Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 14, 2016
A A A
رئيس مـجلس الشيوخ أولاً ثم رئيس الجمهورية ثانياً في 5 أيلول!
الكاتب: الأفكار

المشهد كان أشبه باجتماعات القمة العربية أي كلمات كلمات كما يقول وليم شكسبير في مسرحية هاملت. ولم تنفرد طاولة الحوار بخصوصية تجعل من انعقادها حدثاً تاريخياً مثل اتفاق الطائف خريف 1989، واتفاق الدوحة ربيع 2008. كل رئيس كتلة كان وراءه من ينوب عنه إذا حكمت الظروف بغيابه. الرئيس تمام سلام كان وراءه في الجلسة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، والرئيس نبيه بري كان وراءه وزير المال علي حسن خليل، والرئيس نجيب ميقاتي وراءه النائب أحمد كرامي، ووليد جنبلاط وراءه النائب غازي العريضي، ورئيس الكتائب سامي الجميل وراءه ايلي ماروني، والأمير طلال ارسلان وراءه الوزير السابق مروان خير الدين، وسليمان فرنجية وراءه يوسف سعادة، وكان وراء جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر النائب حكمت ديب، بينما جلس النائب الدكتور عاطف مجدلاني وراء الرئيس فؤاد السنيورة.

كل جلساء الطاولة في مقر عين التينة كانوا يعلمون بأن رئاسة الجمهورية لم تحن ساعتها، ولذلك فلا بأس من تغييبها مؤقتاً بأجنحة قضايا أخرى مثل مجلس الشيوخ، وقانون الانتخاب. وموضوع مجلس الشيوخ يعود بالزمن الى محادثات مؤتمر الطائف برئاسة الرئيس حسين الحسيني وحضور الرئيس صائب سلام، ونواب بارزين مثل ادمون رزق، وعبد اللطيف الزين، وميشال معلولي، والشيخ توفيق عساف نائب عاليه الذي كان الدرزي الوحيد في المؤتمر، وينادي عليه بعض زملائه النواب بلقب: سيادة رئيس مجلس الشيوخ، باعتبار أن الاتفاق جرى على أساس أن يكون رئيس مجلس الشيوخ درزياً، مقابل نيابة رئاسة مجلس النواب، ونيابة رئاسة مجلس الوزراء لأرثوذكسي، وبذلك تكتمل أغصان شجرة الطائفية.

لقد بحث نواب مؤتمر الطائف في مشروع مجلس الشيوخ من حيث المبدأ ولم يغوصوا في التفاصيل، أي في كيفية بناء مجلس الشيوخ، وماهية صلاحياته، وهل هي الصلاحيات المعطاة لمجلس الشيوخ الفرنسي أو مجلس الشيوخ الأميركي كوقف أي قرار يتخذه مجلس النواب إذا كان يحمل أية مخالفة، أو يعاني أي نقص في الواجبات؟

ومجلس الشيوخ اللبناني يختلف عن غيره من مجالس شيوخ العالم، بمعنى انه ذو تركيبة طائفية، أي مجلس الطوائف اللبنانية، على غرار القانون الارثوذكسي الذي يجعل كل طائفة تنتخب نوابها، ويلقى التأييد من أقطاب ارثوذكس مثل نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي.

وتطبيق مجلس الشيوخ اللبناني يلغي المفاصل الطائفية لقانون انتخاب مجلس النواب، ويجعل البرلمان مؤسسة وطنية جامعة سواء بقانون النسبية الذي يدعو إليه الرئيس نبيه بري، أم بالقانون الجامع بين النسبي والأكثري كما يدعو الرئيس سعد الحريري وكتلة نواب المستقبل، وهذا يتطلب انكباب مجموعة من اللجان النيابية على توضيح معالم كل من المجلسين، وإحياء لعازر مؤتمر الطائف أي مجلس الشيوخ بعد سباته سبعة وعشرين عاماً.

ومن مفارقات المتحاورين، كما ذكرت بعض المعلومات أن نواباً بالجملة غطوا في النوم في الجلسة الثالثة التي تخلف عن حضورها ميشال عون ووليد جنبلاط، ربما لقناعتهما بأن نقاشات الجلسة رسم على الماء ونفخ في رماد بارد.

