Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر September 3, 2018
A A A
رحيل روبير سليمان فرنجيه الصلب والكريم والأجرأ
الكاتب: نبيل براكس - النهار

روبير سليمان فرنجيه يوارى الثرى اليوم الإثنين ومعه سرّ كبير حول اعتزاله السياسة، لا بل اعتزاله الأضواء السياسيّة.

بعض القريبين منه وهم قلائل، يعرفون لماذا ترك السياسة وابتعد على الرغم من أنّه بقي يعمل ويُتابع الأعمال الاجتماعيّة.

الفقيد روبير بك فرنجيه، كما ينادونه هو الإبن الأصغر للرئيس سليمان فرنجيه بين الصبيان والبنات وهو الابن المدلّل في العائلة. 69 عاماً عاش بين نشوة الرئاسة الأولى وغصّة العائلة باستشهاد أخيه طوني. شهر حزيران كان مُحبّباً له ثم انقلب إلى شهر حزين. ففي 14 حزيران 1949 ولد، وفي 13 حزيران 1978 استشهد أخوه.

كثُر من الزملاء والمحُبّبين كتبوا عن شخصيّة روبير فرنجيه الذي كان السند لوالده الرئيس الراحل سليمان فرنجيه والذي تسلّم قيادة المردة بكل قوّة ورجولة، وسلّمها إلى ابن أخيه رئيس “تيّار المردة” الوزير والنائب السابق سليمان فرنجيه الذي يُتابع حمل المشعل.

وبير فرنجيه، كثيرون تعرّفوا إليه ولكن جيل اليوم لا يعرف الاّ أنه ابن الرئيس الراحل سليمان فرنجيه. المحيطون به قالوا لم يعتزل السياسة، بل ابتعد عن الأضواء السياسيّة، علماً انه كان يساهم في موضوع الانتخابات النيابيّة.

كان الجميع يستشيرون هذا الرجل العصامي القبضاي. من يراه لم يعرف أنه كان صلباً وقاسياً جدّاً. كانوا يستغربون أنّ الذي تربّى في بيت “أكثريّته بنات” وكان يطيل شعره… هو روبير فرنجيه.

رجل صلب كريم مثقّف. المحيطون به يقولون لا نبالغ إذا قلنا أنّه من أهمّ المثقّفين، وهو كان يقرأ كل يوم كتاباً. وإذا سأله أحد من الأصدقاء عمّا يريده خلال سفره كان الجواب كتاباً.

كان يقرأ الكتب العربيّة والأجنبيّة. يقرأ مذكرات الرؤساء العرب “إذا كتبوا” والرؤساء الأجانب، ومذكرات وزراء الخارجيّة مثل كيسينجر وغيرها، وكتباً للمسؤولين في الجامعة العربيّة.

رافق والده الرئيس سليمان فرنجيه إلى جميع مؤتمرات الحوار الوطني في جنيف ولوزان وكل المؤتمرات التي تتعلّق بالحوارات الوطنيّة. كان يناقش أعضاء اللجنة العربيّة الرباعيّة. قال عنه سعود الفيصل أنّه “من الشخصيّات اللبنانيّة المؤثّرة في قرارنا”.

كانت له مواقف مُهمّة ضد اتفاق 17 أيار، وقد أقنع المتحاورين بصواب موقفه. كان ضد الصراعات الداخليّة ولم يشأ جرّ أبناء منطقته إلى صراع داخلي مع أي طرف لا سيّما مع المسيحيّين، ورفض فتح أي جبهة ليتقاتل الأخوة مع بعضهم البعض.

الذين تابعوا أعماله في الماضي ونشاطاته الاجتماعيّة، تأكّدوا أن هذا الشخص عمل “حالة” مُهمّة في منطقته لمساعدة الأهالي. على سبيل المثال، طلب من أغنياء منطقته المساهمة في إنشاء تعاونية وأفران ومختبرات لسد حاجات الناس.

كان يستورد الأدوية مع معاونيه من سوريا، أيّام الحرب، لإعطائها الى الأهالي بأرخص الأسعار، وافتتح مستوصفاً أصبح في ما بعد مستشفى.

كان شخصيّة فريدة يصبّ اهتماماته في الإنماء. كان يُفكّر بأبناء منطقته ومن أجل مساعدتهم كان يتّصل مع الأخصام، وهو الذي اتّصل برئيس الجمهوريّة آنذاك الرئيس أمين الجميّل طالباً منه فتح طريق الكورة – زغرتا ليتمكّن أبناء المنطقة المرور عليها بعدما كان مُتعذّراً المرور في طرابلس. لم يكن ضد أبناء طرابلس لكن هذه الطريق كان يُسيطر عليها الفلسطينيّون. في أحد الأيّام سُئل هل تمّ إنشاء المردة ضد الإسلام، انتفض وأجاب: “لا، بالطبع لا. إن المردة تمّ تأسيسها أيّام الأب يوسف يمّين وكان اسمها “جيش التحرير الزغرتاوي”، وهذا الجيش هو ضد الفلسطينيّين آنذاك”.

في أحد الأيّام كتب طلال سلمان في افتتاحية جريدة “السفير” مقالاً عن زغرتا قال فيه “لقد بقيت في زغرتا أيّاماً عدّة ولم أرَ منطقة مسالمة مثلها وقد اسميت زغرتا “القارة الزغرتاوي”، والذي يزور زغرتا لا يعرف أنّ في هذه المنطقة حرباً أو طائفيّة. إحدى السيّدات تقول عن روبير فرنجيه إن هذا الشخص جريء وقد سمعت أحد الرؤساء في قصر زغرتا عندما كان يزور والده الرئيس سليمان فرنجيه أن نجله روبير جريء، وأن جرأته كانت تصل إلى حد الوقاحة لأنّه يُجادل ويفرض موقفه الذي يعتبره من شعار والده “وطني دائماً على حق”.

روبير فرنجيه واجه في الآونة الأخيرة مرضاً أقعده الفراش، طاول الجهاز العصبي وأثر على وظيفة العضلات، كما قال لي طبيبه الخاص.

روبير فرنجيه مات في قصره في إهدن. مات وهو يردّد الله يحمي لبنان. رحمه الله.