Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر July 8, 2016
A A A
ربع المراهقين في بيروت يعانون اضطراباً نفسياً
الكاتب: ملاك مكي - السفير

يسجل انتشار الاضطرابات النفسية والسلوكية عند المراهقين في لبنان معدلاً أعلى من البلدان العربية. إذ تعاني نسبة 26.1 في المئة من المراهقين (أي معدل واحد على أربعة)، في محافظة بيروت، من أحد الاضطرابات النفسية أو السلوكية. في المقابل، يفتقر المراهقون الحصول على خدمات الرعاية الطبية اللازمة إذ لا تحصل سوى نسبة 6 في المئة من المصابين على العلاج المتخصّص.

تعود هذه المعطيات الى دراسة في شأن انتشار الاضطرابات النفسية والسلوكية عند المراهقين في لبنان وبالتحديد في محافظة بيروت ونشرت في 31 أيار الماضي في المنشورة العلمية «Social psychiatry and psychiatric epidemiology». شملت الدراسة، وفق المشاركة فيها الباحثة في كلية العلوم الصحية في «الجامعة الأميركية في بيروت» الدكتورة ليليان غندور، 510 مراهقين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً. وارتكزت على إجراء مقابلات وتعبئة استمارات مع المراهقين والأهالي، وتعتبر العينة تمثيلية لمحافظة بيروت.

تشير النتائج إلى أن نسبة 14 في المئة من العينة تعاني اضطراباً نفسياً او سلوكياً واحداً، بينما تسجل نسبة 8 في المئة اضطرابين، ونسبة 3 في المئة من ثلاثة اضطرابات ونسبة 0.8 في المئة أربعة اضطرابات أو أكثر. تنتشر الاضطرابات النفسية والسلوكية بمعدل 6.7 في المئة (اضطرابات في المزاج)، 13.1 في المئة (قلق)، 10.2 في المئة (نقص في الانتباه وإفراط في الحركة)، و4.7 في المئة (اضطراب في السلوك).

تعتبر تلك المعدلات، وفق الباحث الرئيس والمتخصّص في الاضطرابات النفسية والسلوكية عند الأطفال والمراهقين الدكتور فادي معلوف، مرتفعة مقارنة مع الدول العربية. فيصنّف لبنان في شأن انتشار القلق عند المراهقين بين الدول التي تعيش بسلام من دون أزمات مثل الإمارات (نسبة انتشار القلق عند عينة من المراهقين 1.6 في المئة)، وعُمان (5.6 في المئة) وقطاع غزة (21.5 في المئة).

ربع المراهقين في بيروت يعانون اضطراباً نفسياً

من جهة أخرى، يرتبط انتشار الاضطرابات النفسية والسلوكية عند المراهقين، وفق غندور، بعوامل عدة. يتعرّض المراهقون الذين لديهم أهل منفصلون، أو مطلقون، أو متوفون لمعدل ثلاث مرات من الاضطراب النفسي أو السلوكي أكثر من المراهقين الذين يعيشون وسط عائلة طبيعية بسبب نقص العاطفة والحنان وقلة ثقة بالنفس.

وتزيد العوامل الجينية والوراثية من خطر الانتشار إذ يتعرّض المراهقون الذين لديهم تاريخ عائلي بالاضطرابات النفسية لمرتين أكثر من غيرهم. وترتبط الإصابة بمشاكل صحية بظهور اضطرابات نفسية ومنها الاكتئاب والتوتر والقلق. يشرح معلوف أن التنمر عند المراهقين يمكن أن يشكل سبباً لظهور الاضطرابات النفسية والسلوكية أو نتيجة لها. وتلحظ الدراسة أن الإناث هنّ أكثر عرضة للإصابة باضطرابات في المزاج بينما الذكور هم أكثر عرضة لاضطرابات في السلوك نسبة الى اختلاف التركيبة البيولوجية عند المراهقين بين الجنسين.

ولم تتلقّ سوى نسبة 6 في المئة من المصابين العناية الطبية اللازمة، بينما اعتبرت نسبة 37.6 في المئة من أهالي المصابين أن أبناءهم بحاجة إلى علاج طبي أو نفسي، ما يبيّن وجود نقص في توفير العلاج للأشخاص المصابين باضطرابات نفسية أو سلوكية. يُعيد معلوف النقص في تأمين العلاج إلى العدد الضئيل للأطباء النفسيين في لبنان (75 طبيباً بمعدل طبيبين لكل مئة ألف نسمة) وخصوصاً الأطباء النفسيين المتخصصين عند الأطفال والمراهقين، إلى النقص في الخبرات والكفاءات العلمية، والى عدم تغطية شركات التأمين لكلفة العلاج النفسي.

توصي الدراسة بضرورة فهم النقص في تأمين العلاج للمصابين باضطرابات نفسية أو سلوكية، وبتحديد الحواجز المادية والمعنوية التي تحدّ من الحصول على العلاج النفسي للأشخاص الذين يحتاجونه، وبدراسة مسألة التنمر في المدارس وآثارها السلبية على الأفراد، وبتعزيز الوعي في شأن تشخيص الاضطرابات النفسية والسلوكية عند المراهقين الذين يعانون مشاكل صحية.