Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر October 28, 2016
A A A
عوامل قلق تظلّل جلسة 31 تشرين
الكاتب: روزانا بومنصف - النهار

عوامل قلق تظلّل جلسة 31 تشرين وبورصة تأليف الحكومة سريعاً تتراجع
*

تراجعت في الساعات الأخيرة موجة التفاؤل التي حملت على الاعتقاد أن حكومة سريعة سيتم تأليفها برئاسة الرئيس سعد الحريري، لمصلحة استبعاد حصول ذلك في ظل اتصالات بعيدة عن الاضواء ومتسارعة في كل الاتجاهات من أجل تذليل عقدة الرئيس نبيه بري وعقبة الحكومة قبل الذهاب الى جلسة 31 تشرين الاول التي سينتخب فيها من حيث المبدأ العماد ميشال عون. فبعدما كان ثمة تأكيد أن الحكومة العتيدة لن تتحمل انتظارا على غرار الحكومات السابقة التي كانت تتم عرقلتها، فإن إصرار بري على معارضته خطوات ما بعد الانتخاب سيلقي بظلاله على قدرة الرئيس سعد الحريري على الذهاب الى جلسة انتخاب عون من دون حصوله على الضمانات لتأليف حكومة سريعا، وعدم عرقلته بشروط وشروط مضادة تطيح جهوده. والدليل الابرز على اعتزام بري مواجهة الحريري هو إصراره على أن قانون الانتخاب سيكون هو الجهاد الاكبر، فيما سرى أنه تم الاتفاق على الإبقاء على قانون الستين، وعدم نيل الحريري الضمانات لتسهيل تأليف الحكومة ومعارضته من ركيزتي الطائفة الشيعية، باعتبار أن حزب الله سيكون الى جانب الرئيس بري وسيؤمن وصول عون فقط الى الرئاسة وخروجه خالي الوفاض من كل المبادرة التي قام بها. وهذه مسألة لن يكون في مقدور الحريري على تحملها، وخصوصا متى كانت مبادرته أقله حتى الآن لا تتمتع بأي حماية داخلية أو خارجية. فمن جهة كان لافتا جدا ما قاله زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في رثاء الراحل المقدم شريف فياض. إذ قال: “من حسنات القدر أنك رحلت في هذه اللحظة كي لا تشهد المزيد من الانحدار السياسي والاخلاقي، وقبل أن تشهد لبنان الجديد الذي لم نتعوده، ولن”. فيما نقل عن رؤساء بعثات ديبلوماسية مؤثرة في لبنان توجسها الفعلي وعدم ارتياحها الى وصول عون في ظل معادلة ليست متوازنة سياسية وفي ظل خشية البعض أن تبقى التطمينات التي يقدمها عرضة للتشكيك حتى إثبات العكس نتيجة غياب عامل الثقة معه.

التقديرات لدى كل المعنيين وضعت سقفا جديدا لتأليف الحكومة يصل الى ستة أسابيع، نظرا الى أن الامور معقدة، وخصوصا أن المطلعين على موقف رئيس المجلس يجزمون حتى الآن أو حتى إشعار آخر بأنه ثابت على موقفه من عدم رغبته في المشاركة في الحكومة. لكن الامور تبقى رهنا أولا بعودته من جنيف، كما عودة الحريري أيضا، بالاضافة الى عامل طرأ على المشهد السياسي هو وصول الموفد السعودي وزير الدولة للشؤون الخليجية ثامر السبهان الى بيروت في انتظار طبيعة الموقف الذي يحمله، خصوصا أن كثرا من المراقبين توقفوا طويلا أمام الموقف الذي عبر عنه مجلس الوزراء السعودي قبل يومين لجهة الإعلان عن الاستمرار في مكافحة إرهاب “حزب لله” بعد ساعات على توزيع صورة الزيارة التي قام بها العماد ميشال عون للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية من أجل شكره على “النهاية السعيدة” كما قال. لكن مضمون زيارته قد يساهم في تغيير المشهد السياسي بعض الشيء، ولو رمزيا، من خلال استدراك الرياض موقفها من المجريات اللبنانية. وما لم تشهد الأيام القليلة الفاصلة عن جلسة الانتخاب حلحلة ملموسة وتطورات ضامنة نوعا ما، فإن ثمة مخاوف أو علامات استفهام من ألا يكون الاستحقاق المرتقب يحمل انفراجا، بل أن يؤدي الى العكس تماما، أي الى انفجار في السياسة على الأقل. وفي الموازاة، يطاول القلق الديبلوماسي أيضا المخاوف من حصول حادث أمني ما في ظل اقتناع بأن الخيارات التي أدت الى عون ليست خيارات اقتناعية، بل هي قسرية، ومواقف الرئيس بري تثير أكبر علامات استفهام جنبا الى جنب مع افتراقه عن موقف الحزب في الموقف من رئاسة عون الى هذا الحد. ومن هنا بروز تساؤلات عن إجراء الانتخاب على أساس دورة واحدة او دورتين، وما اذا كان النصاب يمكن ان يتعطل في الدورة الثانية على نحو يظل يلقي شكوكا في إمكان حصول عملية الانتخاب.

في المقابل، هناك من يعتقد أن الأمور غدت محسومة على رغم التوجس الخارجي من وصول عون، لأن أحدا ليس مستعدا لدفع أي ثمن في لبنان لقاء أي شيء، فيما لا يمكن الخارج أن يعارض انتخاب رئيس للجمهورية والتدخل لعدم حصوله بعدما دفعوا بقوة في اتجاه حصوله خلال سنتين ونصف سنة من زمن الشغور الرئاسي، وقد نزعت الموافقة السنية الحريرية على وصول عون ورقة اعتراض قوية من أيديهم، فضلا عن أن لا حل آخر يمكن أن يقدمه الخارج للبنان. ولذلك يقول أصحاب هذا الاعتقاد إن معارضة بري ستتم معالجتها بهدوء، إن لم يكن قبل الانتخاب فبعده، لأنه لن يتحمل أن يكون معطلا لتأليف الحكومة على نحو غير مباشر من خلال تغييب المشاركة الشيعية، وإلا فإن رئاسة الحريري للحكومة ستكون من دون جدوى. وعدم رئاسة الحريري سيكون لها محاذيرها على أكثر من مستوى سياسي واقتصادي ومالي لا يستطيع أحد تحمله، إذ ليس انتخاب عون رئيسا ما سيفرج الاجواء في ظل اعتباره انتصارا للمحور الايراني في لبنان وتسليما كليا له، بل ان معادلة انتخاب رئيس مع وجود رئيس حكومة يريح الطائفة السنية ويمكن أن يؤمن تواصلا مع الدول العربية ومع الغرب، هو ما سيساهم في ذلك، اقله في مرحلة “شهر العسل”.