Beirut weather 15.77 ° C
تاريخ النشر December 11, 2025
A A A
رفع سقف السحوبات الماليّة يتنافى والعمولات التي تتقاضاها المصارف
الكاتب: جوزف فرح - الديار

في أعقاب اصدار مصرف لبنان تعميميه بشأن رفع سقف السحوبات المالية الى الف و٥٠٠ دولار، برز العديد من الانتقادات والامتعاض بسبب عدم قدرة المودع سحب الزيادة المقررة نقدا، وإنما استعمالها في بطاقات الدفع، إلى جانب العمولات التي فرضتها المصارف عليه . ويقول كبير الاقتصاديين في “بنك بيبلوس” نسيب غبريل لـ “الديار” أن “القرار الجديد هو خطوة جيدة لكنها آنية ، بانتظار الحل النهائي لموضوع الودائع”.

اضاف “لقد اتى التعميمان ٧٤٦ و٧٤٧ في سياق الرفع التدريجي لسقف سحوبات الودائع بالعملات الأجنبية، ونحن نعلم أن مصرف لبنان بدأ برفع هذه السقوف مؤقتا ابتداء من شهر تشرين الأول في العام ٢٠٢٤، بسبب العدوان الاسرائيلي على لبنان، وقد ثبت لاحقا هذه الزيادة في العام ٢٠٢٥ لصالح المودعين المؤهلين للشروط المنصوصة في التعاميم الأصلية”. واشار الى “ان مصرف لبنان قام ايضا بتوسيع مروحة المستفيدين من السحوبات الشهرية، لتشمل الشركات الفردية والجمعيات غير الحكومية، وقد كان هذا مطلبا مزمنا للجمعيات، لذا تعد هذه الخطوة مهمة جدا، إذ لدى العديد من الجمعيات ودائع مصرفية مجمدة منذ اندلاع الأزمة ، وهي تنتظر سحبها دون ان تتحمل الخسائر”.

واكد “ان قرار مصرف لبنان هو بمحله ولو اتى متأخرا، إذ كان يفترض أن يتخذ هذا القرار في بداية الأزمة، اي منذ اصدار التعميم ١٥٨ في شهر حزيران من العام ٢٠٢١. أن خطوته اليوم هي خطوة مهمة إذ تسمح للجمعيات الخيرية والجمعيات التي لا تبغي الربح، أن تستفيد من هذه السحوبات دون تكبد اي خسائر او رسوم . لقد تم رفع السحوبات من ٨٠٠ الى ١٠٠٠ دولار شهريا وفق التعميم ١٥٨، ومن ٤٠٠ الى ٥٠٠ دولار وفق التعميم ١٦٦. أن هذه الزيادة هي في سياق رفع سقف السحوبات الشهرية بشكل تدريجي”.

وعما اذا كان هذا القرار هو في سياق ترحيل الحل الشامل لموضوع الودائع؟ اجاب: “كلا لا أعتقد ذلك، فكلنا يعلم أن آخر الأرقام في مصرف لبنان، تبين وجود ١١مليار و٩٠٠ مليون دولار كاحتياطي سائل بالعملات الأجنبية، ومعظمه اي ١١،٢٠٠ مليون دولار هو ودائع مصرفية اي ودائع الناس، والباقي هو ودائع للقطاع العام”. ولفت الى “إن هذه القيمة ١١،٢٠٠مليون ليست ملكا لمصرف لبنان او المصارف او الدولة، إنما هي للمودعين، وعلى مصرف لبنان أن يحول هذه المبالغ تدريجيا إلى الودائع المصرفية، لكي يستطيع المودعون الإستفادة منها”.

وعن الزيادة التي قررها مصرف لبنان وقضى باستعمالها عبر بطاقات الدفع فقط؟ رأى غبريل “أن النقطة اللافتة في زيادة ٢٠٠ دولار في التعميم ١٥٨ و١٠٠ دولار في التعميم ١٦٦، هي أن المودع يستعملها من خلال بطاقة الدفع في كل المحلات، والمراكز التي تستعمل أجهزة استقبال بطاقات الدفع. لكن بعض المودعين اشتكى من عدم قدرته على سحب المبلغ نقدا، لكن في الحقيقة أن المبالغ الأصلية اي ٨٠٠ دولار و٤٠٠ دولار، كان باستطاعة المودع استعمالها من خلال بطاقات الدفع داخل وخارج لبنان، لذا لم يتغير اي شيء حاليا ، إنما الفرق هو أنه لا يوجد خيار أمام المودع الا استعمال المبلغ عبر بطاقة الدفع”.

