Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر August 10, 2022
A A A
رغم ازماته لبنان مركز جذب وجاذبية .. ما سر ذلك وماذا يقول الخبراء الاقتصاديون؟
الكاتب: أوديت همدر - موقع المرده

رغم الازمات التي تغلغلت في كل القطاعات والتي اثرت بشكل كبير على المواطنين، من ازمة الكهرباء الى ازمة المياه والخبز والازمة الاقتصادية الحادة التي رفعت الاسعار بشكل جنوني الا ان ما يلفت الانتباه قدوم المغتربين والسواح بشكل كثيف الى لبنان لتمضية موسم الصيف فيه، وكأن البلد بألف خير.
هذا الاصرار على لبنان الذي يعاني منذ سنوات عديدة يدفع لطرح العديد من التساؤلات.
ما الذي يجعل لبنان مركز جذب لباقي البلدان رغم الاوضاع السيئة والرؤية السوداوية والتشاؤمية، ما الذي يجذب المغتربين والسواح لهذا البلد الصغير المليء بالتراكمات التي جعلته مأزوما بكل ما للكلمة من معنى؟ وهل لهذا الاقبال الكثيف تأثير على الاقتصاد اللبناني؟
يؤكد الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور نسيب غبريل في اتصال مع موقع المرده ان سبب مجيء المغتربين بهذه الارقام المرتفعة يكمل ما بدأ السنة المنصرمة، ففي ازمة كورونا كان هناك قيود على السفر وكان خطر كورونا كبير، اما اليوم فقد ازيلت هذه القيود في لبنان وخارجه، كما ان المغتربين لديهم رغبة بالمجيء الى لبنان، خصوصا الى منازلهم لتمضية الوقت مع اهلهم. ويتابع: ان مجيء المغتربين بكثافة هذه السنة يظهر ان لبنان ما زال رغم ازمته يشكل وجهة سياحية قادرة ان تنافس البلدان الاخرى.
ويضيف: لبنان لديه مقومات سياحية والبنية التحتية ما زالت موجودة رغم الازمة، ولا ننسى ايضاً طبيعته وجغرافيته، والمغترب يأتي الى لبنان ليس لانه لا يوجد امامه خيارات اخرى انما يعرف قيمة قضاء العطلة فيه.
ويلفت الى انه رغم كل الازمات هناك جاذبية يتمتع بها لبنان وبالتالي لا يجب ان ننظر للمغتربين فقط على انهم يحركون الاقتصاد من خلال انفاقهم وخصوصا ان لبنان بلد رخيص، طبعا الاقتصاد يستفيد ولكن هناك شيء اكبر من الشق المادي، فمجيء المغتربين يؤثر ايجاباً من ناحية اعادة لبنان الى الخارطة السياحية الاقليمية والدولية، اضافة الى النفقات السياحية في كل المجالات حيث ان الاقتصاد اللبناني ينتعش في هذه الفترة، الا ان دخول الاموال لا يجوز ان يكون بديلاً عن الاصلاحات ، هذا خطأ لا يجب ان نقع به، هذا امر ايجابي جداً ولكن لا يجب ان يشكل عذراً يؤدي الى تأجيل العملية الاصلاحية، فخارطة الطريق واضحة والهدف الاساسي هو استعادة الثقة من خلال الاصلاحات.
ورداً على سؤال حول التفاوت في سعر صرف الدولار يقول غبريل:
في ايلول ٢٠١٩ ظهر سوق مواز لسعر صرف الدولار وهو سوق غير شرعي وحاول مصرف لبنان من خلال انشاء منصة صيرفة الغاء الاعتماد على السوق الموازي ونجح بعض الشيء، مؤكداً انه لا يمكن ان نستمر بتعدد سعر الصرف، بل يجب توحيده وهذا من ضمن الشروط المسبقة مع صندوق النقد انما ان يكون التطبيق بحذر وان يأتي من بعد الاصلاحات الاخرى كي لا يؤذي الاقتصاد.
وعن الاسعار المرتفعة قال: لا يجوز ان تكون مرتفعة الى هذا الحد، هناك تفلت بالتسعير والمسؤوليات تتوزع بهذا الشأن.
وعن الوضع الاقتصادي الراهن يقول: الجميع يترقب مدى التزام السلطات اللبنانية ببنود الاتفاق الذي وقع مع صندوق النقد الدولي في ٧ نيسان ليوقع بشكل نهائي على قرض ٣ مليارات دولار للدولة اللبنانية، وهذا التوقيع سيكون له اهمية كبرى لانه ليس فقط توقيع على القرض انما ايضاً على البرنامج الاصلاحي الذي يعطي مصداقية لهذا البرنامج ويفتح الباب لمصادر اخرى لتمويل الدولة والاقتصاد اللبناني وايضا يؤدي الى عملية اعادة استعادة الثقة من خلال الاصلاحات التدريجية. ولكن اليوم بعد ٤ اشهر من توقيع الاتفاق لم نشهد الا اجراءات خجولة في حين كان يجب ان يكون هناك ورشة عمل للالتزام بهذه الشروط المسبقة ولاظهار مدى جدية لبنان للخروج من الازمة.
ويضيف : اما بالنسبة للمواطنين فان ٧٥ % منهم يعانون كما ان نسبة التضخم وصلت في حزيران الى ٢١٠% ، فرص العمل شحيحة وكلفة المعيشة مرتفعة والقدرة الشرائية تتراجع.
من جهته يؤكد الخبير المالي والاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي ان السبب الاساسي لمجيء المغتربين يعود لكون لبنان بلد رخيص جدا  بالنسبة لحامل الدولار لذلك هناك نوع من الاقبال عليه ولا يجب ان ننسى ان هناك الكثير من اللبنانيين الذين تركوا لبنان في الثلاث سنوات المنصرمة واليوم عادوا ليتفقدوا ارزاقهم واعمالهم.
وعن تأثير ذلك على الاقتصاد اللبناني يقول يشوعي: يبقى التأثير الزمني له محدوداً جداً.
ورداً على سؤال حول الوضع الاقتصادي الراهن يؤكد يشوعي ان الوضع سيء جداً، ولا حلول قبل انتخاب رئيس جمهورية جديد وبداية عهد جديد، ويرى ان لا مكان للامل بل سنشهد المزيد من التدهور في كل المجالات، ونحن امام وضع صعب جداً.
ويشير الى ان كل شيء وارد ان كان على صعيد ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل كبير وبالتالي ارتفاع جميع الاسعار بسبب غياب الدولة بحيث هناك انحلال شبه كامل للدولة اللبنانية.

الحقيقة مرة والاصعب ان لا حلول جدية للمشاكل الراهنة في ظل الانهيار والفوضى الشاملة ولكن رغم هذا الوضع السيء يبقى لبنان مركز جذب وجاذبية والمكان الذي ينتظر المغتربون والسواح الوقت المناسب لزيارته لتمضية الوقت مع الاهل والاقرباء والاصدقاء وتقاسم الحلو والمر معهم.