Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر July 7, 2016
A A A
رسائل داعشيّة…
الكاتب: ثريا عاصي - الديار

الأحد 3 تموز 2016 الساعة الواحدة صباحاً، وقع إنفجار كبير في بغداد، حي الكرادة. تفيد  أخبار بأن العملية نفذت بواسطة مركبة معبأة بكمية كبيرة من المتفجرات، في حي غالبـية أهلـه من العراقيين «الشيعة». تتكرر الأعمال الإرهابية في بغداد بواسطة السيارات الملغمة، إلى حد أننا نسمع أحيـانـاً عن وقـوع عـدد منـها في يوم واحـد. فتحـسب أن الأجـهزة الأمنية نائمة أو أنـها لا تستخـلص العـبرة بـعد كل إنفـجار ولا تتـخذ الإجراءات المناسبة لمنع معاودته. ولكن خبرتي لا تؤهلني للبحث في هذه المسألة.

فما أنا بصدده في الواقع هو محاولة قراءة ما يجري في العراق على ضوء أحداث كمثل الإنفجار الأخير في بغداد. اللافت للنظر أن هذا الأخير يتزامن مع أنباء عن تفجير رجل بحزام ناسف  في السعودية قرب الحرم النبوي، بالإضافة إلى إشاعات لم تثبت صحتها، عن رجل آخر تفجر بقرب مسجد في القطيف، في المنطقة الشرقية حيث تسكن أكثرية من «الشيعة». تواردت أنباء عن انفجار في مدينة جدة أيضاً.

يبدو أن إنفجار بغداد تسبب بدمار على نطاق واسع، نتج عنه عدد كبير من القتلى والجرحى. إعتبرهم الذين دبروا هذا الإنفجار أعداءً. من المحتمل أن يخرج أناس يزعمون، أو كتّاباً في صحافة الدول الخليجية، يبررون مجزرة بغداد، بمجازر مماثلة بحسب زعمها وقعت في الفلوجة أثناء إخراج داعش منها. من المحتمل أيضاً أن يقول قائل أن العراق ليس مستهدفا وحده وإنما جميع المسلمين سواء رجال الأمن السعوديين الذين يحرسون الحرم النبوي والمصلين «الشيعة» في مسجد في القطيف. إنها «داعش» ضد السعودية والعراق! إذن لا دخل للسعوديين في ظهور «داعش»!

لماذا تكون عائلة عراقية تسكن في حي الكرادة مسؤولة عما حدث في الفلوجة أو بالأحرى  مفترض انه حدث؟ ان الذين قتلوا أفراد هذه العائلة هم جماعة يتصرفون بوحي ذهنية غريبة، غير مقبولة. ولكننا لا نعرف الفاعلين. هل أن مرد كل ما يحدث في العراق إلى المنازعة الشيعية ـ السنية؟ لماذا تحوّل العراقيون، من عراقيين وطنيين، كان في العراق منذ أربعينيات القرن الماضي أكبر الأحزاب الشيوعية العربية، إلى أتباع هذه الطائفة أو المذهب الديني أو ذاك. هل يحتاج الخالق لأن نقتل من أجله في سنة 2016؟ هل النيران التي تلتهم أجسام أبنائنا «جهاد في سبيل  الله»؟!

لا شك في انه يوجد قتلة يقتلون باسم «الشيعة» وآخرون باسم «السنة»، ولكني أعتقد أيضاً أن هناك من يقتلون باسم هؤلاء وأولئك وليسوا «سنة» أو «شيعة». أغلب الظن أن العراقيين وقعوا في نفس  المصيدة التي وقع فيها السيد صدام حسين. الذي يروى أنه كتب على العلم العراقي «الله أكبر» عندما وقعت القطيعة بينه وبين الولايات المتحدة الأميركية ثم أمسك بالقرآن ليحتمي به من خطر هذه الأخيرة عليه شخصياً حتى لحظة إعدامه المأساوية.

مجمل القول أن «داعش»، الفلوجة، متفجرات بغداد، تضمنت رسائل إلى العراقيين. آن الوقت لأن يقرأوها جيداً. العراقي يكون عراقياً أو لا يكون. الذين يريدون أن يحاربوا بما هم «شيعة» أو بما هم «سنة» فليفعلوا ذلك. ليست تهدئتهم بمقدور عليها، ربما لأنهم يجنون فائدة من هذه الحرب. أو انهم يتوهمون أن الفائدة ستكون أكبر لو قسمت البلاد بين «الشيعة» و«السنة». دولة دينية شيعية إلى جانب  دولة دينية سنية، تناسقاً مع دولة يهودية. لا جدوى من التصدي. ليس منطقياً، وليس ممكناً، الإنتصار في هذه المنازعة الخبيثة. إن الذين يقتلون العراقيين في نومهم ليسوا عراقيين! مثلما أن السوري الذي انضوى في جيش أميركي، تركي، سعودي، ورفع  راية  «هذا الصحابي أو ذاك» ليس سورياً.
لا يستطيع العراقيون والسوريون أن يتحرروا من قيود الولايات المتحدة الأميركية، ما لم يكونوا متحدين وما لم يبلغوا درجة من الوعي فيتنبهوا إلى الخطر الذي تمثله الولايات المتحدة الأميركية ليس فقط على ثرواتهم الطبيعية وعلى أرضهم، وإنما على وجودهم أيضاً. لا أجازف في القول انهم لا يدركون هذا الخطر فضلاً عن انهم فرق متنابذة!

أنا على يقين من ان كل فريق من أفرقاء الصراع الداخلي في بلادنا يعتبر أن عدوه الوحيد هو الخصم الداخلي، وأن هذه العداوة الداخلية تبرر بحسب الذهنية القبلية والعصبية، الإستقواء بقوى خارجية، أن يضع يده بيد أميركا». فما يهم هو الإنتصار على العدو الداخلي. الغاية تبرر الواسطة.

ينجم عنه أن لا حل سياسياً مع الذين يعاونون اليوم الولايات المتحدة الأميركية وكلاب حراستها الإقليميين والأوروبيين إلا الإنفصال عنهم، حتى يتحد الوطنيون وينظموا صفوفهم استعداداً لمعركة الدفاع عن الوجود، وللمحافظة على وطنهم وعلى دولتهم الوطنية حيث هم. بدءاً بمنع الجهلاء والرعاع الذين يؤجرون أنفسهم «للشيطان»، من أن يتسلطوا ويذبحوا الذكور ويتوزعوا النساء سبايا.