اضاف “انا اعتقد بأنه أمر جيد، لأنه يشجع على استخدام بطاقات الدفع في المعاملات التجارية، ويشجع المؤسسات على اقتناء آلات تستقبل هذه البطاقات. ونتكلم هنا عن الدفع بدولار فريش، والمفروض أن كل المؤسسات تمتلك ماكينات لاستقبال بطاقات الدفع في لبنان وخارجه. إذن هي خطوة جيدة ولو كانت متواضعة، نحو اعادة العجلة الاقتصاديه لكي تعمل من خلال المصارف التجارية المشرعة والشرعية والتي تخضع للرقابة، لأن الهدف بالنتيجة هو تقليص حجم الإقتصاد النقدي، وخصوصا حجم اقتصاد الظل، فتكون الدوره المالية وتمويل الإقتصاد من خلال المصارف التجارية المشرعة والشرعية، التي تخضع لرقابة مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف”.

وقال “كلنا يعلم ان مجموعة العمل المالي لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وضعت لبنان على اللائحة الرمادية في شهر تشرين الأول من العام ٢٠٢٤ وهو ما زال على هذه اللائحة، إذ ابقت المجموعة لبنان في آخر اجتماع لها في شهر تشرين الاول من العام ٢٠٢٥على اللائحة للمرة الثالثة. كما أن الاتحاد الأوروبي وضع اسم لبنان في شهر حزيران على لائحة البلدان المرتفعة المخاطر، بسبب نظام مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، والهدف الرئيس في كل ذلك هو تحديدا اقتصاد الظل، الذي يختلف عن الإقتصاد النقدي، فهو بالنتيجة المشكلة الرئيسية والسبب في وضع لبنان على اللائحة الرمادية ولائحة الاتحاد الأوروبي. ربما البعض منزعج حاليا من عدم قدرته على استعمال الزيادة المالية الأخيرة نقدا، إنما على العكس من الأفضل استخدام بطاقات الدفع، وان يعمم ذلك على كل المحلات والمؤسسات”.

وعما اذا كان هذا هو الحل المناسب، يجيب “كلا أنه ليس حلا نهائيا. إن هذه القرارات آنية بانتظار الحل النهائي، ونحن على الأقل بانتظار مضمون مشروع قانون تحديد مصير الودائع،او ما يسمونه مشروع قانون الفجوة المالية الذي ستتقدم به الحكومة، وقد وعدت بأنه سيكون جاهزا قبل نهاية العام. نحن بانتظار مضمونه ورفع سقف السحوبات، وهو يساعد في عمل الإقتصاد، إذ أن هذه المبالغ ستذهب لاستهلاك الأسر والأفراد، وهي تساعد في العجلة الاقتصاديه”.

 

وختم غبريل “بحسب أرقام مصرف لبنان تم سحب ٤ مليار و١٠٠ مليون دولار، وفق تعميم ١٥٨ وتعميم ١٦٦ حتى حزيران ٢٠٢٥. مبدئيا لقد تم ضخ معظم هذه الأموال المتراكمة في الإقتصاد، وقد ساهمت في الحركة الإقتصادية والاستهلاك، وتلبية بعض حاجات المودعين. أن الأزمة بالنتيجة هي أزمة سيولة، سببها أزمة ثقة وسوء استخدام السلطة السياسية، وسوء إدارة القطاع العام والمؤسسات العامة ذات الطابع التجاري. إذا الهدف هو تأمين السيولة الكافية، لكي يستطيع المودع التصرف بوديعته على الاقل في لبنان بدون سقوف محددة. هذا ما يجب أن يكون عليه الهدف، لكنني لا اريد استباق الأمور قبل رؤية مضمون مشروع قانون تحديد مصير الودائع.