Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر May 24, 2022
A A A
رفع الحدّ الأدنى للأجور خطوة سليمة.. ولكن!
الكاتب: باميلا كشكوريان السمراني - الديار

يرزح لبنان تحت وطأة الأزمة الإقتصادية المتواصلة، بالرغم من محاولات الإنقاذ الخجولة، إلّا أنّ دوّامة الانهيار تواصل توسيع قطرها.

فلبنان البلد المشلول بالكامل، ينزف مواطنوه وجع غلاء المعيشة وتدني قيمة الرواتب التي فقدت قيمتها الكاملة، بالرغم من تواتر الأفكار الإنقاذية وكثرة تواردها خلال فترة الاستحقاق النيابي، إلّا أنّ الواقع يجزم أنّه مقابل كلّ محاولة إنقاذ، ارتفاع في قيمة الدولار في السوق الموازية.

فبعد أكثر من عام ونيّف من المعاناة، وقّع رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون مرسوم رفع الحدّ الأدنى للأجورفنصّت بنوده على الآتي:

– «المادة الأولى: تضاف الى الحد الأدنى للأجور الشهري المحدد بموجب المرسوم 7426/ 2012 والى أساس الاجر الشهري الذي كان يتقاضاه الاجير بتاريخ 1/3/2022 زيادة غلاء معيشة قدرها:

1- بالنسبة للاجر الشهري الذي لا يتجاوز 4,000,000 ل. ل. (اربعة ملايين ليرة لبنانية): مليون وثلاثمائة وخمس وعشرون الف ليرة لبنانية.

2- بالنسبة للاجر الشهري الذي يتجاوز 4,000,000 ل. ل. (اربعة ملايين ليرة لبنانية): المبلغ الذي تحدده الاتفاقات والمفاوضات الجماعية وفقا لما هو محدد في اتفاقيات منظمة العمل الدولية المبرمة من لبنان، لا سيما اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن تحديد الحد الأدنى للأجور رقم 131 المبرمة بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 70 تاريخ 25/ 6/1977 .

– المادة الثانية: تضاف الى الحد الادنى الرسمي للأجور المحدد بموجب المرسوم رقم 7426 تاريخ 25/1/2012 والى أساس الاجر اليومي الذي كان يتقاضاه الاجير بتاريخ 1/3/2022 زيادة غلاء معيشة قدرها:

1- بالنسبة للاجر اليومي الذي لا يتجاوز 182,000 ل. ل. (مئة واثنان وثمانون الف ليرة لبنانية): 61,000 ل. ل. (واحد وستون الف ليرة لبنانية).

2- بالنسبة للاجر اليومي الذي يتجاوز 182,000 ل. ل. (مئة واثنان وثمانون الف ليرة لبنانية): المبلغ الذي تحدده الاتفاقات والمفاوضات الجماعية وفقا لما هو محدد في اتفاقيات منظمة العمل الدولية المبرمة من لبنان ولا سيما اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن تحديد الحد الأدنى للأجور رقم 131 المبرمة بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 70 تاريخ 25/ 6/1977.

– المادة الثالثة: تعتبر هذه الزيادات الممنوحة بموجب هذا المرسوم من الكسب الذي يتخذ أساسا لحساب اشتراكات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وفقا لما هو محدد في المادة 68 من قانون انشائه.

– المادة الرابعة: تطبق احكام هذا المرسوم على جميع أصحاب العمل والاجراء الخاضعين لاحكام قانون العمل الصادر بتاريخ 23/ 9/ 1946 .

المادة الخامسة: ينشر هذا المرسوم ويبلغ حيث تدعو الحاجة ويعمل به ابتداء من اول نيسان 2022».

تصبّ هذه الحركة الإصلاحية في خانة الإجراءات الموضعية بالنسبة للأجراء، رغم أنّها لا تفي بالغرض إلّا أنّها سعفة اجتماعية بالنسبة للعديد.

