على مكانتها في الشرق الأوسط من النافذة السورية.

وفي السياق (وكالات)، أعلن الجيش الروسي أنه «سيعزز» الدفاعات الجوية السورية.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع إيغور كوناشنكوف «من أجل حماية البنى التحتية السورية الأكثر حساسية، سيتم اتخاذ سلسلة من التدابير بأسرع ما يمكن لتعزيز وتحسين فاعلية منظومة الدفاع الجوي للقوات المسلحة السورية». وأكد أن 23 صاروخا أميركيا فقط أصاب قاعدة الشعيرات، مشيراً إلى أن هذه الضربة تم التحضير لها «قبل وقت طويل من أحداث اليوم (أمس)». وأضاف «الإدارة الأميركية تبدلت، لكن طريقتها في شن الحرب لم تتغير منذ عمليات القصف في يوغوسلافيا والعراق وليبيا». كما أكد كوناشنكوف تعليق الاتفاق مع واشنطن الرامي إلى منع وقوع حوادث جوية بين طائرات البلدين فوق سورية، بعدما كانت وزارة الخارجية أعلنت ذلك في وقت سابق.

في غضون ذلك قال رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي وهو المجلس الأعلى للبرلمان فيكتور أوزيروف إن القاعدة الجوية الروسية في محافظة اللاذقية السورية والمنشأة البحرية في طرطوس محميتان بنظامي «إس-300» و«إس-400» للدفاع الجوي الصاروخي.

من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الضربة الأميركية هي «عدوان على دولة ذات سيادة»، محذرا من أنها تلحق «ضرراً هائلاً» بالعلاقات بين واشنطن وموسكو. وأفاد الكرملين أن بوتين اجتمع مع مجلس الأمن الروسي وبحثوا بقاء سلاح الجو الروسي في سورية، في أعقاب الضربات الصاروخية الأميركية. واضاف الكرملين في بيان «عبر الاجتماع عن القلق البالغ إزاء العواقب السلبية التي لا يمكن تجنبها على المعركة ضد الإرهاب العالمي جراء العمل العدواني».
بدوره، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الضربة الأميركية لقاعدة الشعيرات «عمل عدواني لا يستند إلى أساس حقيقي ويهدف إلى تقويض العملية السياسية وإطاحة الرئيس الأسد».
وقال في مؤتمر صحافي «إن ذلك عمل عدواني بذريعة وهمية تماما»، مضيفا ان «هذا الوضع يذكرنا بعام 2003 عندما تدخلت الولايات المتحدة وبريطانيا مع بعض حلفائهما في العراق». وطالب بالكشف عن حقيقة كيفية اتخاذ القرار بشأن قصف القاعدة الجوية السورية، مؤكدا أن موسكو ستبذل جهدها في هذا الاتجاه. وقال الوزير الروسي إن الضربة الأميركية تصب في مصلحة جهات تسعى إلى تقويض عمليتي أستانا وجنيف والتحول من التسوية السياسية في سورية إلى سيناريو عسكري من أجل الإطاحة بالأسد. وأعرب لافروف عن أمله في أن الضربة الأميركية لن تؤدي إلى «نقطة اللا عودة» في التعاون بين موسكو وواشنطن بشأن سورية.