مركز روسيا في الترتيب العام للميداليات الذي سيراوح بين الموقعين الرابع والخامس في دورة ريو دي جانيرو الأولمبية التي تختتم اليوم، فاق توقعات كثر ظنوا أن «العقاب الدولي» وتحجيم المشاركة من 387 رياضية ورياضياً إلى 271، سيُبقيان فتاتاً من الألقاب والانتصارات لهذه الدولة العظمى، خصوصاً بعد العمل بجزء من «تقرير ماكلارين» ومنع مشاركة فريق ألعاب القوى ومتبارين آخرين في ألعاب عدة استناداً إلى سجلهم التنشّطي.

وروسيا التي تدرك أن حضورها حتى في كامل ترسانتها لن يمكّنها من مجاراة الأميركيين والصينيين في المنافسة على الصدارة، علماً أن البريطانيين اخترقوا «سور الصين» محققين قفزة مفاجئة إلى المركز الثاني، تفاخر بما حققته معتبرة أنها كسرت الحصار الرياضي – السياسي الذي ظلم عدداً من نجومها. لكن وفق تعليق أحد المطلعين على ملفاتها الغامضة على صعيد المنشطات فإن «البادي أظلم».

في «ريو 2016» واجه الروس عواصف استهجان حضورهم وتباهوا بـ «وقاحة» خلال الاحتفالات بانتصاراتهم، وجابهوا الرفض ببرودة أعصاب متعالين على «كرامتهم وجراحهم النازفة» سعياً لئلا تهب العاصفة مرتين، لاسيما أنهم مسعّرو «جنونها» بمنهجية تنشط ظنوا أنهم سينجحون كالعادة في إخفائها عن «الرأي العام الرياضي الدولي».

نشرت البعثة الروسية في القرية الأولمبية علماً طوله عشرات الأمتار على حائط المبنى حيث أقامت. ويؤكّد مطلعون أن الجهات العليا في موسكو كانت واثقة من عدم قدرة اللجنة الأولمبية الدولية على المنع الشامل لرياضييها، لذا لجأت إلى خيار استقلالية الاتحادات الدولية في البت، والتي كان بعضها يعارض أساساً مبدأ العقاب العام لأسباب وأسباب، ومنها الإفادة من رعاية شخصيات ومؤسسات روسية وتمويلها. فمثلاً، فور قرار اللجنة الدولية في 24 تموز الماضي، سمح الاتحاد الدولي للمبارزة الذي يرأسه البليونير الروسي أليشير عثمانوف بمشاركة جميع المتبارين الروس المؤهلين.

وعلّق رئيس اللجنة الأولمبية الروسية ألكسندر زوكوف على مرور البعثة الروسية في طابور عرض افتتاح ألعاب ريو دي جانيرو، بأنها «الأنظف في الدورة». كما لفت إعلانه تسمية فيتالي سميرنوف (81 سنة) رئيساً للجنة المستقلة (مؤلفة من 26 شخصاً) التي ستعد مشروع إعادة تنظيم الرياضة الروسية بعد فضائح الفساد والمنشطات.

وكان سميرنوف نائب الوزير للشؤون الرياضية في عهد الأمين العام للاتحاد السوفياتي السابق ليونيد بريجنيف، شاهداً على حقبة الحرب الباردة على صعيد المنشطات، والتي يبدو أن مناهجها لم تتغيّر في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، الذي وعد بمعالجة جذرية.

في المقابل، هزأت صحيفة «سوفيتسكي سبورت» من الاتهامات بحق الرياضيين الروس والنظرة العدائية إلى بعض المشاركين في ريو دي جانيرو ممن أنهوا عقوبات المنشطات، كالسباحة لوليا أيفانوفا التي شاركت استناداً إلى حكم صادر عن محكمة التحكيم الرياضي (كاس) وحلت ثانية في سباق الـ 200 صدراً (كانت أوقفت بين العامين 2014 و 2016)، بتذكير المتبرّمين ومدّعي «النظافة» و»المثالية» أن الاتحاد الأميركي أوقف سباحه مايكل فيلبس، الفائز بـ 23 ميدالية ذهبية في 4 دورات أولمبية، مرتين لتدخينه الماريجوانا واحتسائه الخمر وقيادته سيارته ثملاً، وأن العداء جاستين غاثلين من أبرز «المرتكبين التائبين».

أحرزت روسيا أولى ذهبياتها في «ريو 2016» بواسطة لاعب الجودو بيسلان مودرانوف، وفاخرت بهذا الإنجاز في رياضة يعتبر الرئيس بوتين «ماستر سبورت» فيها (الدرجة الأعلى على صعيد المستوى الفني). لكن ربما انتقاماً أو خجلاً من استبعاد أبطالها في ألعاب القوى باستنثناء لاعبة الوثب الطويل داريا كليشينا المقيمة في الولايات المتحدة، بثّ التلفزيون الروسي الأحد الماضي مباشرة وقائع منافسة سيرغي كافنسكي على لقب مسابقة الرماية بالبندقية من 3 أوضاع، بدلاً من نهائي سباق جري الـ 100م الذي احتفظ به الجامايكي أوساين بولت.

وبين المدّ والجزرّ المتوقعين أن يستمرا بعد اختتام الألعاب، تعتبر المحصّلة الروسية جيدة في ألعاب عدة، لا بل أفضل مما تحقق في «لندن 2012». فمثلاً، اعتلى الرياضيون الروس منصة التتويج 8 مرات وبرزت في صفوفهم عليا مصطافينا التي احتفظت بلقب العارضتين غير المتوازيتين. وعدّت حصيلة السباحة (4 ميداليات) أفضل من لندن. وحصد لاعبو الجودو 3 ميداليات بينها ذهبيتان (5 ميداليات بينها ذهبيتان في لندن). واحتل المبارزون الروس المركز الأول في الترتيب العام محرزين 8 ميداليات بينها 4 ذهبيات، في مقابل 3 ميداليات لا تتضمن أية ذهبية قبل 4 أعوام.
***

الروسية ماريا فارشينوفا في الجولة الأخيرة لمسابقة الغولف. (رويترز)