Beirut weather 15.21 ° C
تاريخ النشر August 8, 2025
A A A
رغم الزخم السياحي… القطاع التجاري في بيروت يترنّح
الكاتب: عمر عبدالباقي - لبنان الكبير

رغم التحضيرات الكبيرة التي سبقت موسم الصيف، والآمال التي عُلّقت عليه لإنعاش القطاع التجاري في العاصمة، بدا المشهد مختلفًا تمامًا عمّا كان متوقّعًا. فالأسواق التي كانت تتأهب لعودة الزخم السياحي وافتتاح العشرات من المتاجر العالمية، اصطدمت بواقع اقتصادي وأمني وسياسي خانق أعاد التجّار إلى المربّع الأول.

وفي جولة خاصة لـ”لبنان الكبير” داخل أسواق بيروت، وتحديدًا في شارع مار الياس، تباينت الآراء بين تجار لا يزالون متمسّكين بالأمل، وآخرين يفكرون جديًّا بإقفال محالهم نهائيًا أو الانتقال إلى التجارة الإلكترونية.

خسائر بلا تعويض… وأمل هش

محمد فخر الدين، صاحب متجر للألبسة الرجالية في منطقة البربير، قال في حديث خاص:

“كنّا نأمل أن يعود الزبون اللبناني بكثافة، وفعلاً افتتحنا موسمنا بعروض وخصومات. لكن الأعياد مرّت كأنها يوم عادي: لا حركة، ولا بيع. كل شيء تأثّر بالوضع الأمني، خصوصًا بعد الضربة التي استهدفت الضاحية عشية العيد. الناس خافت وصارت تصرف بحذر”.

أما رولا الأسمر، صاحبة متجر لبيع الأحذية في شارع الحمرا، فأوضحت أن

“المبيعات تراجعت بنسبة 60% عن العام 2022، رغم زيادة عدد السيّاح. لكن المشكلة أن معظمهم يأتون من أوروبا أو أميركا، ولا يصرفون كما كان يفعل الخليجيون سابقًا”.

شهادات تعكس وجع السوق

هذه الشهادات لا تعكس واقع محال محدودة فحسب، بل تلخّص حال قطاع بكامله. ففي حديث إعلامي سابق، قال رئيس جمعية تجّار بيروت نقولا شماس:

“القطاع التجاري أصيب بخيبة أمل كبيرة هذا الصيف. كنا نأمل بانتعاش ولو جزئي، لكننا عدنا خطوات إلى الوراء. للأسف، في لبنان السياحة تنتعش لكن التجارة تخسر”.

وتابع شماس:

“القطاع التجاري محصور بالسوق الداخلية، بعكس السياحة التي يمكن تمويلها من الخارج. التاجر البيروتي لا يملك إلا سوقه، ومع كل ضربة سياسية أو أمنية أو حتى نفسية، يدفع الثمن أولًا”.

الشارع الاقتصادي يعاني… والمصارف في موقع المتفرّج؟

في حديث لـ”لبنان الكبير”، أشار فادي نعمان، وهو أحد المتعاملين مع المصارف لتوريد بضاعة من الخارج، إلى أن

“عدم الاستقرار النقدي وارتفاع كلفة النقل والطاقة، جعلا من الاستيراد مخاطرة، خصوصًا أن المصارف تفرض شروطًا تعجيزية على أي تحويل مالي، حتى لو كان بسيطًا”.

وأضاف: “لا أحد يساعدنا فعليًا. حتى التعميم 170 المتعلّق بتنظيم الكاش لم يمنحنا أفقًا واضحًا. الناس لا تصرف، والمصارف لا تُقرض، والدولة تتفرّج. فكيف سنكمل؟”

من جهته، يعتبر شماس أن السياسة المالية الحالية – ولا سيما تلك المتّخذة من قبل حاكم مصرف لبنان بالوكالة كريم سعيد – بدأت تُظهر بعض الإشارات الإيجابية، مشيرًا إلى أن

“التعميم 169 هو خطوة تحفظ ما تبقّى من سيولة المصارف”، لافتًا إلى أن
“لبنان يستطيع مفاجأة العالم إيجابًا إذا استعاد الثقة المالية والمؤسساتية”.

ويؤكد شماس أن الزخم يحتاج إلى قرار سياسي، وإلى رفع الحظر عن قدوم السعوديين والخليجيين. عندها فقط يمكن أن تنقلب الصورة. لبنان لن يموت، لكنه يحتاج إلى نفس سياسي جديد وحقيقي.

السيناريوهات القاتمة في الأفق

ورغم بعض بوادر الانتعاش السياحي، تبقى المخاوف السياسية والأمنية تهديدًا مباشرًا للاقتصاد. ويقول شماس:

“نعيش بين ثلاثة سيناريوهات، كل واحد منها أسوأ من الآخر: إما استنزاف طويل، أو فتنة داخلية، أو عودة الحرب. وإذا لم يتم التوافق السياسي، فإن القادم سيكون أخطر على الاقتصاد الوطني”.