Beirut weather 17.43 ° C
تاريخ النشر January 15, 2018
A A A
“رعونة” مشروعة!
الكاتب: نبيل بومنصف - النهار

يسوغ النظام الانتخابي المركب في قانون الانتخاب الجديد “رعونة” التسرع في الإطلالة على هواجس ما بعد يوم 6 أيار 2018 الذي سيكون بحق يوما مصيريا في مسار لبنان ربما لأبعد من ولاية البرلمان الجديد. نعني بذلك انه تتساوى الآن هواجس الإطاحة بالانتخابات بفعل قاهر خارجي لا غير وصورة المشهد السياسي الداخلي الذي سينشأ عنها اذا سلمنا جدلا بانها حاصلة حتما.

والحال ان الاضطراب الشديد الذي نعتقد جازمين بانه يتملك الكثيرين حيال واقع شديد الغموض سينشأ عن الانتخابات مبرر للغاية في ظل حقيقة “تاريخية” اذا صح وصفها كذلك وهي انها المرة الاولى منذ فجر الطائف وسريان تعديلاته الدستورية لن يعرف اللبنانيون بشكل دقيق وجازم وقطعي سلفا طبيعة البرلمان الذي سينتخبونه وفق القانون الجديد على غرار ما كان يسبق كل دورة انتخابية في العقود الثلاثة السابقة.

ولعله من المفيد التذكير انه منذ الانتخابات النيابية الاولى في ظل الطائف عام 1992، بعد انقطاع دام عشرين عاما، حتى الانتخابات الاخيرة عام 2009 كانت “هوية” المجالس النيابية تعرف سلفا وقبل الانتخابات نظرا الى عاملين حاسمين: ميزان القوى الداخلي وظروف الانتخابات من جهة والنظام الإكثري في القانون المعتمد من جهة أخرى. بين 1992 و2005 كانت المجالس المتعاقبة صورة مستنسخة عن أكثرية تدين بالولاء للوصاية السورية الآسرة وأقلية بالكاد تقوى على إثبات حضورها الشكلي.

اما ما بين 2005 و2009 وما بعد التمديدات للمجلس الحالي فان أكثرية 14 آذار وأقلية 8 آذار طبعت مرحلة ما بعد نهاية الوصاية السورية بصرف النظر عن طبيعة السلطة التي حكمت في ظل أكثرية تمثيلية غالبا ما كانت تبدو أضعف بكثير من أقلية مستأسدة بميزان قوى مسلح. في المرحلة الانتخابية العتيدة التي يطل عليها اللبنانيون سيكون من الصعوبة الشاقة جدا الجزم مسبقا بطبيعة الأكثرية والأقلية وتوزع القوى وتاليا موازين القوى في مجلس تستنبطه للمرة الاولى تركيبة هجينة قوامها الصوت التفضيلي الطائفي والنظام النسبي معا.

خشية المتوجسين من رجحان كفة حزب الله مبررة حتما، لكننا لا نسلم مسبقا بأننا نقبل على تركيبة واضحة محسومة بل ربما يكون الاحتمال الاكثر رجحانا، اننا قد نفاجأ بمجلس بالكاد يحمل “هوية” واضحة وتوزيعا واضحا للقوى التمثيلية وميزان القوى حتى لو اقترب او نال حزب الله مع حلفائه النسبة الاقرب الى نصف المقاعد النيابية بما يوفر الاكثرية المبدئية لقوى 8 آذار.

هذا القانون الذي لا يزال حتى الآن يثير معارك بين واضعيه انفسهم سيكون حمال أوجه وحمال مفاجآت الى درجة غير متصورة. وأسوأ الحاصل الآن ان الندم المتصاعد من مداخن معارك اهل السلطة حوله من شأنه ان يفاقم التوجس حول اليوم التالي للانتخابات. فلا نستعجلن الخوف الزائد قبل الاوان!