«الكحل أحلى من العمى» بهذه العبارة استهلّ هادي دردشته مع الديار. هادي موظّف في إحدى الشركات الخاصّة التي لم ترفع أجور موظّفيها قبل صدور المرسوم، ويقول: «بالطبع أنّ هذا المرسوم والزيادة على الرواتب التي ينصّ عليها لا يكفي، إنّما نستطيع القول اننا على السكة السليمة لجهة الإصلاحات، فنحن كموظّفين نعرف تماما أنّ سوق العمل بحالة شلل، والدولة أعلنت إفلاسها بطريقة غير رسمية، إنّما الفكرة من الزيادة على الرواتب جعلتنا نشعر أنّ الدّولة تفكّر بنا بقدر استطاعتها، على أمل أنّ تتحسّن الأحوال وتتبدّل ونحصل على زيادة أعلى».

في المقابل، يصف جوزف (46 عاماً) الزيادة بعبارة «ضحك على الدقون»، قائلاً: «أنا أستاذ لغة فرنسية في احدى المدارس الخاصّة، ووضع الأساتذة بشكل عام بات مشهوراً لشدّة الظلم الذي يلحق بهم، وبخاصّة أنّ العديد من المدارس لم تحسّن أحوال موظّفيها وبات القطاع في خطر».

ويضيف: «اليوم أُقرّت الزيادة على الحدّ الأدنى للأجور، ولكن هل من أحد لاحظ ما الذي يحصل في المشهد المقابل؟ ارتفع الدولار وبات يساوي 31،000 ليرة لبنانية، وارتفعت معه أسعار السلع الإستهلاكية كافة بدءاً من أسعار المحروقات حيث تجاوز سعر صفيحة البنزين 550،000 ليرة لبنانية، وارتفعت أسعار السلع الأساية وخاصّة الغذائية. إذاً بالخلاصة لم تؤثّر هذه الزيادة في الرواتب على تحسين الأوضاع المعيشية، بحيث أنّ القيمة الشرائية لا تزال نفسها لا بل انخفضت».

وتخوّف جوزف من سعر الكيلوات الذي ستحدده الوزارة بالنسبة لفواتير المولّدات الخاصّة لهذه الشهر.

 

الزيادة من وجهة نظر الاقتصاديين

لمناقشة واقع الزيادة على الحدّ الأدنى للأجور، كان لـ «الديار» اتصال مع الخبيرة الإقتصادية الدكتور لينا الراعي التي أوردت القراءة الإقتصادية التالية: «اقتصادياً، فلنتفق في البداية أنّ لبنان في حالة انهيار شاملة، وهو بحاجة لخطط انقاذية دقيقة تستغرق أعواماً لتنفيذها، فمن يعتقد أنّ الوضع يتحسّن «بكبسة زرّ» مُخطىء تماما، فيما أنّ الأزمة ليست وليدة شهور إنّما سنين، فكذلك الحلول سيستغرق تنفيذها سنين، هذا ان وُجدت.

وكلّنا يعلم أنّ زمام الأمور «فلت» من يديّ أولياء أمور البلد وبات الترقيع سيّد الموقف، إنّما لا يحلّ المشكلة. فبالنسبة لمرسوم الزيادة الأخير الذي وقّع عليه رئيس الجمهورية، لا شكّ في أنّه خطوة مطلوبة، إنّما المشكلة في المبلغ وليس بفعل إقرار القانون.

وهنا لا يسعنا تحميل أيّ مسؤولية للدولة، لأننا في الخانة الأولى نعرف أن نسبة الزيادة هي القيمة التي باستطاعة الدولة إعطائها، كما نعرف بالمقابل أنّه ليس المبلغ المرجو من أجل استعادة المواطنين كرامة عيشهم، وبخاصّة أنّ الدولار يتابع تحليقه مقابل الليرة اللبنانية، إذا وبالخلاصة كلّ «زودة» ستقرّ ستفقد قيمتها الشرائية»!

بين تكبيل يديّ الدولة وتكبيل جيوب المواطن فسحة أمل، في وطن لم يعد يحتمل الأزمات، فهل سينجح المجلس النيابي الجديد في تقديم مشاريع قوانين اقتصادية ومالية تنشل لبنان وأهله من قعر المآزق؟