بري وقوة الأعصاب
وقد شهد المراقبون للرئيس بري راعي طاولة الحوار بالصبر الجميل وطول الأناة، وكظم الغيظ، ولاسيما حين اعترض رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل على تقديم ملف مجلس الشيوخ على ملف الرئاسة، لأن الطاولة انعقدت في الأساس لبحث موضوع رئاسة الجمهورية، وبهذا الاعتبار انضم حزب الكتائب الى طاولة الحوار، ولو كان يعرف بأن الموضوع الرئاسي مغيّب عن الحوار، لما شارك في الجلسات الثلاث أصلاً.

ومما قاله سامي الجميّل في هذا الخصوص: كيف نذهب الى مواضيع هي مؤجلة أصلاً مثل موضوع مجلس الشيوخ ولا يمكن بتها الآن؟! نحن لا نقبل أن نبدأ بهذه المواضيع ونؤجل الملف الرئاسي. ثم تابع قائلاً: نحن مع اصلاح النظام السياسي وكنا أول من طرحه على بساط البحث، لكن النقاش على طاولة الحوار بهذه التفاصيل، في غياب رئيس جمهورية غلط من حيث المبدأ. هناك في بلدنا مؤسسات ودستورنا يحدد صلاحيات كل مؤسسة ولا مشكلة لدينا في تحويل موضوع اصلاح النظام الى المجلس النيابي. أما ان نبحث في طاولة الحوار في أمور دستورية وتصدر فيها قرارات فهذا مخالف للدستور، وهذا التوجه ترفضه الكتائب.

ثم تناول سامي الجميّل موضوع سلاح حزب الله، حليف الرئيس بري، وقال انه من غير الممكن بحث أي اصلاح في ظل استمرار وجود سلاح غير سلاح الجيش والقوى الأمنية. ولقي الجميّل تأييداً في هذا الطرح من الرئيس فؤاد السنيورة والوزير بطرس حرب، إلا ان الاثنين وجدا ان الأجدى هو مناقشة الحوار حول مجلس الشيوخ.
وحين لوّح الرئيس بري بوقف الحوار لأنه خرج عن النص الوارد في المناقشة، طلب النائب غازي العريضي الكلام وقال للرئيس بري: اسمح لنا يا دولة الرئيس. صحيح ان الحوار جهد قمت به وبادرت إليه لكنه ليس أمراً يعنيك وحدك بل يعنينا جميعاً، كما اللبنانيون، وهو أمر يجب أن نأخذه بعين الاعتبار. فهل نخرج من طاولة الحوار ونقول للبنانيين اننا فشلنا؟ ليس لدينا من وسيلة لمعالجة أزمتنا يا دولة الرئيس إلا الحوار.
وكان هناك رأي بتأييد السلة المتكاملة التي دعا إليها الرئيس بري وهي اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وقانون الانتخاب ومجلس الشيوخ، إلا ان ثمة من اعترض دستورياً على اختيار رئيس الوزراء لأن اختياره يكون من غالبية أعضاء مجلس النواب بعد استشارتهم من قبل رئيس الجمهورية، فأين رئيس الجمهورية حتى يستشير؟

والسؤال الآن: ما هو المأمول في الخامس من أيلول؟!هل يقفز موضوع رئاسة الجمهورية من جديد الى طاولة الحوار، وتعرض الأسماء الحسنى المطلوب ترشيحها لكرسي قصر بعبدا؟ أم ان موضوع سيد قصر بعبدا مؤجل حتى نهاية هذه السنة، بعدما يأتي الى البيت الأبيض رئيس جديد مثل هيلاري كلينتون أو دونالد ترامب، فلا يكون انتخاب رئيس جديد للبنان خارج سياستهما الخارجية؟ كما ان شمس الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تكون مع نهاية السنة قد أشرفت على الغروب، وبان الاسم المؤهل لقيادة فرنسا وسياستها الخارجية.

أي لا رئيس في أيلول، وقبل نهاية السنة، وكل ما يدور حول هذا الموضوع كما قالت مانشيت جريدة لوريان ــ لوجور صباح الجمعة الماضي: <Bla Bla Bla>، أي كلام في كلام.