Beirut weather 13.41 ° C
تاريخ النشر June 7, 2022
A A A
رسالة الجيش إلى “تجار الموت”: لا أحد فوق رأسه خيمة
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

لم تكن عملية الجيش ومداهماته في حيّ الشراونة ومناطق أخرى في بعلبك – الهرمل “نزهة عسكرية” في بيئة يعيش فيها المئات من كبار المطلوبين للعدالة، من مصنّعي الكبتاغون والمخدرات على انواعها ومروّجيها، ومن اصحاب السوابق في عمليات السرقة والسلب والتشبيح على مستويات عالية. وهؤلاء ينشطون في ممارسة “حرب السموم” التي تهدد الامن الاجتماعي المتهالك اصلاً في البقاع وبقية المناطق. ولا ينشط هؤلاء ضمن حدود البلد فحسب، بل امتد نشاطهم واعمالهم الى الخارج، الامر الذي تسبب بأكثر من ازمة ديبلوماسية مع بلدان الخليج وادخال هذا الامر في خضم الخلافات السياسية حيال اكثر من ملف في الاقليم. لم ينهِ الجيش بعد مهمته في الشراونة واكثر من بلدة في البقاع الشمالي، وهو ينطلق من مسلّمة بأنه لا يستهدف ابناء أي عشيرة او بلدة حيث لا يمثلها علي منذر زعيتر الملقب “ابو سلة” وكل من يتعاون معه من المطلوبين، وان هؤلاء في النهاية لا يمثلون عائلاتهم التي يتوزع الكثير من افرادها على الجيش والاجهزة العسكرية الاخرى، وهم يستحقون كل الحماية والتقدير، وينتظرون بدورهم “تخليصهم” من هذه المجموعات التي تجلب الاساءات اليهم والى أبناء البقاع.

وقامت وحدات من الجيش، ولا سيما المغاوير، بتنفيذ “أهداف محددة” بعد اتساع عمل المطلوبين الكبار وفي مقدمهم الملقب “أبو سلة” الذي هرب من الشراونة بفعل مساعدة تلقاها من “زملاء” له في المهنة. ويعدّ الاخير بين اول خمسة من كبار المساهمين في الاتجار ويملكون شبكة من العلاقات الواسعة في البقاع ومناطق لبنانية اخرى بعدما تحوّل عمله الى ما يشبه شركة تملك فروعاً في المناطق وتنشط بواسطة مجموعات من “المندوبين”. ولا تخفي المصادر هنا عتبها على وجوه سياسية وشعبية تبدي تعاطفها مع مطلوبين من هذا النوع، ولا تتوقف عند المشهدية السلبية التي يجري تقديمها عن هذه المنطقة.

واذا كان من حق هؤلاء الدفاع عن عشائرهم، فمن أدنى واجباتهم ان لا يدافعوا عن تجار موت وقتلة ولصوص يسرحون ويمرحون في قلب البقاع من دون حسيب او رقيب. في المقابل، تُجمع قيادتا “حزب الله” وحركة “أمل” على مسألة انهما لا توفران التغطية لأي مطلوب او مرتكب، وخصوصاً ان المواد السامة التي ينشطون في الاتجار بها لا تميز بين لبناني وآخر وهي تستهدف الجميع، وان “الثنائي” في نهاية المطاف لا يحمي أياً من هؤلاء المطلوبين. ولا يحتاج الجيش للحصول على إذن لملاحقتهم ومحاسبتهم في عقر ديارهم، مع التوقف بالطبع عند اسرهم وان تؤخذ في الاعتبار مسألة عدم تكبيدها أي خسائر او اضرار او تحميلها وزر ما ترتكبه هذه المجموعة التي يقودها “أبو سلة” وسواه. وثمة من شاهد على الارض إقدام البعض على التعاطف مع هؤلاء والتغاضي عن جرحى الجيش وشهيده زين العابدين شمص، فضلاً عن تناسي فصول ما تمارسه رؤوس هذه العصابات في قلب البقاع.

وفي المناسبة، فان الرؤوس الكبيرة من المطلوبين يتنقلون في سيارات مصفحة بمرافقة مسلحين على غرار كبار تجار المخدرات في كولومبيا. ولا يقبل هؤلاء المسّ بـ”امبراطوريتهم” التي تقوم على جمع المال الحرام ولو كان ضحاياهم من طلاب الجامعات ونشرهم هذه الموبقات، وينفذون أعمالهم هذه من خلال شبكات عصاباتهم المنتشرة في المناطق والتي تتصيّد الشباب وهم في مقتبل العمر، لأن هذه الفئة تشكل الحلقة الاضعف وغير القادرة على جبه هذا النوع من اغراءات حشيشة الكيف وشقيقاتها من المخدرات.

وبالعودة الى عملية الجيش، تقول المصادر إن لا صحة لقيام الجيش بالاعتداء على عائلات هذه المجموعة من المطلوبين وكبار رؤوسهم الذين نجحوا في الحصول على “عطف” شعبي من خلال تقديمهم الى الأسر في بيئاتهم مساعدات مالية وغذائية مع استغلالهم الاوضاع الاجتماعية والمعيشية لهؤلاء وخصوصا ًفي السنوات الاخيرة. وبعدما أنجز المغاوير المهمات المطلوبة منهم تُرك الامر للوحدات العملانية في البقاع حيث يتم العمل تحت عنوان ان “لا أحد فوق رأسه خيمة” حيال “أبو سلة” وسواه، والذي تتعاون معه “نخبة” من الناشطين في هذا الحقل حيث يديرون أعمالهم من بيوتهم ومقارهم في اكثر من منطقة. وتبين للاجهزة العسكرية ان هؤلاء يديرون شبكات لتصنيع حبوب الكبتاغون في غرف صغيرة في المنازل تمهيدا لتوزيعها وتصديرها بعد احضارهم التجهيزات والمواد الكيميائية المطلوبة مستعينين بسوريين من الخبراء في هذا المجال .

وتنسى الأم التي تصدت لعناصر الجيش في الشراونة وغيرها، ان مواطنة في سنّها تتألم على مدار الساعة وهي تشاهد ابنها يتعذب ويموت على سريره امام عينيها. ويتناسى من يدافع عن هؤلاء المطلوبين الذين لا يمثلون عائلاتهم – التي لم تبخل في التطوع في الجيش ومقاومة الاحتلال الاسرائيلي- انهم كانوا وراء شبكات لا تزال تنشط على ابواب الجامعات والثانويات وهم يوزعون هذه السموم من تشكيلة المخدرات. وكان من الملاحظ انه عند كشف عملية الجيش في الشراونة وسقوط شهيد وعدد من الجرحى في صفوفه، استنفار كبار تجار هذه الممنوعات حيث اقفلوا دكاكينهم في البقاع ومناطق اخرى، وعمدوا الى الهرب والابتعاد عن هذه المشهدية القاتلة.

يبقى ان كل شخص في أي موقع كان اذا وفر الحماية لتجار المخدرات ومروّجيها وأبدى اي تعاطف معهم، فهو قاتل وبرتبة مجرم.